الرياض تثبت تفوقها على الخطاب العنصري والتطرف السياسي
قوة التأثير السعودي عالمياً.. شهادة جديدة عقب التصريح المتعجرف
الاعتذار يكشف حجم الضغوط التي مارستها الدبلوماسية السعودية
الرياض تربط التطبيع بحل الدولتين وترفض المساومة على الحقوق الفلسطينية
المملكة تتبنى هندسة الاستقرار الإقليمي في مواجهة التطرف والاحتلال
في تصريح أثار غضباً إقليمياً واسعاً، وجّه الوزير الإسرائيلي للمالية بتسلئيل سموتريتش كلاماً مسيئاً تجاه المملكة العربية السعودية، أثناء مؤتمر نظمه معهد “تزوميت” في القدس يوم 23 أكتوبر الحالي.
جاءت تصريحاته رداً على الموقف السعودي الثابت الذي يشترط التطبيع مع إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو موقف يعكس التزام الرياض المبدئي والعميق بدعم الحقوق الفلسطينية وفق حل الدولتين.
الأصوات المتشددة
سموتريتش، زعيم حزب “الصهيونية الدينية” اليميني المتطرف، يمثل أحد الأصوات المتشددة داخل الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، والمعروف برفضه لأي تنازلات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

تصريحاته الأخيرة كشفت عن حالة من التوتر داخل اليمين الإسرائيلي تجاه الموقف السعودي الحازم، الذي أصبح مؤثراً على الساحة الدولية، وقد لقيت تصريحاته رفضاً واسعاً داخل إسرائيل نفسها، حيث انتقده زعيم المعارضة يائير لابيد قائلاً: “سموتريتش لا يمثل إسرائيل”، ووصفه بني غانتس بأنه “يفتقر إلى الوعي بمسؤوليات موقعه”.
بعد ساعات من الجدل، أصدر سموتريتش اعتذاراً مصوراً عبر منصة (إكس)، قال فيه إن تصريحه “كان غير مدروس” وعبّر عن أسفه لما بدر منه.

هذا الاعتذار يعكس حجم الضغط الدبلوماسي والسياسي الذي تمارسه السعودية على الساحة الدولية، ولا سيما مع اقتراب نقاشات كبرى تتعلق بالتطبيع والضمانات الدفاعية في المنطقة.
كما يبرز الاعتذار هشاشة خطاب اليمين الإسرائيلي المتطرف أمام الموقف السعودي الواضح الذي يربط التطبيع بمسار جاد نحو إقامة الدولة الفلسطينية.
الدبلوماسية السعودية
تأتي هذه الحادثة في سياق الجهود الدبلوماسية السعودية المستمرة لتعزيز حل الدولتين كخيار عملي وقابل للتطبيق.

ففي يوليو الماضي، نظمت المملكة بالشراكة مع فرنسا مؤتمراً في نيويورك بمشاركة ممثلين عن 90 دولة لدعم الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، وأسهمت تلك الجهود في تحفيز عدد من الدول مثل بريطانيا وكندا وأستراليا على إعلان اعترافها بفلسطين قبل اجتماعات الأمم المتحدة في سبتمبر.
هذا الحراك يعكس نهجاً سعودياً ثابتاً يجمع بين النفوذ الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي، إذ تعد المملكة أكبر منتج للنفط في العالم ومركزاً مهماً للتمويل الإسلامي، مما يمنحها قدرة واسعة على التأثير في المواقف الدولية.
كما أن مبادرة السلام العربية التي طرحها الملك عبد الله بن عبد العزيز (رحمه الله) عام 2002 لا تزال حجر الأساس في السياسة السعودية، إذ تقوم على مبدأ الانسحاب الإسرائيلي إلى حدود 1967 مقابل تطبيع شامل مع الدول العربية.
الدولة الفلسطينية
وتشير تقارير مراكز الأبحاث الدولية إلى أن السعودية أصبحت ركيزة أساسية للاستقرار الإقليمي، خاصة في ظل التحديات الأمنية في المنطقة.
وترى الرياض في إقامة الدولة الفلسطينية ضمانة لتحقيق الأمن والسلام العادل في الشرق الأوسط، وقد أدى هذا الموقف إلى تحالف دولي متنامٍ لدعم حل الدولتين، وإلى دفع الولايات المتحدة نحو ممارسة ضغط فعلي على إسرائيل لتبني خطوات ملموسة في هذا الاتجاه.
أما داخل إسرائيل، فقد ولّد هذا الزخم السعودي تخوفاً لدى الأحزاب اليمينية التي ترى في تصاعد الدعم العالمي لحل الدولتين تهديداً لسياساتها المتشددة.
لكن من الواضح أن الموقف السعودي أثبت قدرته على فرض معادلة جديدة قائمة على التوازن والاحترام المتبادل.
في الختام، يمثل اعتذار الوزير الإسرائيلي اعترافاً ضمنياً بقوة الموقف السعودي، الذي يجمع بين الثبات والمهنية الدبلوماسية.

وقد أثبتت المملكة مرة أخرى أن القيادة الهادئة والمرتكزة على المبادئ قادرة على مواجهة الخطاب المتطرف، وترسيخ مسار السلام العادل والدائم في المنطقة.
This post has already been read 347 times!

