مما لا شك فيه أن العمل النقابي في شتى مواقعه ومجالاته أساسه وهدفه “نبيل” أينما كان الموقع الذي تؤدي منه هذا العمل، مع تعدد مراحله ابتداءً من المرحلة الجامعية وصولاً إلى المرحلة السياسية في البرلمان، العمل النقابي متواجد وبقوة على الصعيد اليومي لدى الطلبة وأخص بذلك صورة حياتية نتعايش معها يومياً وهي وجوده في أروقة الجامعة ومع أن ذلك يُعتبر شيءً جديدًا وإضافة في حياة الطالب إلا أنه قد ينتهي الطريق إلى مفترقين لا ثالث لهما، الأول أن يختارك العمل النقابي فيحتاج هذا المجال إلى شخصية اجتماعية قادرة على مواجهة التحديات والتعايش مع شتى أطياف المجتمع فكونك في هذا الموقع عليك أن تتعامل مع “الجامعة” بأسرها مع العلم أن الجامعة “تجمع” الجميع أي بمعنى عليك أن تتعامل مع شتى الثقافات على عكس ما كنت عليه في السابق بمدرسة ثانوية تجمع ثقافة واحدة وهم أهل المنطقة، فهنا تنطلق منك موهبة فن التعامل والتي لا يجيدها الجميع فإن استمريت فيها وتعايشت مع الأمور قد يلمع اسمك ويتردد على مسامع الجميع بسمعتك الحسنة والسباقة بالخير وهنا ينتهي المطاف بتخرجك وتجني ثمار هذه التجربة في مجال عملك، فالأشخاص التي تكونت لديك علاقات معهم ستجدهم يساندونك في المجالات الاجتماعية بحكم علاقتك الجامعية بهم وهذا مردود ايجابي اجتماعي.
وعلى الصعيد الشخصي هناك ثمار تجنيها إذا كنت متميزاً في هذا المجال أبرزها الجرأة وصقل مهاراتك الشخصية في التعامل إضافة إلى طلاقة اللسان وقد تكون هناك مناسبات في هذا الجانب تتطلب منك الوقوف أمام الجمهور وهنا تُبنى الشخصية بحكم التجارب العملية تحت هذه المظلة الشاسعة هذا هو المفترق الأول الناجح والمثالي جداً بل يمكننا القول الإيجابي من ناحية فردية واجتماعية الذي يصنع الكفاءات ورجالات الدولة، ولو نرجع لنقطة الصفر لدى الشخصيات البارزة في مجتمعنا اليوم من رجالات دولة سنجدهم في هذه المرحلة.
المفترق الثاني “النجاح في مُعتقد من يفشل” نعم هناك أشخاص لا يختارهم العمل النقابي بل يفرضون أنفسهم على هذا المجال مما يؤدي بنهاية المطاف إلى فشل ذريع بل يصل السقف إلى تشويه صورة هذا النمط وترك انطباع سيء لدى الآخرين أن مايقومون به هو أصل هذا المجال، كما أن تحويل نقاط التحدي في العمل النقابي إلى نقاط شخصية ضاربين شتى القواعد الأخلاقية عرض الحائط مما ينعكس على صورتهم الشخصية بالتأكيد ويظنون أخيراً أن هذه هي التربة الخصبة والأساس الذي يخرج منه النجاح فعلى مستوى بعيد من ناحية شخصية لا يكتسب أي مهاراة بمعنى أوضح أن تجربته كانت هي والعدم واحد وكأن لم تكن، بل على العكس لا يترك أثر جميل في أروقة الجامعة، فكان جلّ مايقوم به نعرات فئوية وتحديات صبيانية لاتسمن ولا تغني من جوع، وقد يصل إلى أخر عام دراسي ولايزال في مرحلة عدم النضوج متناسياً الهدف الأساسي وهي خدمة الجموع الطلابية لا أكثر ولا أقل من دون “البهارات التي أضافها” وهي الشخصانية، ولا يُستبعد أن يكون مُغيب عن الحقيقة كاملة نتيجة لمحيطة مع عدم كفائته لسماع الفكرة والحقيقة كاملة فيكون في دائرة الإنعزال عن ما يخالفه من أراء قد تكون حقيقية ولكن تناقض وجوده في هذا المجال أساساً لأن “مابني على باطل فهو باطل”.
أخيراً.. قد ينصاع الطالب في بداية العام الدراسي الأول لتلك الأمور بالتأكيد ويأثر عليه بحسب محيطه ولكن لا يصل لمرحلة القناعة وحتى إن طغت على محيطه ووصلت فسينضج ويُغير من قناعته ويرجع للهدف الأساسي حتى يكمل مشواره يتعلم ويكتسب مهارات ويطبقها في المواقع التي تخدمه بعد المرحلة الجامعية، حتى يصبح من هذا الطالب المثابر في علاقاته ومهاراته إلى ذاك الذي أصبح رجل دولة، أما إن كنت تبحث عن صقل مهاراتك الشخصية بالطبع من دون التطرق لتلك المهاترات أو مصادفتها يمكنك اللجوء إلى الأنشطة التي تُقام في النوادي الجامعية، فهناك العديد من النوادي التي تصقل مهاراتك ومردودها بعيد المدى من حيث جني الثمار في تطوير الشخصية واكتساب الخبرة والمعرفة في عديد من المجالات العلمية والثقافية والاجتماعية، أقولها وبكل صراحة متجرد من التغييب والتظليل… يسرني أخيراً أنني قد وصلت مرحلة من النضج النقابي، وفهم الطريق من سياق آخر وكأنني انهيت اللعبة أو “الفيلم” الذي لم أفهم أحداثه إلا بعد وصولي للمرحلة النهائية بعد حل كافة الألغاز وتخطي تلك العقبات الناتجة عن التغييب في بعض الأمور، فأصبحت أرى اللعبة بأكملها فاتحاً باب التوبة عن ما اقترفته من أخطاء وقعت فيها مسبقاً قبل وصولي لفهم هذا السياق، “واعي” لما يحدث من حولي ومن خلفي كشخص يعيش هذه التجربة بمجاراة الجميع حتى مع علمي بأنهم أطراف تلعب دورًا في هذه التجربة.
This post has already been read 401 times!