• صمود الغزيين في مواجهة الحصار والموت اليومي درس للتاريخ
• استشهاد 104 فلسطينيين في اليوم الأكثر دموية منذ بدء الهدنة
• أزمة إنسانية خانقة في القطاع المحاصر وسط وقف دخول المساعدات
• انهيار المنظومة الصحية.. 70 % من الحالات الطبية ناجمة عن تلوث المياه
يواجه قطاع غزة تصعيدًا عسكريًا إسرائيليًا حادًا يهدد بانهيار اتفاق الهدنة الذي توسط له الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 9 أكتوبر، والذي دخل حيز التنفيذ في اليوم التالي، رغم إطلاق سراح 20 رهينة إسرائيليًا حيًا مقابل أكثر من 1700 أسير فلسطيني، وتسليم جثامين بعض الرهائن، فإن الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة أدت إلى استشهاد عشرات الفلسطينيين، مما يعكس فشل الاتفاق في توفير أمن مستدام لسكان القطاع.

• انتهاك الهدنة
في 28 أكتوبر، أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتنفيذ غارات جوية مكثفة بعد مقتل جندي إسرائيلي في رفح، متهمًا حركة حماس بانتهاك الهدنة عبر تسليم بقايا جثث غير كاملة لرهائن. أسفرت الغارات الأولى عن استشهاد 9 فلسطينيين في غزة المدينة وخان يونس، وفقًا لوزارة الصحة في غزة. نفت حماس الاتهامات، مؤكدة التزامها بالاتفاق، وأرجأت تسليم جثامين أخرى احتجاجًا على استمرار الحصار.
تصاعدت الأحداث في 29 أكتوبر لتصبح اليوم الأكثر دموية منذ بدء الهدنة، حيث استشهد 104 فلسطينيين، بينهم 46 طفلًا و20 امرأة، وأصيب 253 آخرون جراء قصف جوي استهدف مناطق سكنية ومخيمات نزوح في شمال ووسط وجنوب القطاع، بما في ذلك دير البلح وبيت لاهيا. أفادت فرق الدفاع المدني بأن الغارات دمرت عشرات المنازل والخيام، مما أدى إلى محاصرة عائلات تحت الأنقاض. وصفت الجهات الطبية المحلية الوضع بأنه “كارثي”، مشيرة إلى نقص حاد في المعدات الطبية والإمدادات.

• التصعيد الأخير
منذ بدء الهدنة، سجلت السلطات في غزة أكثر من 80 انتهاكًا إسرائيليًا، أسفرت عن استشهاد 97 فلسطينيًا قبل التصعيد الأخير. وفي 19 أكتوبر، ردت إسرائيل على هجوم أودى بحياة جنديين بغارات أسفرت عن استشهاد 26 فلسطينيًا. يرفع هذا الإجمالي عدد الشهداء منذ أكتوبر 2023 إلى أكثر من 67,967، مع إصابة 170 ألف آخرين، معظمهم من المدنيين.
يعاني سكان غزة من أزمة إنسانية متفاقمة بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر. أغلقت إسرائيل معبر رفح في 25 أكتوبر، مما منع دخول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك 2000 طن يوميًا من الغذاء والأدوية، أعلنت منظمة الصحة العالمية مجاعة رسمية في شمال القطاع، حيث يواجه أكثر من 500 ألف شخص ظروفًا كارثية. تعاني 58 ألف امرأة حامل أو مرضعة من سوء التغذية الحاد، وانتشرت الأمراض المعدية بسبب انهيار البنية التحتية للمياه والصرف الصحي.
أفادت منظمات الإغاثة بأن 70% من الحالات الطبية مرتبطة بالظروف البيئية السيئة، بما في ذلك الإسهال والالتهابات التنفسية. يعيش أكثر من مليون نازح في خيام مؤقتة، معرضين للبرد والأمطار الشتوية. توقف التعليم تمامًا بعد تدمير معظم المدارس، وأكدت يونيسف أن عشرات الآلاف من الأطفال يعانون صدمات نفسية دائمة.

• إدانات دولية
أثارت الغارات إدانات دولية واسعة، أدانت تركيا الهجمات ووصفتها بأنها “انتهاك صارخ” للهدنة، فيما طالبت قطر والأمم المتحدة بفتح المعابر فورًا وإجلاء الجرحى. أكدت المنظمات الحقوقية أن التصعيد يعيق جهود إعادة الإعمار، حيث يقدر حجم الحطام بنحو 61 مليون طن، يحتوي على متفجرات غير منفجرة.
في السياق السياسي، تعيق الخلافات حول تسليم 13 جثة رهينة باقية تنفيذ المراحل التالية من الاتفاق، بما في ذلك نزع السلاح ونشر قوات دولية، ترفض حماس أي شروط تربط السلام بانسحاب إسرائيلي كامل، بينما تتمسك إسرائيل بموقفها الأمني.

يظل الوضع في غزة هشًا، مع استمرار الجهود الدبلوماسية في القاهرة لاحتواء التصعيد. يطالب الفلسطينيون بضمانات دولية حقيقية لفتح المعابر ووقف الانتهاكات، مؤكدين أن أي حل دائم يجب أن يراعي حقوقهم في الحياة الكريمة والأمن. في ظل هذه الظروف، يواصل سكان القطاع مواجهة التحديات اليومية بصمود، لكن استمرار الحصار يهدد بتفاقم الأزمة إلى مستويات غير مسبوقة.
This post has already been read 338 times!

