• حاكم كاليفورنيا يضع الولاية على خط النار كتسويق سياسي لوصوله للرئاسة
• الضرائب.. ميدان لصراع محتمل بين الولاية والرئيس ترامب
• تطورات الأحداث تبعث تساؤلات جدية على تماسك الجبهة الداخلية الأمريكية
التمهيد
عكست الأحداث الأخيرة التي شهدتها ولاية كاليفورنيا حجم التحديات الداخلية التي تعيشها الولايات المتحدة الأمريكية والتي يدعي الرئيس ترامب أنه يعمل على معالجتها وفق منظوره الشامل لاستعادة عظمة أمريكا.
وتعتبر ولاية كاليفورنيا ذات أهمية خاصة للولايات المتحدة وهي من الولايات المانحة التي تقدم ضرائب للحكومة الفيدرالية أكثر مما تتلقاه في المقابل وأكبر ولاية مانحة، هي كاليفورنيا، وفقاً لبيانات الضرائب الأمريكية.
الولاية تفوق حجم وقدرة اقتصادات كافة دول العالم باستثناء الصين وألمانيا بناتج محلي خام بلغ 4.10 ترليون دولار أمريكي سنة 2024 أي ما يساوي 14.1% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وحاكمها منتخب لعهدة ثانية بنسبة 55.9% وإلى غاية 2026، يقطن عاصمتها “لوس أنجلوس” التي تشهد احتجاجات هذه الأيام أكثر من 10 ملايين نسمة 48.6% منهم من “اللاتين” و”الإسبان” وثلث سكانها من المهاجرين.
المحور
ترامب يضع الولاية في دائرة الضوء
لفهم الخطوات الأخيرة للرئيس ترامب يجب التذكير أنه منذ استلامه منصبه في ولايته الثانية في يناير الماضي، أبدى امتعاضًا واضحًا من سياسات كاليفورنيا واستراتيجياتها حين أطلق ما أسماه “المناطق الملاذ” في تصنيف يشمل الولاية بأكملها ليطلق وعودًا بسحب التمويل الفيدرالي عن الولاية وهذا ما اشعل قضايا عديدة أمام المحاكم الفيدرالية تتناول البيئة والرعاية الصحية والتعليم، وحاليًا هناك أربع دعاوى قضائية معلقة بعنوان “ولاية كاليفورنيا ضد ترامب”، وأيضًا 16 دعوى أخرى انضمت إليها الولاية ضد ترامب.
ويبرر ترامب استهداف الولاية بسبب ما يراه سياسات ليبرالية وفي تهديده عام 2019 بسحب تمويل التعافي من حرائق الغابات، زعم ترامب، أن الولاية لن تحتاج الأموال، إذا تمت إدارة غاباتها بشكل صحيح.
وبذلك فإن اشتعال المواجهات الأخيرة حول المهاجرين غير الشرعيين يعتبر إرهاصًا خفيًا للصراع غير المعلن بين البيت الأبيض وحكام الولاية الديمقراطيين ذات الأغلبية اللاتينية.. ويمكن قراءة محركات ما يجري ببعده الاقتصادي والمالي والاستراتيجي وهو أعمق من صراع بين مهاجرين وسلطة ولاية مع الحكومة الفدرالية.
وللتذكير سبق واتهمت “كاليفورنيا” ترامب بأنه كان سبباً في خسارتها مليارات الدولارات مع الصين منذ سنة 2018، ويتهم حاكمها الرئيس ترامب بأن سياسته المتسرعة تجاه التعريفة الجمركية مع الصين تسببت لولايته في خسارة ما لا يقل عن 40 مليار دولار وستؤدي إلى تسريح عشرات الآلاف من العمال.
المال سلاح التهديد بيد ترامب
نقلت تقارير خاصة للـ “واشنطن بوست” أن البيت الأبيض يدرس فعليًا سحب جزء كبير من التمويل الفيدرالي عن ولاية كاليفورنيا، خصوصًا في المجال الجامعي.
للإشارة تتعارض هذه الخطة مع أمر قضائي فيدرالي حالي وغالبًا ستواجه بتحديات قانونية جديدة، وهذا ما يفسر تأكيدات مسؤول كبير في البيت الأبيض، أنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن حجب الأموال.
الضرائب التي من جهتها تعتبر ميدان صراع محتمل بين الولاية والرئيس ترامب حيث تريد إدارة ترامب قطع التمويل عن نظام جامعات كاليفورنيا (وهو أكبر نظام للتعليم العالي في البلاد يضم حوالي 12% من الطلاب المسجلين في الولايات المتحدة).
وكرد فعل تهديدي، اعتبر حاكم كاليفورنيا الديمقراطي غافين نيوسوم، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أن الولاية توفر حوالي 80 مليار دولار إضافية في الضرائب للحكومة الفيدرالية مما تتلقاه في المقابل، مهددًا بقطع هذه المبالغ.
البعد السياسي في صراع ترامب مع حاكم الولاية
لا يخفي حاكم الولاية نيوسوم، طموحه للرئاسة عام 2028 لذلك يسعى لتحقيق نوع من التوازن مع ترامب الجمهوري، حيث يتهم السياسيون الجمهوريين حاكم كاليفورنيا بأنه يضع الولاية على خط النار كتسويق سياسي لوصوله للرئاسة.
اجتمع نيوسوم مع ترامب مرات عدة وأشار إلى استعداده للعمل مع الإدارة على ائتمان ضريبي فيدرالي للإنتاج السينمائي لتعزيز الإنتاج السينمائي المحلي من جهة، وأعلن تصديه لبعض جهود إدارة ترامب في هذا الأمر حيث انعكس ذلك في استطلاعات للرأي في كاليفورنيا، واعتبر سكان الولاية نيوسوم بديلاً أفضل من الرئيس الحالي. وبدأ نيوسوم محاولة إعادة صياغة صورته كمرشح ديمقراطي استعداداً لترشح محتمل في عام 2028.
الحرائق ذرائع ترامب ضد كاليفورنيا وتبرير لتصرفاته
أطلق ترامب تصريحات مباشرة ضد مدينة لوس أنجلوس معتبرًا أنها كانت “تحترق بالكامل”، (إشارة إلى حوادث وحرائق شهدتها المدينة).
وخلال خطاب سياسي للرئيس ترامب أوضح أن ما حدث في لوس أنجلوس يعكس تدهور الأوضاع في عدد من المدن الأمريكية، مشيرًا إلى أن مثل هذه الحوادث تستوجب اتخاذ تدابير صارمة لمعالجة الأزمات المتكررة. وأكد أن القيادة الحالية تحتاج إلى التعامل بجدية مع المشكلات المتزايدة التي تهدد استقرار المدن.
إلى ذلك، أثارت تصريحات ترامب ردود فعل واسعة بين السياسيين والمحللين، حيث رأى البعض أن تصريحاته تعكس المخاوف المتزايدة بشأن الأمن والسلامة العامة، فيما اعتبرها آخرون مبالغًا فيها. وسائل الإعلام الأمريكية تناولت هذه التصريحات بشكل موسّع، حيث تم تحليل مدى دقتها في سياق الأحداث التي شهدتها المدينة مؤخرًا.
وأشار مسؤول محلي في لوس أنجلوس في بيان أن “المدينة شهدت بالفعل حرائق متفرقة، لكنها ليست بالحجم الذي وصفه ترامب”، مضيفًا أن فرق الطوارئ عملت بسرعة على احتواء الأوضاع ومنع انتشار الحرائق.
الخاتمة
تتضح ذرائع ترامب بالتدخل بالقوة للسيطرة على الولاية في كلمة له بالبيت الأبيض، إن المدينة كانت لتحترق لو لم نرسل الحرس الوطني إلى المدينة، مؤكدًا أن المتظاهرين في لوس أنجلوس يتسببون في كثير من المتاعب، ويجب التأكد من قدرة القوات على مواجهتهم” حيث أشار إلى أن “قائد الشرطة في لوس أنجلوس أكد أن التطورات في المدينة تفوق قدرة قوات الأمن على التعامل معها” في تهديد لإخضاع المدينة لأحكام الطوارئ، ومجريات الأحداث تبعث تساؤلات جدية على تماسك الجبهة الداخلية الأمريكية ومدى صمود الاتحاد في ظل ما تفرضه سياسات ترامب من انقسامات داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
This post has already been read 618 times!

