مسألة الهوية في دول الخليج (بين السياسة الراهنة والمقومات المشتركة).
مقدمة :
تخضع مسألة الهوية في دول الشرق الأوسط عامة ودول الخليج خاصة لجملة من الأطر والمحددات، ولعل أبرزها تلك المحددات المتعلقة بطبيعة البناء الاجتماعي والسياسي للمنطقة، لهذا كانت الهوية الخليجية محل اهتمام العديد من الدراسات السياسية والاجتماعية والتي حاولت تفكيك المفهوم من خلال البحث في جملة العوامل المتحكمة في تكوين الهوية الخليجية، وهذا من أجل تصحيح مواطن الخلل وإعادة ضبطها في سياق عام يتناسب والبيئة السياسية والاجتماعية لدول الخليج.
مما تقدم تحاول هذه الدراسة البحث في مسألة الهوية في دول الخليج على مستوى الدولة الوطنية بداية من فكرة القبيلة وتشكل الدولة في المنطقة وكذا محاولة إيجاد هوية جامعة بين دول الخليج العربي، خاصة وأن هذه الدول لها قواسم مشركة كاللغة، الدين والجغرافية المشتركة والتي من شأنها أن تشكل هوية فوق وطنية تتجمع تحت سقفها مجموع دول الخليج العربي.
لمعالجة الموضوع حاولنا طرح تساؤل مفاده إلى أي مدى يمكن الحديث عن نموذج عام لهوية خليجه عربية في ظل الاعتبارات السياسية الحالية؟ وكيف يمكن الاستفادة من المقومات المشتركة للانتقال من مفهوم الهوية التقليدية إلى نموذج الهوية فوق الوطنية في دول الخليج العربي ؟
وللإجابة على إشكالية البحث تٌقدم الدراسة فرضيات مفادها أن بناء هوية مشتركة بين دول الخليج العربي خاضع لجملة المحددات المتعلقة باللغة والدين والجغرافية المشتركة. وفشل بناء هوية فوق وطنية على مستوى دول الخليج راجع بالأساس إلى اعتبارات سياسية وأخرى مصلحيه.
من خلال ما تقدم ستحاول الدراسة معالجة الموضوع وفق مقاربة سوسيو-سياسية وهذا من اجل فهم البنية الداخلية والخارجية المتحكمة في إشكالية الموضوع المتعلقة بالهوية في دول الخليج، كما انه سيتم توظيف المنهج المقارن من اجل الاستفادة من تجارب دول أخرى في معالجة إشكالية الهوية فوق وطنية، كل هذا ضمن العناصر التالية:
أولا- الخليج العربي من القبيلة إلى الدولة
تعد القبيلة لبنة ومكون أساسي للبنية الاجتماعية لدول الخليج حيث أن التحالفات والصراعات القبيلة في الماضي ساهمت في تكوين النخب السياسية الحالية بل وأصبحت القبيلة مصدرا يٌستمد منه شرعية الحكام في هذه الدول[1]. إذ تُعرف القبيلة حسب قاموس أكسفورد على أنها جماعة من الناس يشكلون مجتمعا، ويعلنون أنهم ينحدرون من جد أو سلف مشترك، في حين تم تعرفيها من طرف قاموس العلوم الاجتماعية على أنها نسق من التنظيم الاجتماعي يشمل عدة جماعات محلية مثل القرى والبدنات والعشائر، وتقطن القبيلة إقليما مشتركا وتتحدث لغة واحدةـ، وتسود بينها ثقافة مشتركة وتتركز على مجموعة من العواطف الأولية البدائية[2].
في هذا السياق انقسمت القبائل في الخليج إلى تقسيمات فرعية ، مثل أي نمط قبلي آخر في الشرق الأوسط ،حيث مثلت القبيلة المستوى الأعلى من التنظيم في حين مثلت (العشيرة ،فخذ وبطن) تقسيمات فرعية للقبيلة يختلف ترتيبها الهرمي باختلاف القبيلة والمنطقة، كما أنه تم تناقل هيكل هذه التقسيمات القبلية تقليديًا عبر التاريخ الشفهي ليشكل لنا في الوقت الحاضر موروث غير مادي للمجتمع الخليجي يحدد من خلاله نسب واصل ومكانة كل قبيلة اجتماعيا وسياسيا[3] .
سوسيولجيا، يمكن تفسير فكرة تكون الدولة في منطقة الخليج من خلال منطق “العصبية” عند ابن خلدون سواء(عصبية النسب أو عصبية السبب ) حيث ّ شكلت رابطة الدم والقرابة ( أي ما يعرف بعصبية النسب ) دورا بارزا في تشكل معظم القبائل في منطقة الخليج و الحفاظ على نسيجها الاجتماعي وموروثها الثقافي كما أن هذا النوع من العصبية يمكن أن يعطينا دلالة سياسية واجتماعية عن الطبقة الحاكمة ورمزيتها التاريخية ( العصبة الغالبة أو المسيطرة ) بحيث أن خضوع وخنوع القبائل الصغرى إلى هيمنة وسيطرة القبيلة الكبرى والأقوى هو عامل محدد وأساسي لنشوء هوية قبيلة مشتركة داخل نظام ملكي في المنطقة في حين يمكن أن تُعبر عصبية السبب عن البعد الثقافي الذي تشكل من خلال امتزاج القبائل الكبرى في الخليج مع قبائل وطوائف صغرى نتيجة للعامل الديني، الثقافي وكذا طبيعة العمل التجاري والمصلحة المشتركة خاصة تجارة اللؤلؤ في منطقة الخليج في فترة ما قبل النفط.
لهذا اعتبرت القبيلة السياسية في منطقة الخليج كشكل من أشكال التنظيم الاجتماعي الذي يتعدى مضمونه حيز القبيلة العادية، فهي تعبر عن مجموعة العلاقات المتبادلة بين الأفراد والمبنية على تراتبية القرابة والتي تتحول إلى عناصر إيديولوجية تتحكم في توزيع السلطة السياسية، الأمر الذي أعطى للقبيلة السياسية دورا هاما في عملية تخصيب الذاكرة الجماعية للأفراد بالشكل الذي جعلها تعبر عن عقلية عامة تتماشى وتتكيف مع تطورات الأنظمة السياسية في دول الخليج[4].
و تجدر الإشارة هنا أن مفهوم الدولة بمعناه الحديث لم يتجسد في المجتمعات القبلية في منطقة الخليج، بل كان هناك تماثل ضمني تجسد في سيادة القبيلة كحكومة ، وفي الشيخ ومجلس شورى القبيلة كسلطة. في حين كانت جميع السلطات بيد شيخ القبيلة الذي يعتبر حاكما مطلقا يسير القبيلة كما يشاء باعتباره قائدها، ولم يكن في هذا النظام أجهزة ومؤسسات حكومية بالمعنى الحديث وإنما وجدت في القبيلة مؤسسة إدارية واحدة تساعد الشيخ في تسيير أمور القبيلة والتي تمثلت في مجلس شورى القبيلة الذي يضم رؤساء العائلات في القبيلة وأبناء وأقارب الشيخ والقضاة[5]. كما اعتبر الولاء والالتزام بالقيم والعادات القبلية من بين أهم العوامل المحددة للهوية والاندماج في القبيلة ، ومن هنا نستخلص أن المفاهيم الأوروبية للدولة القومية والسيادة الإقليمية كانت غير قابلة للتطبيق في منطقة الخليج لان طبيعة السياسة القبلية انحصرت في حيز السلطة على الناس وليس على الإقليم[6].
سياسيا، في القرن الثامن عشر والتاسع عشر بدأت الأسر الحاكمة المحلية في كل من( الكويت ،أبو ظبي البحرين، قطر، ودبي) بتوطيد سيطرتها على الحيز الإقليمي للشاطئ الجنوبي للخليج وهذا ما ساعدها في تحديد هوية سكان هذه الأقاليم ، كما استعان شيوخ القبائل في حقبة ما قبل النفط بالحماية البريطانية من أجل توحيد وحماية الإقليم الداخلي لمنطقة الخليج ومع الانسحاب البريطاني عن المنطقة وتجلي فكرة إقامة دولة مستقلة بداية من استقلال الكويت سنة1961 ليتبعه بعد ذلك استقلال الإمارات الأخرى بحلول نهاية عام 1971. أصبح لدى البحرين وقطر تشريع وطني أساسي ، في حين قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بصياغة لوائح خاصة بالجنسية الاتحادية بعد عام من الاستقلال[7]، كما أن معظم سكان هذه الأراضي قد طوروا هوية مع كل من الشيخ الحاكم والأراضي التي سعى إلى السلطة فيها، كل هذا أفضى إلى تشكل دول على شكلها الحالي[8] ، ومع اكتشاف النفط في منطقة الخليج العربي حدثت العديد من التغيرات الاجتماعية انعكست على طبيعة البناء الاجتماعي للمجتمع الخليجي، والتي مست الجوانب المادية للمجتمع دون الجوانب غير مادية أي تحول المجتمع الخليجي من نمط القبيلة إلى نظام الدولة وما صاحبه من تمدن وارتفاع مستويات الرعايا الصحية والاجتماعية والتعليمية إلا أن هذا التغير لم يمس بصورة كلية مجموعة الأفكار والقيم والتصورات القبلية كموروث غير مادي لدى المجتمع الخليجي[9].
وكما اشرنا سابقا رغم أن القبيلة تعتبر مكون أساسي للنسيج الاجتماعي لدول الخليج إلا أنها يمكن أن تشكل عامل مهددا لاستقرار الأنظمة في المنطقة، فعلى سبيل المثال حاولت الدولة في الكويت استغلال القبلية لتحقيق مزيد من السيطرة والاستقرار ولكن في النهاية تعاظم الدور السياسي للقبائل ضد الحكومة ليشكل في آخر المطاف مصدرا لعدم الاستقرار بالنسبة للدولة. نفس الأمر بالنسبة لقطر على الرغم من أن الدولة في قطر أصبحت هي الفاعل السياسي والاقتصادي المركزي في المجتمع إلا أنها لا تزال تدرك مركزية القبائل لهذا تقوم بتشجيعهم على الحفاظ على هوياتهم المميزة وبناء على ما تقدم يمكن أن نفهم، أن استقرار الأنظمة الملكية في دول مجلس التعاون الخليجي يرتبط بأهمية القبيلة من خلال عنصرين . أولهما هو يمكن أن تكون القبائل عناصر نشطة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً على طول الهويات القوية والانقسامات التي قد تؤدي في بعض الظروف إلى تقويض سلطة الدولة المركزية وحتى شرعيتها. ثانيهما أن حدود القبائل في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي لا تقتصر على حدود الدولة القومية ، لأن العديد من هذه القبائل لها أصول ونسب مشتركة مع القبائل في الدول المجاورة[10]، ومن هذا المنطلق أظهرت تجربة ليبيا والعراق واليمن أن الشبكات القبلية يمكن أن تظهر مرة أخرى كجهات فاعلة سياسية عندما تضعف الدولة ، وإن لم تكن بالضرورة تحت سيطرة النخب القبلية القديمة، على الرغم أن هذا الإحتمال غير وارد في دول مجلس التعاون الخليجي، ومع ذلك فإن لحظات الأزمات غالباً ما تستخدم القبيلة كوسيلة ضغط وهذا ما تم توظيفه من قبل المملكة العربية السعودية لتقويض السياسة القطرية من خلال ممارسة نفوذها على القبائل التي تتقاسمها السلالة المشتركة مع القبائل السعودية[11].
ثانيا-مسألة الهوية في دول الخليج
أدى ظهور نظام الدولة في دول الخليج في فترة ما بعد الكولونيالية بين عامي 1961 و 1971 إلى ظهور ارتباط حقيقي بالرموز الوطنية، والشعور الملموس بالانتماء ومحاولة زرع جوهر الهوية الجماعية في الإطار غير الشخصي للدولة[12] .مع مطلع القرن الواحد والعشرين دخلت دول الخليج في القرن الواحد والعشرين مرحلة نضج اكبر في بناء الدولة وهذا عن طريق تعزيز وتقوية المشاريع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي كانت جارية منذ الاستقلال.
غير أن الصراعات الإقليمية والضغوطات الاجتماعية والاقتصادية أصبحت تشكل تحديات جديدة خاصة في ظل عالم يتسم بالسرعة و التغير في شتى المجالات وهذا ما أثر بدوره على مسألة الهوية في الخليج، ونتيجة لهذه التغيرات وجب على دول الخليج الاستمرار في تشكيل هويات وطنية قوية خاصة وان إنشاء مجلس التعاون الخليجي قد مهد الطريق لنمو الهوية الخليجية[13]. كل هذا أكسب الهوية الوطنية أهمية بالغة في عملية بناء الهوية الجماعية بالشكل الذي جعل من قضية الهوية الوطنية في دول مجلس التعاون الخليجي جزءا لا يتجزأ من نفسية المواطن الخليجي ، وهذا ما تمخض عنه تشكل شعور قوي بالهوية لدى هذا الأخير[14].
من منظور بنائي ، تعتبر الهوية الخليجية عنصراً حيوياً في السياسة الخليجية ومحور أي مشروع للتكامل الإقليمي في الخليج، كما تعرف البنائية الإقليمية بأنها نتاج “الوعي الإقليمي ، والشعور المشترك بالانتماء إلى مجتمع إقليمي معين، لهذا يعتمد التكامل شبه الإقليمي على توافق القيم الرئيسية ذات الصلة بصنع القرار السياسي ومن الواضح أن إمكانات وجود هوية إقليمية مشتركة على غرار الهوية الخليجية من شأنه أن ينتج ويضفي سياسات ذات الطابع الإقليمي على القاعدة الشعبية. لهذا ترى البنائية أن الهوية الجماعية تمنح الفاعلين مصلحة في الحفاظ على ثقافتهم، وأن رفاهية الدول تنبثق من المصلحة المشتركة لمجموع الدول التي تملك هوية مشتركة وبالتالي يصبح عامل الرفاهية غاية في حد ذاته ، الأمر الذي سيساعد بدورها على التغلب على مشكلات العمل الجماعي المتأتية من الأنانية (الهوية القومية الشوفينية)[15].
يضاف إلى ما سبق عنصر تجانس المناخ الاجتماعي السياسي في دول الخليج والذي يعتبر لبنة وركيزة أساسية مساعدة في تشكل هوية فوق وطنية في دول الخليج . لأن الهوية الخليجية لا تمثل الثقافة الشعبية العامة والتاريخ والتقاليد والتراث فحسب، بل إنها تكمل أيضاً وجود الهوية السائدة، بل أكثر من ذلك فالهوية الخليجية تعتبر قوة ديناميكية تعزز العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي على مستوى النخبة وعلى مستوى القواعد الشعبية[16] .
تاريخيا، تعاقب الخلافة الإسلامية على منطقة الشرق الأوسط أثر بشكل كبير على عمليات تشكيل الهوية الإسلامية في المنطقة، حيث يعتبر الدين الإسلامي عاملا و عنصرا أساسي لبناء هوية فوق وطنية لدول الخليج العربي هذا لان الهوية الإسلامية لازالت لحد الآن تعتبر مكون قوي لدى الفرد الخليجي لأنها لا تخضع لمنافسة دين آخر داخل السكان الأصليين في ممالك الخليج. ومن جهة أخرى يعتبر الإسلام في معظم دول الخليج مصدرا للتشريع وعنصرا هاما يعبر من خلالها عن الثقافة الوطنية لهذا السبب تؤكد دول مجلس التعاون الخليجي بشكل جماعي أو فردي على مسألة الولاء الإسلامي في بيانات السياسة العامة ، كما أكد الجميع على أن الإسلام هو أحد الدعائم التي تقوم عليها الهوية الوطنية في دول الخليج. إضافة إلى ذلك يمكن أن نلمس هذا الاهتمام من خلال محاولة إثراء التراث الإسلامي وزيادة معتبرة في مسابقات تلاوة القرآن الكريم في الإمارات العربية المتحدة كتعبير ضمني للولاء الإسلامي، كما أن دول مجلس التعاون الخليجي تحترم القيم التقليدية دون الوقوع ضحية للمواقف المتشددة في أماكن أخرى في المنطقة فقد سعت قطر على سبيل المثال ، إلى إظهار الولاء الإسلامي إلى جانب الإصلاحات التعليمية الجذرية التي أعطت منصة مفتوحة إلى حد ما لمقدمي التعليم العالي الأجانب وزيادة استخدام اللغة الإنجليزية في المدارس الحكومية كما افتتح متحف إسلامي رفيع المستوى في الدوحة في ديسمبر / كانون الأول 2008 ، والذي تم على إثره تقديم العديد من القادة العرب وغيرهم من المسلمين دعمهم للبيان الثقافي القيادي لدى القيادة القطرية[17].
نضيف إلى عامل الدين عامل اللغة في تحديد الهوية، يرى بنديكت أندرسون (Benedict Anderson) أن الهوية الوطنية هي نتاج للغة والشعور بالترابط بين الناس الذين لم يلتقوا بعضهم البعض، لكنهم يعرفون أنهم موجودون ولديهم شيء مشترك (أي القدرة على التواصل).[18] ومن هذا المنطلق فالدول الخليجية إضافة إلى متغير القبيلة مازلت توظف عامل اللغة العربية وبالأخص اللهجة الخليجية كأداة للحفاظ على الموروث الثقافي والأدبي للمنطقة وهذا ما عكسته العديد من وسائل الإعلام و المسابقات التي تسعى إلى إحياء مكانة اللغة العربية واللهجة الخليجية من خلال الشعر والأدب الذي يمجد التاريخ الثقافي واللغوي للمنطقة. كل هذه العوامل جعلت من اللغة عاملا أساسيا في بناء وترسيخ الهوية الوطنية داخل المجتمع الخليجي .
يمكن أن نضيف لجملة العوامل السابقة الذكر عنصرين مهمين وهما طبيعة النظام السياسي والاقتصادي لمنطقة الخليج كمحدد لبناء هوية مشتركة. حيث أن التشابه في طبيعة الأنظمة الملكية في المنطقة الخليجية ومصلحتها المشتركة في المحافظة على نظام الحكم الملكي في المنطقة، إضافة أن خمس دول من مجموع ست دول خليجية تتمتع بأنظمة ملكية سنية يشكل عاملا سياسيا محفزا لتعزيز الهوية السياسية المشتركة بشكل أكبر من خلال استراتجيات حكم مماثلة يتم بناؤها على أساس شبكات الحكم والرعاية المتأصلة في الولاءات العائلية والقبلية، كما أن طبيعة الاقتصاد الريعي وامتلاك الثروة النفطية خاصة الكويت، قطر والإمارات المتحدة ساهم في تحقيق التنمية و توفير مستوى عالي للرفاه الاجتماعي الأمر الذي نتج عنه ربط ولاء المواطنين بالدولة بدلا من إثبات الهويات القبيلة أو الطائفية أو الإيديولوجية[19] . ومن جهة أخرى أدى التغيير الناجم عن الثروة النفطية في البداية إلى زيادة هيمنة الدولة على جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية من خلال توزيع الريع النفطي في شكل خدمات تصب في مصلحة المواطن الخليجي بالشكل الذي يضمن زيادة مستوى المواطنة لدى الفرد الخليجي ، لهذا يعتبر تماثل الاقتصاد النفطي في دول الخليج عنصرا محفزا لزيادة مستويات التنسيق على شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية ، حيث لعب عامل النفط دورا بارزا في حماية المنطقة من موجة الربيع العربي وهذا من خلال جملة السياسات المنتهجة من طرف دول الخليج العربي والتي تضمنت فكرة توزيع الثروة بالشكل الذي يرسخ فكرة الهوية الوطنية والولاء للدولة لدى الفرد الخليجي، ويضمن الحفاظ على الأمن الإقليمي والاستقرار الداخلي للأنظمة الملكية الخليجية، في السياق نفسه قامت العديد من دول الخليج بإعادة توزيع الريع في خضم موجة الربيع العربي فقد أعلنت المملكة العربية السعودية عن مجموعة تدابير اجتماعية شملت إنشاء مؤسسات للتأمين عن البطالة، وكذا إنشاء 100000 وظيفة عامة جديدة وتسريع عملية بناء السكن المدعم هذا من جهة، ومن جهة أخرى طالبت المملكة السعودية دول مجلس التعاون الخليجي التصويت من اجل الإفراج الاستثنائي لمليارات الدولارات لمساعدة البحرين وسلطنة عمان للتغلب على أزماتهما السياسية وهذا حتى لا تطال رياح التغير الأنظمة الملكية في المنطقة[20].
في الأخير يمكن أن نوجز جملة العناصر والمقومات المشتركة المكونة للهوية الخليجية :
عناصر الهوية المشتركة لدول الخليج[21].
العناصر | الوصف |
القبلية | تُعبر القبيلة عن مركب حضاري وثقافي لدول الخليج يتم من خلاله تقاسم الثقافة المشتركة ، صلة القرابة والنسب . |
الديانة | يعتبر الدين الإسلامي مصدرا للهوية الدينية ومصدرا للتشريع في العديد من دول الخليج. |
اللغة | تعتبر اللغة العربية هوية لغوية تستمد منها دول الخليج ثقافتهم ولهجتهم المشتركة. |
طبيعة النظام السياسي | دول الخليج تشترك في شكل وطبيعة النظام السياسي . |
الاقتصاد | تعتبر دول الخليج مصدرا هاما للنفط والغاز في العالم . |
Source :Olivier DaLage,L’émergence d’une identité khalijienne-1971-2004.
يلاحظ من خلال الجدول المبين أعلاه جملة القواسم المشتركة والتي من شانها أن تخلق هوية فوق وطنية تمكن دول الخليج لتصبح قوة إقليمية في الشرق الأوسط تحافظ على استقرارها السياسي و أمنها الإقليمي، إلا أن طبيعة السياسات والصراعات الراهنة في الشرق الأوسط خلقت جملة من التحديات والتي أثرت بدورها على عملية التوظيف الأمثل لهذه العناصر بالشكل الذي خلق جملة من النزاعات والخلافات بين دول الخليج العربي خاصة النزاع الأخير والمتعلق بقضية قطر والسعودية، ولمحاولة فهم كيفية بناء هوية فوق وطنية في دول الخليج .
ثالثا- الهوية الأوروبية كوجه للمقارنة
بداية إن مقارنة دول مجلس التعاون الخليجي مع دول الاتحاد الأوروبي كأحد النماذج المعاصرة في مجال خلق هوية فوق وطنية يحتاج من الوقوف على أهم العناصر التي استخدمت لبناء هذه الهوية (المنطقة التاريخية، الدين المشترك ، الأساطير ، الأيديولوجيا- التاريخ المشترك- ثقافة مشتركة -الوحدة الاقتصادية- اللغة-المؤسسات السياسية المشتركة- الرموز المشتركة)، وفي هذا الإطار يرى العديد من الباحثين أن “الوجود الأوروبي كمجتمع سياسي أمر لا شك فيه في حال إذا تخللت الهوية الأوروبية حياة الناس ووجودهم اليومي، كما أن تجربة التكامل الأوروبية وفق منطلق بناء هوية فوق وطنية ، يقودنا إلى محاولة التحقق من عمق أي هوية موجودة في جميع أنحاء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في المستقبل.
لهذا وعلى الرغم من التاريخ المختلف لكل دولة أوروبية ، إلا أن الدول الأعضاء تتقاسم بعض جوانب الثقافة حيث يعمل الأوروبيون دائمًا إلى التأكيد على دور عصر النهضة والإنسانية والتنوير في تطوير وجود ثقافة أوروبية مشتركة ، فضلاً عن الإرث الديمقراطي في الماضي ، كما أن عامل الدين كان له دور أساسي في تطوير الهويات الوطنية ولكن في مجتمع يتسم بالعلمانية والتسامح بشكل متزايد ، لهذا ، فحسب العديد من الباحثين الأوروبيين يعتقدون أن التعاليم المسيحية ساهمت في تطوير ثقافة أوروبية قائمة على الأخلاق المسيحية كل هذا خلق جوانب متشابهة تماما بين الثقافات القومية الأوروبية المختلفة[22].
إلى جانب ذلك يتخذ الاتحاد الأوروبي (الوحدة في التنوع) كشعار له، كما أن هذه الفكرة أصبحت إحدى الأطروحات التي تشجع فكرة الهويات المتعددة تحت مظلة الهوية أروبية فوق وطنية ، في هذا السياق يجادل سميث بأن الناس الذين لديهم أكثر من هوية واحدة والتي تُمكنه أن يكون انجليزيا أو اسكتلنديا و أوروبيا في نفس الوقت يعتبر حافزا لتكوين هوية مشتركة، كما أن تبلور هوية أوروبية ستؤدي في النهاية المطاف إلى تشكل دول أوروبية عظمى ، وعلى العكس من ذلك ستؤدي الهويات الوطنية إلى الرغبة في إقامة دويلات على حسب كل قومية[23].
إضافة إلى هذا استندت عملية بناء هوية مشتركة في أوروبا إلى توظيف منظور حداثي يرتبط أساسا بالهياكل الاجتماعية (مثل الأمة ، والعرق ، والطبقة الاجتماعية ، وما إلى ذلك)، بحيث أصبحت المجموعة الاجتماعية المحددة هي الدعامة الأساسية للهوية وبالتالي فان الأفراد سيندمجون ضمن الهوية الأكثر قبولا والتي تساعدهم على العيش في بيئة محددة نسبيا .ومن جهة أخرى تم تتبع نهج ما بعد الحداثة في عملية بناء هوية مشتركة وهذا من أجل أن تصبح الهويات أكثر مرونة، والأفراد أكثر عرضة لضبط أو حتى تغيير هويتهم وفقا لبيئتهم بمعنى آخر قدرة الأفراد على اختيار هويات مختلفة تمكنهم من العيش والعمل بشكل أكثر فعالية في بيئات مختلفة[24].
كما أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى بلورة نموذج ثقافي قائم على القيم الأوروبية الأساسية والراسخة وتشخيصها على مستوى الممارسات العامة ، بالخصوص مسألة الحوكمة وتشغيل النظام القانوني، بالإضافة إلى وضع آليات يتم فيها تحديد الهوية الأوروبية وهذا من خلال التعرض للخطابات والرموز المؤثرة وتعزيز مبدأ التفاعل مع الآخرين والتوصل إلى إدراك أن هناك الكثير من القواسم المشتركة بينهم ومحاولة بناء ذاكرة جماعية من خلال وضع مشروع بحثي تاريخي يركز على القواسم التاريخية المشتركة مثل الحرب العالميتين وتأثيرهما على القارة الأوروبية، بالإضافة إلى تسويق فكرة الآثار المترتبة عن تكوين هوية الأوروبية مثل مسألة التنقل والسفر والعمل في أي دولة تابعة للاتحاد الأوروبي[25].
رابــــعا- السياسات الراهنة ونموذج بناء الهوية فوق وطنية في دول الخليج .
من أجل فهم السياسات الراهنة في دول الخليج لابد من معرفة أن طبيعة العلاقات رغم تعددها و متانتها هي عُرضة للضغط والاختلاف، حتى وإن شكلت دولتان تحالفاً في مسألة سياسة محددة ، فمن غير المرجح أن يكون لهما نفس الرأي في مجالات أخرى وهذا ما يؤدي إلى علاقات غير متماسكة في المستقبل، وأحسن مثال على ذلك هو طبيعة العلاقات بين المملكة العربية السعودية وقطر، حيث جمع بين الطرفين تعاون سابق إلى حد ما في مسائل مثل الأزمة السورية ، والتدخل البحريني ، أو سياسة أسعار النفط ، في الوقت الذي خاضوا فيه حرباً شبه بالوكالة في مصر لعامي 2011 و 2013، وبالتالي فإنه من غير العملي التحقيق في “الوضع الراهن” وديناميكيات العلاقات بين الدول بشكل عام [26]. لهذا فإن اختلاف وجهات النظر في رسم إطار موحد للسياسة الخارجية لدول الخليج العربي كان له الأثر البالغ في تحديد مستقبل المنطقة ، حيث أشار العديد من الباحثين أن دولة قطر انتهجت سياسة خارجية توسعية وبراغماتية حاولت من خلالها الحصول على دور إقليمي أكبر في منطقة الشرق الأوسط كما ارتبطت قرارات وتداعيات السياسة الخارجية القطرية بشدّة بتنافسها القديم مع المملكة العربية السعودية حول حجم النفوذ الإقليمي للبلدين الخليجيين، وهذا ما أدى إلى حدوث مواجهة مع المملكة العربية السعودية خاصة حول ملفَّي سورية ومصر وقضية الإسلام السياسي[27].
يضاف إلى ذلك أن التوافق السعودي- الإماراتي لعزل دور الدوحة إقليميا اثر الأزمة الأخيرة ودعواها إلى كبح علاقاتها مع إيران ، وإغلاق قناة الجزيرة ، والالتزام إزاء سياساتها الخارجية زاد من حدة الخلاف، في حين يرجح أن جوهر النزاع هو دعم قطر للحركات الإسلامية السياسية ذات الأشكال المختلفة ، خاصة الإخوان المسلمين. وهذا ما قوبل بتوجس إماراتي الإمارات على وجه الخصوص لان الإمارات تعتبر أن جماعة الإخوان المسلمين تشكل تهديداً سياسياً وطنياً لها. كما اتهمت قطر بدعم مجموعة أرادت تنفيذ انقلاب داخل الإمارات العربية المتحدة في عام 2013[28]، كلها عوامل ساهمت في إطالة زمن الصراع عكس الخلاف الذي تم حله في سنة 2014.
إن هذا النوع من النزاعات يمكن أن يحدث تفككا وتشرذما في عملية بناء الهوية فوق وطنية لدول الخليج بالشكل الذي يقضي على هوية خليجية ويحولها إلى هوية قُومية شوفينية داخل حدود الدولة الوطنية (كويتي، سعودي ، قطري…الخ). لذا فان وحدة وأمن دول الخليج تقتضي تفعيل المقومات المشتركة( الإرث التاريخي، اللغة ، الجغرافيا ، الدين ..) لخلق هوية مشركة بالشكل الذي يٌنشأ هوية خليجية لدى الفرد الخليجي(أي انتقال الفرد من تعريف نفسه بهوية إقليمية إلى فكرة تعريف نفسه بهوية خليجية) بمعنى أخر عملية خلجنة (Gulfnisation ) هوية المجتمع وهذا ما سيقدم دفعا إضافيا لتطوير للتطوير المؤسساتي لمجلس التعاون الخليجي[29].
كما أن محاولة إنشاء حيز للثقافة المشتركة للدول الخليج من منظورها الانثروبولوجي الذي يشير إلى مجمل أساليب المعيشة في حياة الشعب اليومية التي تشمل بين عناصرها المترابطة في نسيج متكامل الرؤية العامة والقيم والمبادئ والمفاهيم والتقاليد والعادات والمعتقدات والمقاييس والمعايير والأعراف والقوانين والأمثال والمناقب الأخلاقية والقواعد السلوكية اليومية بمعناها الحضاري من شأنه أن يحدد ويُوحد البنى الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لدول الخليج العربي بالشكل الذي يرسخ الهوية الخليجية بعيدا عن سياسة الإقصاء أو الحد من التعددية والتنوع في الانتماءات الخاصة آو محاولة فرض ثقافة الأكثرية على الأقليات بل محاولة توظيف البنى الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بالشكل الذي يخلق لنا هوية مشتركة تتجاوز حدود الدولة الإقليمية[30] ، بالشكل الذي تنصهر فيه الهويات القومية لدول الخليج في إطار هوية جماعية لتصبح بذلك الهوية الأعلى مقاما والمهيمنة على سائر الهويات الفرعية أي محاولة بناء أمة خليجية يصب فيها الاهتمام على الجوانب الثقافية ذات الصلة باللغة المشتركة(اللهجة الخليجية ) والعادات والتقاليد وتعزيز وسائل الاتصال الجماعي بغية إيجاد شعور عام بهوية مشتركة [31]. يضاف إلى ما سبق عنصرين أساسين لعملية بناء هوية فوق وطنية :
أ- ما بعد الوطنية كأساس للهوية فوق الوطنية: ترتبط الهوية الوطنية بمكونات الوطن الفكرية من معتقدات ولغة وقيم وعادات وتقاليد وكافة الجوانب الثقافية التي تحدد طريقة التفكير والسلوك عند الفرد والجماعة وتعطيهم في الوقت نفسه هويتهم الحضارية المتميزة[32].
لذلك تنطلق فكرة ما بعد الوطنية من الرغبة في تجاوز الهويات الذاتية الشوفينية والمتطرفة والتي تغذي كراهية الآخر في هذا الإطار يرى (هابرماس) إن فكرة ما بعد الوطنية تتجاوز الإطار الإقليمي إلى ما بعد الوطني حيث يرتبط المواطنون وراء انتماءاتهم العاطفية بمبادئ قانونية وبقيم أخلاقية كونية وهما ما يمكنهم من إرساء بنية فعالة لهوية سياسية متحررة من تحديدات القبيلة والهوية وعليه فان الهوية فوق الوطنية ليست معطى بل هي فكرة لابد أن يٌؤسس لها وفق إطار يفعل فيه المقومات المشتركة[33] .
في نفس السياق يشير محمد عابد الجابري أن الهوية الثقافية لها ثلاث مستويات (الفردية، جمعوية ووطنية قومية ) وعموما تتحرك الهوية الثقافية على ثلاث دوائر متداخلة ذات مركز واحد فالفرد داخل الجماعة يعبر عن هوية انعكاس لهوية داخل الجماعة المنتمي إليها سواء كانت قبيلة أو طائفة ..الخ ونفس الأمر بالنسبة للجماعات داخل حيز الأمة بحيث تصبح لكل جماعة هوية مميزة داخل الهوية المشتركة من هذا المنطق يمكن أن تصنع هوية فوق وطنية لدول الخليج تتمازج فيها هوية كل دولة وفق منظور عام يعكس المصلحة المشتركة لهذه الدول[34].
ب- إنشاء برلمان خليجي .
من الناحية السياسية تكتسب الهيئات التشريعية أهمية بالغة في بعض دول مجلس التعاون الخليجي، هذا لان السلطة التشريعية تعكس جوهر فكرة الدولة التي تتجسد من خلالها الهوية الوطنية ، كما يمكن للهيئة التشريعية أن تمثل قوة مؤسسية في مواجهة الهويات الأخرى غير التابعة للدولة مثل الدين أو القبيلة.
تعتبر الكويت المثال الأكثر تقدماً لسلطة البرلمان في مجلس التعاون الخليجي ، والذي تأسس في عام 1963 ،حيث اعتبرت “التجربة البرلمانية” التي أطلقتها الكويت مثال واضح لمحاولة لسد الفجوة بين القيادات السياسية في العالم العربي وبشكل أساسي المجتمعات القبلية ، وأن “تطوير الهيئات الدستورية يعني في النهاية كسر الروابط القبلية والأسرية واستبدالها بإحساس بالانتماء إلى المفهوم الأوسع للدولة[35].
يضاف إلى ذلك أن الهيئة التشريعية في دول الخليج يمكن أن تضمن المشاركة السياسية لجميع الطوائف والقبائل المتواجدة في المنطقة بالشكل الذي يحدث توافق اجتماعي داخل الدولة وهذا ما سينتج عنه إعادة تشكل وبناء الهوية بالمفهوم الحديث للدولة ، والذي من خلاله يمكن أن يؤسس لفكرة برلمان خليجي على شاكلة البرلمان الأوروبي والذي سيتم بموجبه تأسيس لعقد اجتماعي جديد بين دول الخليج تتشارك في جميع الأطراف كهوية خليجية واحدة.
خاتمـــــــــــة
نستنتج في الأخير أن مسالة الهوية أصبحت تشكل أحد أبرز التحديات السياسية والاجتماعية التي ينبغي معالجتها وفق أطر ومقاربات حديثة يراعى فيها طبيعة النسيج الاجتماعي للمنطقة و تُفعل المقومات المشتركة السابقة الذكر في إطار مؤسسي يحترم سيادة وخصوصيات كل دولة، وكما أشرنا في فحوى هذه الدراسة أن إمكانية تجسد هوية فوق وطنية في دول الخليج من شأنه أن يزيد من فرص التعاون والتنمية ويحفظ السلام والأمن بالشكل الذي يقضي على سلسة النزاعات الناشئة بين هذه الدول. ومن جهة أخرى يمكن لدول الخليج أن تستفيد من تجربة دول الاتحاد الأوروبي خاصة في عملية وضع آليات يتم فيها تحديد الهوية الخليجية وهذا من خلال التعرض للخطابات والرموز المؤثرة ومحاولة بناء ذاكرة جماعية من خلال وضع مشروع بحثي تاريخي يركز على القواسم التاريخية المشتركة بين دول الخليج ( الإرث القبلي ، حرب الخليج …)، وتعزيز مبدأ التفاعل مع الآخرين والتوصل إلى إدراك أن هناك الكثير من القواسم المشتركة التي تخدم المصلحة العامة لشعوب المنطقة.
كما أن محاولة إعادة بعث الهوية المشتركة في شكل قيم و محددات اجتماعية جديدة قائمة على فكرة التاريخ ،اللغة ،الديانة والجغرافيا المشتركة ترسخ مفهوم الهوية فوق وطنية لدول الخليج ، بالشكل الذي يعزز مكانة المصلحة المتبادلة بعيدا عن الترويج لفكرة الهويات الشوفينية المساهمة في عملية الانقسام والتشرذم.
بالإضافة إلى مأسسة المشاركة السياسية وتعزيز فكرة ما بعد المواطنة من خلال إنشاء برلمان خليجي مشترك على شاكلة البرلمان الأوروبي يتم من خلاله الترويج لفكرة الهوية فوق وطنية في شكل مؤسسي بالشكل الذي يَصهر الهوية القبلية في حيز الهوية الوطنية ومن ثَمَ بناء هوية خليجية مشتركة . ومن جهة أخرى يمكن أن يشكل البرلمان خليجي إحدى أهم الآليات التي تعمل على حل النزاعات الداخلية والخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي .
المراجع العربية:
– أبوعلية عبد الفتاح حسن ، دراسات في تاريخ الجزيرة العربية الحديث والمعاصر، (الرياض:دار المريخ،1987).
– النقيب خلدون ، صراع القبيلة والديمقراطية: حالة الكويت، الطبعة01، (بيروت: دار الساقي،1996).
– بركات حليم ، المجتمع العربي المعاصر بحث في تغير الأحوال والعلاقات ،الطبعة2،( بيروت:مركز دراسات الوحدة العربية ، يوليو2009).
– يسين السيد وآخرون،العرب والعولمة، الطبعة 3، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية،ابريل2000).
– علي مجيد حسام الدين وآخرون، أزمة الدولة في الوطن العربي،الطبعة1، (بيروت:مركز دراسات الوحدة العربية ، يوليو2011).
– الكندري يعقوب يوسف ، ” القبيلة والمفاهيم السياسية في المجتمع الخليجي المعاصر المجتمع الكويتي مثلا“، مجلة عمران، العدد15، (شتاء 2016).
– القاعود ابراهيم عبد القادر و القاعود رياض صالح عبد القادر ، “المخاطر التي تهدد الهوية والوطنية من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس في جامعة اليرموك وكيفية التصدي لها”، مجلة الرواق، العدد9، ( ديسمبر 2017).
– الشاوي علي عبد الهادي ، “الولاء القبلي في الخليج العربي: حالة قطر”، شؤون اجتماعية، العدد212، (ربيع 2014).
– طارق حسن ، “الدولة الوطنية بعد الثورات جدل الايدولوجيا والهوية: من تطابق الدولة والأمة إلى دولة المواطنين”، سياسات عربية، العدد9، (يوليو 2014).
– خداوي محمد، القبيلة،الأحزاب والانتخابات في ظل التعددية في الجزائر، أطروحة دكتوراه، (جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان: كلية العلوم الانسانية والعلوم الاجتماعية،2013-2014 ).
المراجع الأجنبية:
– Alexander Wendt ,Social Theory of International Politics,( New York: Cambridge University Press , 2003).
– Gianluca P. Parolin, Citizenship in the Arab World Kin, Religion and Nation-State(AMSTERDAM: AMSTERDAM UNIVERSITY PRESS IMISCOE Research, 2009).
-KRISTIAN COATES ULRICHSEN, Insecure Gulf The End of Certainty and the Transition to the Post-Oil Era, )United States of America: Oxford University Press(.
-Luke Stanley, Supra-national identity: the solution to the European Union’s Crisis of legitimacy ? (London: The Bruges Group, February 2013).
-Moshe Gammer,Community,Identity and the state comparing Africa,Eurasia, Latin America and the middle East( NEW York: routledg group, 2004).
– Neil Partrick , Nationalism in the Gulf States,) Kuwait: Programme on Development, Governance and Globalisation in the Gulf States,the center for the study of global governanace,October 2009(.
– UROS PINTERIC, National and Bupranational Identity in context of the European integration and globalization ,( SLOVENIA: University of Ljubljana,2003).
– Ali M. Al-Khouri, The Challenge of Identity in a Changing World: The Case of GCC Countries, CONFERENCE PROCEEDINGS: THE 21ST-CENTURY GULF: THE CHALLENGE OF IDENTITY, U.K: UNIVERSITY OF EXETER,( 30 JUNE – 3 JULY 2010).
-Gaith Abdulla, Khaleeji Identity in Contemporary Gulf Politics, Gulf Affairs, University of Oxford :Oxford Gulf & Arabian Peninsula Studies Forum (Autumn 2016).
– Magdalena Karolak, Identity and Culture in the 21st Century Gulf, Gulf Affairs, University of Oxford :Oxford Gulf & Arabian Peninsula Studies Forum, (Autumn 2016).
-Scott J. Weiner, Kinship Politics in the Gulf Arab States, )Washington:Arab Gulf States Institute in Washington, July 22, 2016(.
[1] – علي عبد الهادي الشاوي، “الولاء القبلي في الخليج العربي: حالة قطر”، شؤون اجتماعية، العدد212، (ربيع 2014)، ص3.
[2] – خداوي محمد، القبيلة،الأحزاب والانتخابات في ظل التعددية في الجزائر، أطروحة دكتوراه، (جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان: كلية العلوم الانسانية والعلوم الاجتماعية،2013-2014 )، ص151.
[3] -Scott J. Weiner, Kinship Politics in the Gulf Arab States,) Washington:Arab Gulf States Institute in Washington, July 22, 2016(,P.04.
[4] -خلدون النقيب، صراع القبيلة والديمقراطية: حالة الكويت، الطبعة01، (بيروت: دار الساقي،1996)، ص19.
[5]-عبد الفتاح حسن أبوعلية، دراسات في تاريخ الجزيرة العربية الحديث والمعاصر، (الرياض:دار المريخ،1987 )، ص11.
[6] –Moshe Gammer,Community,Identity and the state comparing Africa,Eurasia, Latin America and the middle East( NEW York: routledg group, 2004),p.160.
[7] – Gianluca P. Parolin, Citizenship in the Arab World Kin, Religion and Nation-State(AMSTERDAM UNIVERSITY PRESS :IMISCOE Research, 2009),p.90.
[8] – Neil Partrick , Nationalism in the Gulf States,) Kuwait: Programme on Development, Governance and Globalisation in the Gulf States,the center for the study of global governanace,October 2009(,p.03.
[9] – يعقوب يوسف الكندري، ” القبيلة والمفاهيم السياسية في المجتمع الخليجي المعاصر المجتمع الكويتي مثلا“، مجلة عمران، العدد15، (شتاء 2016)، ص52.
[10] -Maryam Al-Kuwari, Tribal Revival in the Gulf:A Trojan Horse or aThreat to National Identities?, LSEMiddleEast Centre ,13 June 2018, http://blogs.lse.ac.uk/mec/2018/08/31/tribal-revival-in-the-gulf-a-trojan-horse-or-a-threat-to-national-identities.
[11] – Steffen Hertog , The political Decline and social Rise of Tribal Identity in the GCC, middle east center blog,the London school of Economics and Political Science, 25/07/2018:http://blogs.lse.ac.uk/mec/2018/07/25/the-political-decline-and-social-rise-of-tribal-identity-in-the-gcc/.
[12] -Kristian Coates Ulrichsen, Insecure Gulf The End of Certainty and the Transition to the Post-Oil Era, )United States of America: Oxford University Press( ,P. 34.
[13] – Magdalena Karolak, Identity and Culture in the 21st Century Gulf, Gulf Affairs, University of Oxford :Oxford Gulf & Arabian Peninsula Studies Forum, (Autumn 2016).p. Vi.
[14] – Ali M. Al-Khouri, The Challenge of Identity in a Changing World: The Case of GCC Countries, Conference Proceedings: THE 21ST-Century Gulf: The challenge of identity, U.K: University OF Exeter,( 30 JUNE – 3 JULY 2010), P.04.
[15]– Alexander Wendt, Social Theory of International Politics,( New York: Cambridge University Press , 2003),P.337.
[16] -Gaith Abdulla, Khaleeji Identity in Contemporary Gulf Politics, Gulf Affairs, University of Oxford :Oxford Gulf & Arabian Peninsula Studies Forum (Autumn 2016),P.03.
[17] -Neil Patrich, ibid.,p.16.
[18] – UROS PINTERIC, National and Bupranational Identity in context of the European integration and globalization ,( SLOVENIA: University of Ljubljana,2003),p. 404.
[19] – جيفري مارتيني وآخرون، “آفاق تعاون بلدان الخليج العربي “، كاليفورنيا”2016، https://www.rand.org
[20] – Laurence Louër, les monarchies du golfe face au printemps arabe, Septembre 2011, http://www.ceri-sciences-po.org .
[21] -Olivier DaLage,L’émergence d’une identité khalijienne-(1971-2004), 2005 ,http://mapage.noos.fr/odalage/autres/identite.html .
[22] -Luke Stanley, Supra-national identity: the solution to the European Union’s Crisis of legitimacy ? (London: The Bruges Group, February 2013),p. 08.
[23] – Ibid., p10.
[24] – Uros Pinteric ,Ibid., p.406.
[25]-EUROPEAN COMMISSION, the development of european identity identities: unfinished business,2012, http: //www.ec.europa.eu.
[26] – Máté Szalai, The Alliance dilemma of the Gulf States after the Obama presidency,Corvinus Journal of international Affairs,2017, http://unipub.lib.uni
[27] – لينا الخطيب، “سياسة قطر الخارجية وموازين القوى في الخليج”، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، 11 سبتمبر 2014، https://carnegie-mec.org/2014/09/11/ar-pub-56584
[28] – Jane Kinninmont, one year on gulf split is here to stay,House the royal institute of international Affairs,5 june2018, https://chathamhouse.org/expert/comment/one-year-gulf-split-here-stay.
[29] – جيفري مارتيني، مرجع سابق، ص46.
[30] – حليم بركات، المجتمع العربي المعاصر بحث في تغير الأحوال والعلاقات ،الطبعة2،( بيروت:مركز دراسات الوحدة العربية ، يوليو2009)،ص72.
[31] – حسام الدين علي مجيد وآخرون، أزمة الدولة في الوطن العربي،الطبعة1، (بيروت:مركز دراسات الوحدة العربية ، يوليو2011)، ص294.
[32] – ابراهيم عبد القادر القاعود ورياض صالح عبد القادر القاعود، “المخاطر التي تهدد الهوية والوطنية من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس في جامعة اليرموك وكيفية التصدي لها”، مجلة الرواق، العدد9، ( ديسمبر 2017)، ص58.
[33] – حسن طارق، “الدولة الوطنية بعد الثورات جدل الايدولوجيا والهوية: من تطابق الدولة والأمة إلى دولة المواطنين”، سياسات عربية، العدد9، (يوليو 2014)، ص80.
[34] – السيد يسين وآخرون،العرب والعولمة، الطبعة 3، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية،ابريل2000)، ص298.
[35] – Neil Partrick ,ibid.,p.24.
This post has already been read 261 times!