تخطو قطر “الإمارة الصغيرة في الخليج العربي” خطوة جديدة في طريق تعزيز مبادئ الحكم الرشيد والشراكة بين الحكومة والشعب في العقد الاجتماعي وتعزيزه بما يتواكب مع تطورات المشهد العالمي في أساليب السياسة والحكم، في محيط عربي وإقليمي يعاني من تداخل الديمقراطية وغياب مفاهيم الحكم الشعبي وتطبيق أساليب الحكم الرشيد.
الخطوة القطرية المقصودة مثلها قرار البلاد بجعل مجلس الشورى فيها منتخبًا بشكل مباشر من الشعب بعد إعلان أمير قطر سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في نهايات العام المنصرم أن الدوحة ستقوم بإجراء انتخابات المجلس مع انتهاء الاستعدادات اللازمة في أكتوبر تشرين أول 2021.
تسلسل وخطوات مدروسة:
يمثل مجلس الشورى الهيئة التشريعية للبلاد حيث يناط به مناقشة ما يحال له من الوزارة كمشروعات القوانين وسياسة الدولة العامة والموازنات الماليّة لإبداء التوصيات المناسبة.. ليشكل نسخة قطرية عن البرلمانات المعاصرة بصيغة خاصة بالإمارة.
مجلس الشورى يأتي مكملًا لخطوة الدستور الدائم للإمارة الذي صوّت عليه القطريون عام 2003 باستفتاء شعبي عام بعد جهود الخبراء والقانونيين في صياغته من عام 1998 وصدر عام 2004.. حيث تمخض عن الدستور تحديد السلطات التشريعية بمجلس الشورى.. فاشتملت المادة 76 من الدستور القطري التأكيد على تولي مجلس الشورى سلطة التشريع وإقرار الموازنة العامة (ليس إعداد) وممارسة الرقابة على السلطة التنفيذية وفق أحكام الدستور.
كما حددت المادة 77 من الدستور تقسيم المجلس وتبيان عدد أعضاءه المحددين بـ 45 عضوًا ينتخب ثلثاهم (30 عضو) عن طريق الاقتراع الشعبي ويعين أمير البلاد الثلث المتبقي (15 عضو) من الوزراء أو غيرهم.
لكن بقي أعضاء مجلس الشورى يعينون من قبل الأمير حتى نهاية أكتوبر تشرين أول 2019 حينها صدر مرسوم أميري بإنشاء “لجنة عليا تحضيرية لانتخابات مجلس الشورى” تستهدف تحويل المجلس من معين إلى منتخب (وتحقيق مواد الدستور الآنفة الذكر).. ووفق القرار الأميري؛ يترأس رئيس مجلس الوزراء القطري اللجنة التحضيرية العليا، إضافة إلى عضوية عدد من الوزراء والمختصين.
نذكر هنا أن عام 2017 شهد – ولأول مرة – قرارًا أميريًا بتعيين أربع سيدات في مجلس الشورى.. كما أن تجربة الانتخابات في قطر ليست بدايتها مع مجلس الشورى إذ هناك المجلس البلدي الذي سبق وأجريت جولته الانتخابية السادسة في 2019 حيث يتكون المجلس البلدي من 29 عضو من 29 دائرة انتخابية ينتخبون لأربع أعوام ميلادية.
الأهمية والدلالات:
تحمل قضية انتخابات مجلس الشورى خصوصًا ومسألة الانتخابات والمشاركة الشعبية السياسية عمومًا؛ تحمل أهمية خاصة في قطر وفي بقية مناطق الخليج العربي.. وهنا يتوجب التأكيد على نقطة مهمة تتعلق بطبيعة العلاقة بين السلطات والشعب في عموم الخليج وطبيعة الوفرة المالية التي تساعد الحكومات على دعم نوع من الاستقرار المجتمعي يؤخر ويبعد أي تحركات شعبية محتملة تتعلق بقضايا مثل الديمقراطيات دون نسيان قضية التوازن الديمغرافي وانخفاض نسبة المواطنين مقاربة بعدد السكان من العمالة الوافدة.
بالنسبة للدوحة فلابد من الوقوف أمام متغيرين رئيسيين لمحاولة تحديد أهمية خطوة انتخابات مجلس الشورى المبنية على تجربة انتخاب المجلس البلدي وتعهدات السلطات السابقة بإجراء انتخابات الشورى التي أجلت لأسباب عديدة:
- مسألة المتغيرات الإقليمية والعالمية بين ثورات وأزمات وتوترات يضاف لها الأزمة الخليجية الأخيرة التي ابتدأت عام 2017 وتركت أثرًا في مقاربات الدوحة الداخلية منها والخارجية.
- عطفًا على المتغيرات السابقة فإن تحركات قطر وسياستها الخارجية ورغبتها بتحصين سيادتها ولعب أدوار إقليمية أكبر؛ يوجب عليها القيام بخطوات إصلاحية تعزز بنية الداخل عبر رفع مستوى المشاركة الشعبية السياسية والتي يمثلها عمليات انتخابية كالمجلس البلدي ومجلس الشورى (أكدت ذلك تصريحات رسمية).
كانت مبررات التأجيل الأخيرة لانتخابات مجلس الشورى مفسرة على لسان أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد الذي أعلن في افتتاح الدورة الـ 46 لمجلس الشورى، منتصف نوفمبر تشرين ثاني عام 2017، أن الحكومة تقوم بالإعداد لانتخابات مجلس الشورى؛ “بما في ذلك إعداد مشروعات الأدوات التشريعية اللازمة على نحو يضمن سير هذه الانتخابات بشكل مكتمل”. حينها أكد الأمير أن الهدف من ذلك تجنب الحاجة إلى التعديل في كل فترة، فثمة نواقص وإشكاليات قانونية لا بد من التغلب عليها ابتداءً لكي تكون انتخابات مجلس الشورى منصفة”.
ومع افتتاح أعمال الدورة العادية لمجلس الشورى الـ 48، في الـ 3 من نوفمبر 2020، أعلن الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، موعد إجراء أول انتخابات نيابية خلال أكتوبر 2021.. حيث تحدث الشيخ تميم عن نية الدوحة تحويل مجلس الشورى إلى مجلس “منتخب”، لأول مرة في تاريخ البلاد، مع تمديد أعمال المجلس الحالي إلى عام 2021؛ لإتمام الإجراءات الدستورية لإجراء الانتخابات.
الهيئة التشريعية المنتظرة تتولى صياغة ومناقشة التشريعات المقترحة مع التصويت عليها (دستوريًا؛ لا تصبح نافذة دون أغلبية الثلثين وتصديق الأمير).. لكن خطوة الانتخاب لمجلس الشورى في حد ذاتها تعتبر نقلة نوعية في البلاد بسبب:
- انتظار الشارع القطري –بشكل ما– لهكذا قرار في ظل تداخل الأزمات الإقليمية والدولية ليملئ المجلس فراغًا في المجال العام.
- العملية الانتخابية ستعزز انتشار ثقافة جديدة في البلاد –ثقافة الانتخابات– التي يسيطر فيها الولاءات القبلية والمحسوبيات العائلية.
- الدور المناط بالمجلس وصلاحياته –رغم ضعفها– حيث يعزز مراقبة تنفيذ القوانين والقرارات وما يرتبط بمجلس الوزراء.
ممارسات وأدوار:
يتألف مجلس الشورى من 45 عضوًا (في الانتخابات المقبلة سيختار القطريون الثلثين) وتنحصر اختصاصات المجلس بما يلي:
1. مناقشة مشروعات القوانين، والمراسيم بقوانين، التي تُحال إليه من مجلس الوزراء.
2. مناقشة السياسة العامة للدولة في النواحي السياسية والاقتصادية والإدارية، التي تُحال إليه من مجلس الوزراء.
3. استعراض ونقاش شؤون الدولة في المجالات الاجتماعية والثقافية بوجه عام سواءً نظرها من تلقاء نفسه أو أُحيلت له من مجلس الوزراء.
4. مناقشة مشروع ميزانية المشروعات الرئيسية العامة.. وكذلك مشروع ميزانية المجلس وحسابه الختامي.
5. متابعة أنشطة الدولة وإنجازاتها في جميع المسائل، سواءً قد أُحيلت إليه من مجلس الوزراء، أم من تلقاء نفسه.
6. توجيه الأسئلة للوزراء بقصد استيضاح أمر مُعين يتعلق بشأن من الشؤون التي تدخل في اختصاصه.
7. طلب البيانات عن المسائل الداخلة في اختصاصه من مجلس الوزراء بالنسبة للمسائل المتصلة بالسياسة العامة للحكومة، ومن الوزير المختص بالنسبة للمسائل التي تدخل في اختصاص وزارته.
8. تقديم الاستجوابات وطرح الثقة في الوزراء.
9. أخيرًا؛ تقديم التوصيات، وإبداء الرغبات في المسائل المُشار إليها في الفقرات السابقة.
دور انعقاد المجلس يمتد لثمانية أشهر في السنة على الأقل.. حيث لا يجوز فض دور الانعقاد قبل اعتماد موازنة الدولة. ويعقد مجلس الشورى دور انعقاده السنوي العادي بدعوة من الأمير خلال شهر أكتوبر من كل عام. حيث يفتتح الأمير -أو من ينيبه- دور الانعقاد السنوي لمجلس الشورى ويلقي فيه خطابًا شاملًا يتناول فيه شؤون البلاد.
كما يدعو أمير البلاد “بمرسوم” مجلس الشورى لاجتماع غير عادي في حالة الضرورة، أو بناء على طلب أغلبية أعضاء المجلس، ولا يجوز في دور الانعقاد غير العادي أن ينظر المجلس في غير الأمور التي دعي من أجلها.. وتكون دعوة مجلس الشورى للانعقاد في أدواره العادية وغير العادية وفضها بمرسوم.
وقد حدد الدستور القطري أنه لكل عضو من أعضاء المجلس حق اقتراح القوانين، ويحال كل اقتراح إلى اللجنة المختصة في المجلس لدراسته وإبداء الرأي بشأنه، وعرضه على المجلس بعد ذلك، فاذا رأى المجلس قبول الاقتراح أحاله إلى الحكومة بعد وضعه في صيغة مشروع قانون لدراسته وإبداء الرأي بشأنه وإعادته للمجلس في دور الانعقاد ذاته أو الذي يليه.
استجواب الوزراء:
كما أنه لكل عضو من أعضاء مجلس الشورى أن يوجه استجوابا إلى الوزراء في الأمور الداخلة في اختصاصاتهم، ولا يجوز توجيه الاستجواب إلا بموافقة ثلث أعضاء المجلس، ولا تجرى مناقشة الاستجواب إلا بعد عشرة أيام على الأقل من توجيهه، إلا في حالة الاستعجال وبشرط موافقة الوزير على تقصير المدة.
وكل وزير مسؤول أمام مجلس الشورى عن أعمال وزارته، ولا يجوز طرح الثقة عن الوزير إلا بعد مناقشة استجواب موجه إليه، ويكون طرح الثقة بناء على رغبته أو طلب موقع عليه من خمسة عشر عضوا، ولا يجوز للمجلس أن يصدر قراره في هذا الشأن قبل عشرة أيام على الأقل من تاريخ تقديم الطلب أو إبداء الرغبة، ويكون سحب الثقة من الوزير بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس.
ويعتبر الوزير معتزلا الوزارة من تاريخ قرار سحب الثقة. بيد أنه لا تجوز مؤاخذة عضو المجلس عما يبديه أمام المجلس أو لجانه من آراء أو أقوال بالنسبة للأمور الداخلة في اختصاص المجلس.. كما لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس الشورى وتولي الوظائف العامة وذلك فيما عدا الحالات التي يجوز فيها الجمع وفقاً للدستور.
مثال عن ممارسات مجلس الشورى القطري (في نسخته المعينة من قبل الأمير) قيام المجلس بدور رقابي في إقرار قانون إنشاء المدينة الإعلامية في قطر.. حيث استمرت المداولات عام 2018 لمدة ثلاثة أشهر في كواليس المجلس ليقرر القانون الذي منح تسهيلات كبيرة للشركات الإعلامية.
تلك التسهيلات تسببت بجدل ورفض بعض أعضاء المجلس لمشروع القانون حيث اعتبر نواب تلك التسهيلات بلا مبرر خصوصًا في قضايا الإعفاءات الضريبية والجمركية وما إلى ذلك..
مواقف واستعدادات:
أبدت دول وهيئات عالمية رسمية ارتياحها لقرار اجراء انتخابات مجلس الشورى بعد إعلان أمير البلاد الشيخ تميم تلك الخطوة فأشاد الأمين العام للأمم المتحدة على إعلان إجراء انتخابات مجلس الشورى في تشرين الأول أكتوبر.
بدورهم، أثنى سبعة نواب فرنسيين بقرار أمير قطر إجراء الانتخابات في عريضة نشرتها مجلة لوبوان الفرنسية؛ مؤكدين أن الخطوة تقدم ديمقراطي لا يمكن تجاهلها.
هذا وكانت قد أعلنت الداخلية القطرية اتخاذ إجراءات عدة لضمان نزاهة أول انتخابات برلمانية وقال مدير إدارة الشؤون القانونية بالوزارة، العميد “سالم صقر المريخي”، إن الإجراءات تضمنت منع التمويل الخارجي للمرشحين لانتخابات مجلس الشورى.. وإقرار عقوبة صارمة على شراء الأصوات، دون أن يوضح حينها العقوبة.
تجربة انتخابية سابقة:
تعتبر انتخابات المجلس البلدي المركزي هي التجربة الأولى للشارع القطري مع الانتخابات والمشاركة الشعبية السياسية والتي مهدت لانتخابات مجلس الشورى الذي سيكون بمثابة برلمان البلاد.
عرفت الدوحة أول مجلس بلدي في بدايات خمسينات القرن العشرين.. لكنها لم تشهد انتخابات مباشرة له إلا في نهايات عام 1999 التي شارك فيها الرجال والنساء واعتبرتها السلطات خطوة تمهيدية لانتخابات مجلس الشورى.
يتألف المجلس البلدي من 29 عضو يمثل 29 دائرة انتخابية تحتوي أكثر من 242 منطقة من عموم الإمارة؛ ويعتبر المجلس مستقلًا قائمًا بمسؤولياته دون أي تدخل من أي أجهزة في الدولة ويعبر أعضاؤه عن آراءهم بحرية ولمدة أربع سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له.
تتمثل مهام المجلس البلدي – وفق القانون رقم 12 لعام 1998 – بتنظيم المجلس والعمل على دفع مسيرة البلاد في الشؤون البلدية.. استنادًا لاختصاصه بـ:
- مراقبة تنفيذ القوانين والقرارات والأنظمة المتعلقة بصلاحيات واختصاصات الوزارة والمجلس بما في ذلك القوانين والقرارات والأنظمة المتعلقة بشؤون تنظيم المباني وتخطيط الأراضي والطرق والمحال التجارية والصناعية والعامة (سلطة مراقبة التنفيذ).
- البحث في النواحي التخطيطية والبرامجية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والإدارية للشؤون البلدية والزراعية.
بذلك يقوم المجلس البلدي بدور مهم من حيث مناقشته طلبات ورغبات أفراد المجتمع القطري، وعرضها على المسؤولين المختصين وأصحاب القرار لاتخاذ ما يلزم بشأنها.. واختصاصات المجلس في أغلبها اشرافية ورقابية، في إطار تحقيق الصالح العام وفقًا لنصّ المادّة الثامنة من قانون إنشائه.
الدوائر الانتخابية:
وفقاً لمرسوم رقْم (37) لسنة 2021 بتحديد الدوائر الانتخابية لمجلس الشورى، نصّ المرسوم على أن تحدد الدوائر الانتخابية لمجلس الشورى بأن تكون ثلاثين دائرة انتخابية وأن يُنتخب عضو واحد عن كل دائرة انتخابية من الدوائر.
قراءة معمقة:
نظرًا أن انتخابات مجلس الشورى هي الأولى في تاريخ قطر فسنلجأ لتقويم المزاج الشعبي القطري وتداخل حيثيات الانتخابات بتوجهات الشارع استنادًا لمجريات الانتخابات البلدية الأخيرة في عام 2019 في محاولة لاستشفاف رؤية الشارع وتقويمه لمختلف عملية الانتخاب..
ونظرًا للجو العام المتوتر المرتبط بالأزمة الخليجية يمكن افتراض الاهتمام العام بالانتخابات كاختبار لإمكانية قراءة المشاركة الشعبية المتزايدة في الحوار السياسي وفق عديد من الآراء، والتي شوهدت منذ يونيو حزيران 2017، إلى مشاركة مناسبة في الساحة السياسية.
عكست مخرجات انتخابات المجلس البلدي المركزي الأخيرة الصورة العامة حيث أشارت الأرقام الرسمية أن عدد المواطنين الذين صوتوا انخفض بنسبة 9 % مقارنة بانتخابات عام 2015، (من 1470 إلى 1334 فقط وفق مسح أجراه معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية في جامعة قطر SESRI)، أي نحو مواطن واحد من كل 13 مواطن قطري بالغ. ويمكن قراءة هذه النتيجة بأن المواطنين القطريين أصبحوا أقل انخراطا في الانتخابات والعملية السياسية الرسمية بعد الأزمة الخليجية.
وفق نتائج الاستطلاع المذكور؛ بيّن مواطنون قطريون أنهم لا يريدون المشاركة في الانتخابات في حين علل ثلث المستطلَعين عدم المشاركة بضيق الوقت؛ في حين ربط آخرون رفض المشاركة بافتقار المجلس للصلاحيات المؤثرة على السياسة ليعتبر غيرهم أن التصويت والانتخاب ليسا من الطرق المثلى لمعالجة القضايا الهامة!
ومع هكذا مخرجات وفق المسح؛ يمكن التساؤل عن – بعد ملاحظة انخفاض اهتمام القطريين بانتخابات المجلس البلدي – يمكن التساؤل عن انتخابات مجلس الشورى الذي يتمتع – ولا شك – بسلطات أهم وأعلى من مثيله المجلس البلدي كسيطرته على حركة الأموال في البلاد ومراقبة القوانين وتنفيذها..
وفق تقارير تناولت الدراسة الاستطلاعية التي أجريت عام 2019؛ قال نحو 45 % من القطريين إنهم سيكونون “مهتمين للغاية” بالمشاركة في انتخابات مجلس الشورى إذا تم إجراؤها، مقارنة مع ما يعادل 41 % من المشاركين في الاستطلاع نفسه قبل 4 أعوام في عام 2015. لكن الاستطلاع الأخير وفي معرض السؤال عن الرغبة في انتخاب أعضاء مجلس الشورى أو الإبقاء على التعيين؛ ذكر ربع المواطنين فقط تفضيلهم للانتخابات، ليفيد ثلثاهم بتفضيل تشكيل مجلس شورى معين، ولم يحسم نحو 10 % أمرهم.. يبدو أن القطريين باتوا يميلون بشكل أكبر للأمن والاستقرار السياسي بالتوازي مع ارتفاع حدّة المخاطر وعدم اليقين إقليميًا وعالميًا ورغم وقوع المصالحة الخليجية تبقى التوترات محتملة؛ ما يجعل الانتخابات القادمة لمجلس الشورى مقياسًا مهمًا لجملة من الأمور تتعلق بقطر وسياستها.
يبقى أن نشير ختامـــًا أن انتخابات مجلس الشورى المنتظرة وقانون عمل المجلس نفسه وآليات الانتخاب واتخاذ القرار والأسس الدستورية ومدى تقاطعها مع معايير الديمقراطية تواجه انتقادات معمقة – لا يسع المجال هنا لطرحها – نظرًا لإشكاليات تتعلق بثنائية الصلاحيات والانتخابات.. لكن يحسب للبلاد القيام بخطوة مهمة في مسيرة تعزيز الإرادة الشعبية وتحصين الجبهة الداخلية عبر مجالس تحسب على الشارع تتشارك مع الحكومة والسلطة في صناعة القرار؛ ولعل التجربة الكويتية هي مثال أبرز عن وجود هامش للحريات والمؤسسات البرلمانية يستوجب عقد دراسات مقارنة للإفادة والاستفادة.
This post has already been read 62 times!