• أكثر من 30 دولة تجتمع لتكريس وقف إطلاق النار
• غياب نتنياهو يشعل جدلاً حول الضغوط التركية
• 20 بنداً لإنهاء النزاع وتبادل الأسرى ودخول المساعدات الإنسانية
• إعادة تأهيل القطاع وتجديد الدعوة لحل الدولتين
• وثيقة القمة تشكل تحالفاً لإعادة الإعمار في القطاع
في حدث يُعدّ نقطة تحول في تاريخ الشرق الأوسط، عقدت قمة “شرم الشيخ للسلام” يوم الأحد 13 أكتوبر 2025، برعاية مشتركة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جمعت القمة قادة أكثر من 30 دولة ومنظمة دولية وإقليمية، في محاولة لتعزيز اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي أُبرم قبل أربعة أيام فقط في 9 أكتوبر 2025، بعد عامين من النزاع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف وشرد ملايين.
القمة التي أُقيمت في المركز الدولي للمؤتمرات بمدينة شرم الشيخ الساحلية على البحر الأحمر، لم تكن مجرد احتفال بوقف القتال، بل منصة لصياغة رؤية طويلة الأمد لإعادة الإعمار والتسوية السياسية، وفقاً لبيان صادر عن رئاسة الجمهورية المصرية، ركزت المناقشات على “التأييد المطلق لاتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب في غزة”، الذي توسطت له مصر والولايات المتحدة وقطر وتركيا، كما أشادت الوثيقة الختامية بدور مصر في تنسيق الجهود الإنسانية منذ اندلاع الأزمة في أكتوبر 2023، مشددة على أن مصر لن تألو جهداً للحفاظ على هذا الأفق الجديد للسلام.

خلفية القمة ومشاركوها
جاءت القمة في سياق مبادرة مصرية-أمريكية تهدف إلى تكريس مسار السلام الشامل في الشرق الأوسط، مع التركيز على إنهاء النزاع في غزة ومعالجة جذور عدم الاستقرار، خاصة غياب التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، وصل ترامب إلى شرم الشيخ بعد زيارة قصيرة إلى إسرائيل، حيث ألقى خطاباً أمام الكنيست، لكنه أعلن أن الرئيس الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتذر عن الحضور بسبب اقتراب الأعياد اليهودية، هذا الغياب أثار جدلاً، إذ أشارت تقارير إلى ضغوط تركية لمنع مشاركة نتنياهو، الذي واجه اتهامات بجرائم حرب في غزة.
من بين الحضور البارزين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ملك الأردن عبد الله الثاني، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ، فيما ترأس وفد المملكة العربية السعودية الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، وزير الخارجية، نيابة عن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، المستشار الألماني فريدريش ميرتز، رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، رئيس الوزراء الإندونيسي برابوو سوبيانتي، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كما شاركت كلا من ، إندونيسيا، أذربيجان، فرنسا، قبرص، إسبانيا، والمملكة المتحدة، والمجر واليونان وقبرص، والكويت، وجياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA كممثل رياضي، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حضر أيضاً، مؤكداً أن القمة تمثل “يوم أمل في السلام”.
اتصال ولي العهد السعودي
نعم، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن اتصال هاتفي أجراه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال قمة شرم الشيخ للسلام يوم 13 أكتوبر 2025. وصف ترامب الأمير بأنه “صديق خاص” و”قائد ملهم يقوم بعمل رائع لبلاده”، مشيرًا إلى أنه كان يتحدث معه عبر الهاتف بشأن الجهود لتعزيز السلام في المنطقة. كما أفاد محللون فلسطينيون، مثل نظير مجلي، بأن هذا الاتصال ساهم في تسهيل حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس للقمة.
غابت حركة حماس عن القمة، التي لم تُدعَ إليها مباشرة، بينما أكدت إسرائيل رفض أي دور للسلطة الفلسطينية في إدارة غزة ما بعد الحرب، ومع ذلك، أشاد ترامب في خطابه بـ”التزام الجميع بتصحيح الوضع في غزة”، مشيراً إلى أن الاتفاق يمثل “يوماً جميلاً جديداً” بعد وصول الوضع إلى “نقطة لا يمكن السيطرة عليها”.

تفاصيل الاتفاق وتنفيذه
يُعد اتفاق شرم الشيخ، الذي وقّع عليه السيسي وترامب رسمياً إضافة إلى قطر وتركيا خلال القمة، المرحلة الأولى من خطة سلام تشمل 20 بنداً، يركز على وقف فوري لإطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر 2025، مع تبادل الأسرى: إطلاق سراح 20 رهينة إسرائيلياً ناجياً مقابل إفراج عن سجناء فلسطينيين، في اليوم نفسه، سلّمت حماس سبعة من الرهائن إلى الصليب الأحمر، مما أثار فرحاً في تل أبيب، كما يتضمن الاتفاق دخول مساعدات إنسانية فورية إلى غزة بكميات لا تقل عن تلك المتفق عليها في 19 يناير 2025، تشمل إعادة تأهيل البنية التحتية للمياه والكهرباء والصرف الصحي، والمستشفيات، والأفران، بالإضافة إلى معدات إزالة الركام وفتح الطرق.
أكد السيسي في كلمته أن الاتفاق “يغلق صفحة أليمة في تاريخ البشرية”، مشدداً على ضرورة حل الدولتين ونزع أسلحة الدمار الشامل، ودعوة الجميع إلى بناء شرق أوسط “خالٍ من النزاعات، مبني على العدالة والمساواة”، من جانبه، وصف ماكرون الاتفاق بأنه “الفرصة الأخيرة للسلام”، كما أعرب رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا عن القمة كـ”يوم أمل”، مع التركيز على ضحايا الحروب.
النتائج والتوصيات
أسفرت القمة عن وثيقة شاملة تُلزم الدول المشاركة بدعم الاتفاق دولياً، مع تشكيل تحالف إنساني واقتصادي لإعادة إعمار غزة، الذي دُمّر بنسبة تصل إلى 80% حسب تقديرات الأمم المتحدة، دعا السيسي إلى عقد مؤتمر في القاهرة بنوفمبر 2025 لـ”التعافي المبكر وإعادة الإعمار”، لبناء على الزخم الحالي، كما أكدت الدول توجيه مساعدات كافية، وتدريب أفراد الشرطة الفلسطينية من قبل مصر والأردن، لضمان الاستقرار الأمني.

ومع ذلك، بقيت تساؤلات حول التنفيذ، خاصة مع رفض إسرائيل لدور السلطة الفلسطينية، وغياب نتنياهو الذي اعتُبر إشارة إلى توترات داخلية، كما شددت القمة على معالجة “جذور عدم الاستقرار”، بما في ذلك التسوية السياسية، لكن دون تفاصيل ملموسة حول حدود الدولة الفلسطينية أو عاصمتها القدس.

التأثيرات الإقليمية والدولية
أثارت القمة تفاعلات واسعة على وسائل التواصل، حيث وصفها البعض بـ”محطة تاريخية تجسد ريادة مصر في السلام”، بينما اعتبرها آخرون “غسيل دماء غزة” لعدم مشاركة حماس، في باكستان، أشاد رئيس الوزراء شريف بالقمة كخطوة نحو الاستقرار، مشدداً على دور ترامب في إنهاء “ثماني حروب”، أما في أوروبا، فقد رحبت فرنسا والمملكة المتحدة بالاتفاق، لكنها شددت على ضرورة الالتزام بحل الدولتين.
تُعد القمة استعادة لدور شرم الشيخ كـ”مدينة السلام”، التي استضافت مؤتمرات سابقة مثل قمة 2005 لإنهاء الانتفاضة الثانية، ومؤتمر COP27 للمناخ في 2022. ومع انتهاء القمة، يبقى السؤال: هل سيكون هذا الاتفاق بوابة لسلام دائم، أم مجرد هدنة مؤقتة؟ الإجابة تكمن في التنفيذ، حيث تعهدت مصر بالمتابعة مع الشركاء لـ”إغلاق هذا الفصل المؤلم”.
This post has already been read 383 times!

