• المواقف الدولية تجمع على إدانة الضربة على دولة ذات سيادة
• مستقبل المنطقة.. هل تتوسع الهجمات الإسرائيلية لدول أخرى؟
• ضرورة تقوية الموقف الخليجي والعربي ضد التوحش الإسرائيلي
أولاً: قصف إسرائيلي على الدوحة وسياقاته
أ. كواليس القصف ونتائجه
نفذ الكيان الصهيوني هجوما جويا على مقرات سكن قيادات لحركة “حماس” في الدوحة يوم الثلاثاء 9 سبتمبر الجاري ما أسفر عن استشهاد 6 أشخاص.. حيث أعلنت الحركة استشهاد الشهيد جهاد لبد (أبو بلال) مدير مكتب الدكتور خليل الحية، والشهيد همام الحية (أبو يحيى) نجل الدكتور خليل الحية، والشهيد عبد الله عبد الواحد (أبو خليل)، والشهيد مؤمن حسونة (أبو عمر)، والشهيد أحمد المملوك (أبو مالك)، بالإضافة لعنصر الحراسة القطري وكيل العريف، بدر الدوسري.. إضافة إلى عدد من الإصابات المتفرقة بين العناصر الأمنية.
وكان رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن قد أعلن أن الولايات المتحدة حذرتهم من الضربة الإسرائيلية بعد وقوعها.. وتشير المعلومات أن الكيان الإسرائيلي خطط لأكثر من شهرين لعملية عسكرية جريئة ووقحة وتخالف الأعراف والقوانين الدولية عبر استهداف كبار قادة حماس في الدوحة.

بعد ظهر الثلاثاء، انطلقت أكثر من عشر طائرات مقاتلة إسرائيلية في سماء الشرق الأوسط لتنفيذ الهجوم بعد ظهيرة يوم الثلاثاء حيث لم يُعلن الجيش الإسرائيلي عن نوع الطائرات أو الأسلحة المستخدمة في العملية، ولكن الترجيحات بحسب هجمات الكيان السابقة على إيران، أنه استخدم طائرات F-35I وF-15 وF-16 الإسرائيلية.
ب. سياقات الضربة
برر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، هجمات الكيان على دولة قطر يوم الثلاثاء، بأن إسرائيل قررت استغلال “فرصة” لاستهداف قيادة حماس في قطر بعد حادثة إطلاق النار الجماعية في القدس يوم الاثنين.
وصرّح المسؤولان في بيان: “في أعقاب الهجمات المميتة في القدس وغزة، أصدر رئيس الوزراء نتنياهو تعليماته لجميع الأجهزة الأمنية بالاستعداد لاحتمالية استهداف قادة حماس”. وأضافا: “أيد وزير الدفاع هذا التوجيه بشكل كامل”.
ليضيف البيان بأن “رئيس الوزراء ووزير الدفاع أكدا أن العملية مبررة تمامًا، نظرًا لأن قيادة حماس هي التي بادرت ونظمت مذبحة 7 أكتوبر، وواصلت شن هجمات قاتلة ضد دولة إسرائيل ومواطنيها منذ ذلك الحين، بما في ذلك إعلان مسؤوليتها عن مقتل مواطنينا في هجوم أمس في القدس”.
وجاءت الضربة بعد ارتفاع حدة الضغوط الدولية على عقد اتفاق هدنة في غزة وجهود الوسطاء لحلحلة أزمة الحصار الخانق والمذبحة التي يقودها الكيان ضد المدنيين في غزة، وتعتبر الدوحة أبرز الوسطاء في هذا الملف.

وكان رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، قد التقى شخصيًا بكبير مفاوضي حركة “حماس”، خليل الحية، يوم الاثنين، قبل الهجوم الإسرائيلي بيوم، للدفع نحو وقف إطلاق النار الجديد الذي تقوده الولايات المتحدة واتفاق الرهائن.
حيث كان من المتوقع أن ترد “حماس” في اجتماع لاحق مساء الثلاثاء؛ وقبل ساعتين من ذلك الرد، قصفت طائرات إسرائيلية المبنى في الدوحة.. وسبق ذلك طرح أمريكي لاقتراح جديد لوقف إطلاق النار من شأنه أن ينهي الحرب الدائرة منذ قرابة عامين في غزة.. وبحسب البيانات كان الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يضغط على الحية لقبوله، وتحقيق اختراق فعلي في حرب غزة.
وكان المفاوضون القطريون قد التقوا بالمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف في باريس الأسبوع الماضي، إذ كان الرئيس دونالد ترامب يرغب في رؤية تقدم.
وقبل الضربة الإسرائيلية بيومين، أصدر الرئيس ترامب ما اسماه بـ”إنذاره الأخير” لحماس لقبول الصفقة.. مدعيًا حينها أن الكيان قبل الاقتراح (رغم أن المسؤولين الإسرائيليين اكتفوا بالقول إنهم “يدرسونه بجدية).. حيث بات على قطر العمل الجدي لتحويل الاقتراح إلى اتفاق، وكانت حماس قد وعدت بالرد على المفاوضين القطريين بعد 12 ساعة.
وعودة للخلف تجدر الإشارة أن العلاقات بين قطر والكيان الصهيوني قد تدهورت بشكل ملحوظ منذ بدء الحرب في غزة، حيث أعرب المسؤولون الإسرائيليون عن غضب متزايد تجاه قطر، متهمين الحكومة القطرية بإيواء حماس وعدم ممارسة ضغط كافٍ عليها للموافقة على وقف إطلاق النار.
ثانيــًا: مواقف قطر والمنظومة الخليجية
يسود شعور الخيانة والصدمة العاصمة القطرية، وهذا ما ظهر حاليًا بمقابلة رئيس وزراء قطر في مقابلته الإعلامية مع CNN الأمريكية من مفردات قويةٌ ومؤثرة ومُخالفة بذلك رده المعتاد الهادئ على التقلبات المستمرة في محاولات إنهاء الحرب المُستمرة في غزة والتي استمرت 23 شهرًا.
حيث وصف رئيس الحكومة القطرية الهجوم بأنه “إرهاب دولة”، وحذر من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “قضى على أي أمل” للرهائن، و”قوّض أي فرصة للسلام”، كما قال إنه يجب “تقديمه للعدالة”، متهما إياه بـ”انتهاك جميع القوانين الدولية”.

أما الخارجية القطرية فأصدرت بيانًا شديد اللهجة حول الهجمة: “استنكرت دولة قطر بأشد العبارات، التصريحات المتهورة التي أدلى بها رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بشأن استضافة دولة قطر لمكتب حركة حماس، وما تضمنته من محاولة مشينة لتبرير الهجوم الجبان الذي استهدف الأراضي القطرية، إضافة إلى التهديدات الصريحة بانتهاكات مستقبلية لسيادة الدولة.. وأكدت أن استضافة المكتب تمت في إطار جهود الوساطة التي طلبت من دولة قطر، من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، وأن نتنياهو يدرك تماما أن لهذا المكتب دورا محوريا في إنجاح العديد من عمليات التبادل والتهدئة التي حظيت بتقدير المجتمع الدولي، وأسهمت في التخفيف من معاناة المدنيين الفلسطينيين والأسرى الإسرائيليين الذين يواجهون ظروفا إنسانية مأساوية منذ السابع من أكتوبر 2023”.
كما أكدت الخارجية القطرية في بيانها على “التزام دولة قطر الراسخ بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، داعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته عبر رفض خطاب نتنياهو التحريضي والإسلاموفوبيا، ووضع حد لمحاولات التضليل السياسي التي تقوض جهود الوساطة وتعطل مساعي تحقيق السلام”.
الموقف الخليجي عمومًا كان واضحًا ومباشرًا في دعم قطر والوقوف معها إزاء ما تعرضت له وقام رئيس الإمارات بزيارة عاجلة للدوحة مظهرًا دعمه المباشر، ولم يختلف موقف الكويت والمملكة العربية السعودية عن الموقف الإماراتي.
ثالثـًا: المواقف الدولية
أجمعت المواقف الدولية على إدانة الضربة واستهجانها لهكذا هجوم على دولة ذات سيادة ووسيط مهم في عمليات السلام في فلسطين وغيرها.
● مجلس الأمن
استنكر المجلس في بيانه الضربات الإسرائيلية في قطر.. مع تأكيده على أهمية خفض التصعيد، معبرًا عن تضامنه مع قطر ودعمه لسيادة قطر وسلامة أراضيها. ليشدد كذلك على أن إطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب في غزة يجب أن يظل أولوية قصوى، في بيان رسمي نال إجماع اعضاء المجلس الدائمين والمؤقتين، مع ملاحظة تخفيف لهجته وعدم ذكر الكيان بشكل مباشر نتيجة ضغوط أمريكية في الكواليس.
● الولايات المتحدة الأمريكية
يجب الإنتباه إلى مسارعة إسرائيل إلى تحمّل المسؤولية الكاملة عن الهجوم، في محاولة لإبعاد الولايات المتحدة عن العملية.. حيث صرح نتنياهو بأنها “عملية إسرائيلية مستقلة تمامًا”. وجاء هذا التصريح بناءً على طلب الولايات المتحدة التي أدانت الضربة وأظهر ترامب غضبه من مختلف جوانب الضربة لكن لم تُدِن السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض (المتحدثة باسم البيت الأبيض)، كارولين ليفيت، استهداف قادة حماس في الخارج، حتى مع انتقاد العملية الإسرائيلية حيث قالت السكرتيرة “إن القصف الأحادي الجانب داخل قطر، وهي دولة ذات سيادة وحليف وثيق للولايات المتحدة تعمل جاهدة على المخاطرة بشجاعة معنا للتوسط في السلام، لا يخدم أهداف إسرائيل أو أمريكا”.
ووصف بيان البيت الأبيض، يوم الثلاثاء، الضربة الإسرائيلية على قطر بأنها تتعارض مع هدف الرئيس دونالد ترامب في تحقيق السلام في غزة. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن موقع هجوم الثلاثاء، في حي سكني بالعاصمة القطرية الدوحة، كان “مؤسفًا”.
وقالت للصحفيين في إفادة البيت الأبيض: “أبلغ الجيش الأمريكي إدارة ترامب هذا الصباح بأن إسرائيل تهاجم حماس، والتي كانت، للأسف الشديد، متمركزة في جزء من الدوحة، عاصمة قطر”.
وأوضح بيان ليفيت، المدروس بعناية واضحة لا تدين إسرائيل، أن “القضاء على حماس” كان “هدفًا قيمًا”، وقالت إن ترامب تحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب الهجوم، إلى جانب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد ورئيس الوزراء الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.. موضحة أن نتنياهو “أبلغ الرئيس ترامب برغبته في تحقيق السلام، ويعتقد الرئيس ترامب أن هذا الحادث المؤسف يمكن أن يكون فرصة للسلام في أقرب وقت”. وأشارت أن ترامب أكد للمسؤولين القطريين في حديثه معهم “أن مثل هذا الأمر لن يتكرر على أراضيهم”
● حركة المقاومة الإسلامية حماس
أكد الناطق باسم حركة حماس فوزي برهوم ردا على إن الاعتداء الإسرائيلي على قطر أنه لا يوجد قوة في الأرض تمنع الفلسطينيين من الدفاع عن أنفسهم وأرضهم ومقدساتهم. واعتبر أن الجريمة في الدوحة ليست اعتداءً على قطر وحدها، بل إعلان حرب مفتوحة على الدول العربية والإسلامية، وتهديد شامل لأمن واستقرار المنطقة. مؤكدًا أن هذا السلوك يعرّض الأمن الإقليمي والدولي للخطر، وعلى قادة العالم الاختيار بين “شريعة الغاب” التي تفرضها إسرائيل و”القانون الدولي” الذي يجرم هذه الأفعال.

وأشار الناطق أن المطلوب تحرك عربي وإسلامي ودولي قوي لعزل الكيان المجرم ومعاقبته ومواجهة مشاريعه. ونوه أن محاولة اغتيال الوفد المفاوض في الدوحة جاءت بعد يوم واحد من لقاء رئيس الوزراء القطري الذي سلّم الإخوة المقترح الجديد.. مؤكدًا أنه أثناء الهجوم كان الوفد يناقش الرد على المقترح، فالجريمة ليست مجرد محاولة اغتيال، بل قصف لمسار التفاوض بأكمله، واستهداف لدور الوساطة القطرية والمصرية، بما يثبت أن نتنياهو وحكومته يتحملون المسؤولية الكاملة عن إفشال التفاوض وإفشال جهود وقف الحرب. وفي ذات الوقت فإن الإدارة الأميركية شريك كامل في الجريمة، عبر توفير الغطاء والدعم المتواصل لعدوان الاحتلال.
● إيران
أكدت طهران لقطر وقوفها إلى جانبها على خلفية الضربة الإسرائيلية، في اتصال رئيس الأركان الإيراني اللواء عبد الرحيم موسوي مع وزير الدفاع القطري سعود بن عبد الرحمن آل ثاني وقوف بلاده دون تردد إلى جانب قطر، على خلفية الضربة الإسرائيلية للدوحة مؤخرا. معتبرًا أن “العدوان على قطر ما كان ليحدث لولا التنسيق والموافقة الأمريكية، والعالم أجمع يعلم جيدا أنه لولا الدعم الغربي المباشر وغير المباشر، لما كان استمرار هذا الكيان المجرم ممكنا”.
● مصر
وجهت مصر رسالة تحذيرية إلى إسرائيل عبر الولايات المتحدة من التفكير في استهداف أراضيها على غرار الهجوم الذي طال العاصمة القطرية الدوحة أول أمس. ووفقا لشبكة CNN الأمريكية الخميس، فإن مصر نقلت رسالة إلى واشنطن مفادها أن أي محاولات إسرائيلية للعمل على الأراضي المصرية مثل الغارات التي استهدفت الدوحة، ستكون لها عواقب وخيمة وذلك وفقا لما ذكره مسؤول مصري للقناة.
رابعــًا: انعكاسات الحدث والسيناريوهات المتوقعة
يفتح الاعتداء الإسرائيلي السافر على قطر، الباب على تساؤلات كثيرة حول عدة نقاط:
– مصير المفاوضات حول غزة كون الدوحة وسيط رئيسي فيها.
– تساؤلات عن أمن الخليج المرتبط باتفاقيات مع واشنطن.
– نجاة الكيان من أي عقوبة أو رد فعلي جدّي وما سيقوده ذلك من تعديات إسرائيلية على دول أخرى وفق رؤية اليمين الحاكم في الكيان.
بدورها، وفي بيان نشره مكتب الإعلام الدولي القطري، يوم الخميس، أكدت الدوحة أن شراكتها الأمنية والدفاعية مع الولايات المتحدة الأمريكية “أقوى من أي وقت مضى”، نافية الأنباء حول عزم الدوحة “إعادة تقييم” العلاقات الأمنية مع واشنطن، حيث وصفت قطر هذه الأنباء بأنها “محاولة بائسة للإضرار بالعلاقة الوثيقة بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية من قبل أولئك الذين يسعون إلى تحقيق مكاسب عبر انتشار الفوضى في المنطقة ويقفون ضد إحلال السلام”، ليتابع البيان: “إن الشراكة الأمنية والدفاعية بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية أقوى من أي وقت مضى وستستمر في النمو”.
في زاوية موازية، تبعث الهجمة الإسرائيلية رسائل ضمنية تلقتها بشكل مبدئي دول الخليج، ومن ورائهم تركيا ومصر، حيث سيطرح سؤال خليجي جاد عن فوائد التحول السياسي والاقتصادي بكل ثقله نحو واشنطن، مع وقوع هذا الخرق الأمني والاعتداء السافر على دولة قطر، رغم الضمانات الأمنية الأمريكية التي سبق ووقعت مع مختلف دول الخليج بما فيها قطر، التي صنفتها إدارة بايدن سابقًا بالحليف من خارج الناتو.
أي أن دول الخليج ستدرس بجدية نوعية البنية الأمنية الرادعة لهكذا هجمات وبدائل الاعتماد على شريك لم يتمكن من حمايتها حتى من أحد حلفائه، فالثقة بواشنطن أصبحت مهزوزة ولحقها ضرر لم يتضح مداه بعد. لكن المؤكد أن كل قادة الخليج والمنطقة سيراقبون رد ترامب عن كثب في مواجهة ما ظهر أنه عجز أمريكي في الشرق الأوسط.
إلى ذلك فإن عملية السلام ووساطة قطر فيها حول قضية غزة أصبحت محل دراسة جديدة مع تأكيدات الدوحة وضع هذا المال تحت مجهر الدراسة مجددًا.
وسيعقد مطلع الأسبوع القادم، مؤتمر قمة عربي استثنائي لبحث أزمة الضربة العسكرية الإسرائيلية على قطر ومناقشة أنجع السبل للرد عليها.
تنبيه: يجب استذكار تصريح السفير الأمريكي في أنقرة والمبعوث الخاص إلى سوريا، توم باراك، قبل أيام، بأن “واشنطن لم تعد الضامن لأمن العالم وعلى الجميع أن يقف على قدميه بنفسه” والذي لم يحظ بالاهتمام الكافي آنذاك. لكن التطورات الأخيرة، وخاصة ما تعرّضت له قطر، تؤكد أن هذا التصريح لم يكن عابرًا، بل تلميحًا واضحًا لما هو آت لدول المنطقة خصوصًا تركيا وسورية.
كذلك فإن تعهد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أثناء حديثه بحفل التنصيب في يناير بإنهاء الحروب العالمية وبسرعة، اثبت أنه لم ينفذ، والواقع اليوم هو أن الحروب في غزة وأوكرانيا تتسع، وشهد العالم ، الثلاثاء، عواقب الضربة الإسرائيلية في الدوحة في حين تُصعّد إسرائيل هجومها على غزة.
نحن أمام سيناريوهات متعددة للضربة تتعلق بإسرائيل وأمريكا من جهة ودول المنطقة من جهة أخرى
– السيناريو الأول
نجاة إسرائيل من رد فعل دولي حقيقي أمام غطرستها وتعديها على القوانين الدولية وسكوت امريكي يفهم أنه دعم مبطن لخطط نتنياهو، ما يعني توسع عمليات اسرائيل لضرب دول أخرى قد نجد أثره في مصر وتركيا وسورية وحتى إيران والعراق، وهذا يرجحه التحذيرات المصرية المباشرة لإسرائيل من استهداف الأراضي المصرية تحت أي ذريعة.
– السيناريو الثاني
مع فشل العملية باغتيال قادة حماس تعود إسرائيل لقواعدها السابقة مع المماطلة في حل أزمة غزة، لكنها ستخسر إقليميًا جهود الوساطة وتضع اتفاقيات السلام محل نظر من جديد.
يبدو السيناريو الأول أكثر ترجيحًا بنسبة تتجاوز 60 ٪ لا سيما وأن رئيس حكومة الكيان شبه الضربة الإسرائيلية في
قطر برد أمريكا بعد 11 سبتمبر، واتهم الدوحة بإيواء ودعم حماس
وحذّر الدول التي تؤوي“إرهابيين”قائلاً: “إما طردهم أو محاكمتهم، وإلا ستتولى إسرائيل ذلك،وانتقد الإدانات الدولية، مطالباً بدعم موقف إسرائيل ضد الإرهاب”، مع دعوة أمريكية مباشرة للقضاء على حماس، أي التلميح مباشر لإختراق سيادة الدول مستقبلًا.
خامسـًا: خاتمــة وتوصيات
القصف الإسرائيلي على قطر ضد وفد تفاوضي كان المفترض أن يقدم رده على مقترحات السلام، حدث ضخم ونقطة مفصلية في تاريخ المنطقة ويوصف بأنه تحول عسكري وانعطافة كبيرة في قواعد الاشتباك، ورسالة مباشرة لدول المنطقة، سورية اولا ثم تركيا ومصر، أن تنفيذ خطط نتنياهو مسألة وقت.
في العمق يمكن القول إن الهجوم على قطر يوجه رسالة تتجاوز حماس.. رسالة اسرائيلية واضحة ببدء وجدية سياسة الكيان، القدرة على الوصول إلى أي مكان وفي أي وقت، وحتى أن الكيان كسر قاعدة مهمة سابقة “ضمنية غير مكتوبة” في الشرق الأوسط بعدم قيام إسرائيل بعمليات عسكرية في دول الخليج التي تربطها علاقات بها أو بالولايات المتحدة، أي أن الكيان جعل ما يعتبره امنه القومي غاية رئيسية تسقط أمامها كل الاعتبارات الدبلوماسية أو مصالح وحقوق بقية الدول.
● التوصيات
1. ضرورة تقوية الموقف الخليجي والعربي ضد التوحش الإسرائيلي وعدم التزام الكيان بالقوانين الدولية عبر تعزيز مبادئ الدفاع المشترك ووضع خطط حقيقية بديلة دبلوماسية من جهة وعسكرية وأمنية من جهة أخرى.
2. العمل المستمر على تعرية الكيان أمام المنظومة الدولية -رغم ضعف هذا الخيار- لكن التخلي عنه غير مستحب حاليًا، عبر تعزيز العلاقات الضمنية مع مختلف الفاعلين الدوليين ولوبيات الضغط وما شابه.
This post has already been read 642 times!

