لطالما كانت الجغرافيا والموقع الذي يحظى به بلد ما.. ميزة وتفضيل على بقية البلدان خصوصاً لو كان هذا الموقع ذي تميز خاص تتفرد به تلك البلد عن بقية البلدان؛ إلا أن النعمة الجغرافية قد تتحول لنقمة بسبب ما تجره على بلدها من أطماع السيطرة والتحكم لدول قوية تنقصها تلك الميزات.
شكلت قناة السويس مزدوجة متداخلة بين النعمة التي حظيت بها مصر عبر تغييرها قدرها الجغرافي بحفر تلك القناة.. وبين ما جرّته تلك القناة من نقمة وغزو واستعمار وديون وطمع الدول الكبرى بدولة مصر وأرضها للتحكم بمرٍ قدر له أن يكون من أهم الممرات الإستراتيجية في العالم.
أولاً: القنـــاة القديمــــــــــة
لطالما شكل وصل البحرين الأحمر والمتوسط هاجساً وحلماً لدى المصريين والشعوب المختلفة التي مرت على أرض مصر حتى تحققت تلك الرغبة في عهد الخديوي اسماعيل فافتتحت القناة لتختصر الطرق الملاحية العالمية وتغدو أهم الممرات المائية التي يستخدمها العالم اليوم.. ونقصد هنا بالقناة القديمة المشروع القائم منذ حفر القناة وصولاً للفترة الحالية التي افتتحت فيها توسعة ومشاريع تحديث لقناة السويس عرفت بالقناة الحديثة “نستعرضها لاحقاً”
- نبذة تاريخية:
عمّل الفراعنـة منذ 2000 سنة قبل الميلاد على حفر قناة تسهل لهم الملاحة البحرية والنهرية والعبور بين البحرين الأحمر والمتوسط مستفيدين من نهر النيل الذي جرى ربطه مع السويس على خليج البحر الأحمر وصول لدلتا نهر النيل فالبحر الأبيض المتوسط وذلك في عهد نهاية المملكة المصرية القديمة عام 2181 ق.م
توالت عمليات ترميم القناة وتوسعتها في العصر الفرعوني والعصور التي تلته فحملت القناة أسماء متعددة مرتبطة بالملك الذي تتم تلك الأعمال بعهده.. وبذلك أصبحت القناة قناة سنوسرت الثالث فـ سيتى الأول فقناة دارا الأول “الفارسي” وصولاً لعهد الإسكندر الأكبر عام 335 ق. م الذي أشرف بنفسه على مشاريع القناة لنقل سفنه من المتوسط للبحر الأحمر عبر الدلتا والبحيرات وكذلك وضع أسس قناة الشمال لكن وفاته حالت دون إتمام المشروع لتدخل القناة في عهد الركود وصولاً لعهد الإمبراطور الروماني “تراجان” 177 ق.م الذي أعاد احياء القناة وفتح فرعاً جديداً لها فعاشت ما يقارب الـ 300 عام حتى دخلت عهود الإهمال مرة أخرى!!
حمل الفتح الإسلامي لمصر على يد “عمرو اب العاص” قبلة الحياة مجدداً لتلك القنوات المندثرة مع رغبة القائد العربي بوصل مصر بشبه الجزيرة العربية بطرق مختصرة وسريعة؛ فعمل على حفر القناة مجدداً من الفسطاط للسويس (ترميم للمجرى السابق) لتصبح قناة أمير المؤمنين عام 642 م ولتحافظ على عملها قرابة الـ 150 عاماً أخرى حتى عهد العباسيين والخليفة المنصور الذي أمر بردمها ضمن تكتيكه العسكرية لقمع التمردات بداية عهده ليقطع التواصل بين مصر والحجاز
أعاد هارون الرشيد افتتاح القناة ولكنها عادت وردمت مع اغلاق الطريق البحري إلى الهند والمشرق حيث أصبحت البضائع تنقل براً عبر القوافل هناك مستخدمة طرق التجارة القديمة (سيكون لذلك أكبر الأثر لاحقاً مع الكشوفات الأوربية والاستعمار) فبقيت القناة مردومة ومنسية حتى مجيء الحملة الفرنسية على مصر!!
- حفر القناة:
ساهم قدوم الحملة الفرنسية 1799 بإحياء مشروع وصول البحرين الأحمر والمتوسط ببعضهما لتسهيل حركة الملاحة واختصار المسافة التي يتطلبها الدوران حول رأس الرجاء الصالح الذي سيطرت عليه بريطانيا العظمى بعد أن سيطرت على الهند..
قاد التنافس الاستعماري بين فرنسا وبريطانيا لقدوم فرنسا بحملتها واحتلال مصر في سعيها لقطع طريق الهند على الإنكليز ولذلك سعت فرنسا إبان احتلالها ذاك لإعادة مشروع القناة لكن الفشل صاحبه لأخطاء هندسية وقع بها المهندسون الفرنسيون فقد اعتقدوا بارتفاع مستوى البحر الأحمر عن المتوسط؛ الأمر الذي سيقود لغرق مصر في حال قاموا بتلك الخطوة!!
بعد أن تمكن محمد علي من حكم مصر واكتشاف الفرنسيين لخطأ التقويم الهندسي السابق بفرق مستوى البحرين حاول الفرنسيون (كانوا يتمتعون بعلاقات طيبة مع محمد علي) حاولوا اقناعهم بحفر القناة.. لكن الرفض واجههم لاعتبارات عديدة:
- كان محمد علي يخشى تبعات حفر القناة.. ضمن رؤية بعيدة المدى وما قد تجره على مصر من أطماع دوليّة؛ لذلك طالب بضمانات من القوى الكبرى في ذلك الشأن كذلك اشترط أن يكون تمويل القناة مصرياً؛ ورفض طلبه طبعاً
- عدم اقتناع المستشارين في ولاية مصر بجدوى الفكرة ورغبتهم بإقامة قناطر على النيل بدلاً منها!!
انتظر الفرنسيون استلام سعيد باشا لحكم مصر 1854 م قام “فرديناند دليسبس” بإقناع صديقه – الوالي سعيد باشا – بأهمية حفر القناة وضرورة القيام بذلك؛ فتمكن من استحصال مرسوم بإنشاء شركة لحفر القناة وإدارتها بعد صعوبات كثيرة تعلقت بمقاومة بريطانيا لتلك الفكرة ورفض السلطنة العثمانية في البداية لحفر القناة.
بنود المرسوم المتعلق بقناة السويس عام 1856 الذي نظم عقد الامتياز وقانو شركة القناة:
1.حفر قناة تصل بين البحرين “الأحمر والمتوسط”
2.مدة امتياز القناة 99 سنة تتمتع بها شركة قناة السويس بعدها تعود لملكية مصر.
3.قيام الشركة بكافة أعمال الحفر على أن تقدم الحكومة المصرية أربعة أخماس العمالة اللازمة!!
4.تفاصيل أخرى تتعلق بالإمدادات اللوجستية والتشغيلية.
استغرق حفر القناة عشر سنوات تم الانتهاء منها عام 1869م في عهد الخديوي إسماعيل الذي أقام حفلة باذخة جداً بعد انتهاء عمليات الحفر وبدء مراسم الافتتاح..
كانت الحفلة من الضخامة والبذخ والإسراف أن كلفت خزينة مصر تكاليف عالية اضطرت معها لبيع حصتها من شركة القناة لبريطانيا لأجل سداد تلك الديون…!!
ساهم مليون عامل مصري في عمليات الحفر خلال السنوات العشر وقد توفي منهم 125 ألف عامل نتيجة الظروف السيئة للعمل والإرهاق والأمراض ونقص الأغذية والأدوية في مراحل العمل المختلفة.
استمرت الإدارة الأجنبية لقناة السويس طيلة العهد الملكي؛ لكن وفي عام 1910 حاولت شركة قناة السويس –بضغط ودعم بريطاني – تمديد عقد الامتياز للقناة 40 سنة أخرى بعد انتهاء الحالية لتنتهي في ديسمبر/2008 لكن الرفض الشعبي الذي أداره زعماء مصر الوطنيين وعلى رأسهم “محمد فريد بك” قاد إلى رفض البرلمان لمشروع التمديد وليبقى الامتياز على حاله إلى عام 1968م.
- القناة والعصر الجمهوري:
كانت ثورة يوليو عام 1952 التي قام بها الضباط الأحرار في مصر لحظة فارقة امتد أثرها ليتجاوز مصر إلى حدود الإقليم العربي خصوصاً مع ارهاصات الثورة المبكرة التي أنهت الملكية في مصر وأقامت الجمهورية مكانها متخذة لنفسها نسقاً اشتراكياً تأميمياً ضمن رؤية الرئيس المصري آنذاك “جمال عبد الناصر”
بعد أن رفض المعسكر الغربي (أمريكا وبريطانيا) تمويل بناء السد العالي في مصر فما كان من الرئيس المصري إلا أن أعلن تأميم شركة قناة السويس لشركة مساهمة مصرية وأعلن عن قراره ذاك في الإسكندرية 26/يوليو/1956 وتمكنت مصر بإدارة مصرية صرفه من تسيير أعمال القناة والملاحة فيها ودحضت الرؤية الأجنبية بعجز المصريين عن إدارة القناة لوحدهم.. ومع التأميم ونجاح المصريين في تشغيل القناة بدأت ردود الفعل الدوليّة على مراحل متتابعة كرد فعل غاضب على ما جرى
- نتائج تأميم القناة:
رفضت القوى الغربية عملية التأميم وتزعمت بريطانيا جبهة الرافضين فقدمت احتجاجاً شديداً لمصر على تلك الخطوة رفضته الحكومة المصرية باعتبار ما تمّ من شؤون السيادة المصرية.
الخطوة الثانية كانت بسحب الخبرات الأجنبية التي تدير القناة فعوضتها مصر بعمالة مصرية نجحت بتشغيلها؛ الأمر الذي قاد لردود فعل أقسى.
بدأت النتائج الفعلية كرد اقتصادي انتقامي مع تجميد فرنسا وبريطانيا لأرصدة مصر المالية في بنوكهما.. وتبعتهما واشنطن التي جمدت أموال شركة القناة وكذلك أموال الحكومة المصرية لديها حتى تستبين الأمور هناك!!
جاءت الخطوة التالية دبلوماسياً مع قيام حملة في أروقة السياسة الدولية لاتهام مصر بخرقها لكل الاتفاقيات الدوليّة وتهديدها القانون الدولي من خلال عملية التأميم؛ قاد تلك الحملة كل من (بريطانيا وفرنسا وأمريكا) الذين أصدروا بيانا يعتبر تصرف مصر يمنع حرية الملاحة البحرية في القنال!!
دعت الدول الثلاث لتشكيل معاهدة جديدة ووكالة دوليّة لإدارة القناة – شبيهة بوكالات الأمم المتحدة – وخاضت الدول الكبرى ومصر جولات سياسية في تلك الخطوة انتهت بالفشل أمام مجلس الأمن الدولي ما عنى حينها انتهاء الحل الدبلوماسي وانتقلت تلك الدول إلى استخدام القوة ضد مصر!!
انطلقت حرب السويس “العدوان الثلاثي على مصر” كخطوة عسكرية لإرغام مصر على التراجع عن تأميم القناة ضمن مؤامرة إسرائيلية بريطانيّة فرنسية؛ ابتدأت فيها إسرائيل بالهجوم بتاريخ 29/أكتوبر/1956 تبعه انذار ثنائي بريطاني فرنسي لمصر بوقف القتال هناك؛ والأدهى أن طالبت الدولتين كلاً من إسرائيل ومصر الانسحاب شرق وغرب القناة مسافة 10 كم لتقوم بريطانيا وفرنسا باحتلال مدن القناة الرئيسية لحماية الملاحة في القناة!!
مع رفض مصر للطلب الفرنسي البريطاني؛ بدأ الهجوم الجوي على القاهرة وعمليات الغزو على بورسعيد بحيث أصبحت مصر على جبهتين.. جبهة الحدود مع إسرائيل والجبهة الداخلية في مدن القناة
قاومت مصر العدوان في بور سعيد وساندتها الدول العربية عبر نسفها لخطوط امداد النفط تنديداً بذلك الهجوم؛ وتسارعت المواقف الدوليّة الرافضة لتلك الحملة لاعتبارات شتى.. كل ذلك قاد لإنهاء الحملة وسحب بريطانيا وفرنسا لجنودها من بورسعيد في 22 / ديسمبر 1956.
سببت حملة السويس والعدوان الثلاثي على مصر بإلغاء الاتفاقية بين مصر وبريطانيا في العهد الجمهوري وقطع العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا وبريطانيا مع مصر!! كذلك دخلت الحكومة المصرية بمفاوضات شاقة مع شركة قناة السويس لتعويض المساهمين في الشركة من الخسائر التي لحقتهم جراء التأميم.. قادت تلك الاتفاقية لتعويض المساهمين ضمن شروط اتفق عليها وعودة العلاقات الدبلوماسية.
- حيثيات وأبعاد: سلبيات القناة وايجابياتها على مصر والعالم
كما سبب اكتشاف رأس الرجاء الصالح باحتلال البرتغال ومن بعدها اسبانيا وهولندا لكثير من البلدان الآسيوية؛ ساهم حفر قناة السويس بإكساب مصر أهمية جديدة تضاف لأهميتها الجغرافيّة والسياسية والاستراتيجية مما دفع كثيرا من الدول لاحتلال مصر أو الدخول معها بنزاعات لأسباب أهمها قناة السويس.
اختصرت قناة السويس أياماً طويلة من الملاحة البحرية للوصول من أوربا إلى أقاصي آسيا عبر رأس الرجاء الصالح؛ حيث تختصر السفينة الواحدة ما يقارب 15 يوماً من مدة رحلتها المقررة فيما لو عبرت قناة السويس.
ورغم ما قدمته القناة من خدمات كبيرة للملاحة العالمية إلا أنها جرت على مصر ويلات ومشاكل صعبة لأهمية تلك القناة فكانت عاملاً ومحفزاً ومحركات لكثير من الأحداث الجيو – سياسية التي شهدتها مصر.. فقد نبّهت القناة إلى أهمية مصر عند بريطانيا لطريقها إلى مستعمراتها في الهند يضاف لذلك محاولة الإنكليز السيطرة على هذا المعبر العالمي ذي الأهمية الكبرى لدى القوى البحرية العالمية فقاد ذلك لوقوع مصر ضمن سباق التنافس الدولي وصولاً للحماية البريطانية فالاحتلال البريطاني الرسمي لها والانتداب الذي انتهى بقيام الجمهورية!
لم تنجو جمهورية مصر كذلك من تبعات حمايتها لحقوقها؛ فدخلت حرباً جديدة ضمن العدوان الثلاثي عليها ومن ثم احتلال إسرائيل لسيناء والإفادة من القناة كخط طبيعي فاصل بين احتلالها والقوات المصرية على الضفة الأخرى.
كذلك عانت مصر من تكاليف مادية ومعنوية جراء حملة تطهير القناة بعد حرب أكتوبر /تشرين الأول 1973 نتيجة اغلاق مجرى القناة وضفتيها بالألغام والسفن الغارقة وغيرها فتم بذل جهد جبار لإعادة القناة للعمل!!
بالعودة للوراء وفي عصر حفر القناة قادت التكاليف العالية لعملية الحفر إلى إفلاس مصر وارتهانها للديون الخارجية التي قادتها إلى الاستعمار: سببت ثقة سعيد باشا بصديقه “دليسبس” لأزمات اقتصادية جسيمة شهد بها غير مؤرخ وباحث بل إن مفكري الغرب أنفسهم اعتبروا مصر دفعت ثمنا كبيراً في حفر القناة بل اعتبر بعضهم سنة التدخل الأوربي في الشؤون المصرية ابتدأ سنة 1854 (سنة امتياز القناة وليس سنة الاحتلال لاحقاً!! ويجب أن لا ننسى التغيرات الديمغرافية التي تسببت بها القناة على مصر ودول الجوار من خلال هروب آلاف العمال نتيجة لظروف العمل ولجؤهم إلى البلدان المجاورة الأمر الذي ترك أثراً واضحاً خلال العقود اللاحقة!
من جهة أخرى أفادت القناة الاقتصاد المصري بأن أصبحت مصدر دخل رئيس للعملات الصعبة – بعد تأميم القناة – حيث تحصّل إدارة القناة الرسوم عبر سلة عملات تتضمن العملات الرئيسية في العالم (الدولار واليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني) وتساهم القناة بحوالي 5% من الاقتصاد والدخل القومي المصري.
ثانـــــــــــياً: القنــاة الجديدة:
تعتبر قناة السويس من المشاريع الضخمة عالمياً؛ وكحال جميع المشاريع بهكذا حجم فإنها عرضة للمراجعة والمناقشة والأفكار الجديدة بهدف التطوير والتحديث ومواكبة مستلزمات الزمان!!
كان العمل بقناة السويس يجري بنظام القوافل؛ حيث تدخل ثلاث قوافل من السفن يوميا في القناة.. اثنتان من الشمال وواحدة من الجنوب وفق مسافات متساوية وأوقات محددة حيث تصل القوافل كلها في البحيرات الكبرى وتنتظر هناك فلا تمر السفن في القناة عابرة الاتجاهين بذات الوقت الأمر الذي يسبب خسارة في الوقت والجهد
هناك عامل ثان يتحكم بنوعية وكمية دخول السفن إلى القناة؛ فالعمق المحدد للقنال يسمح لسفن محددة وحمولات محددة فقط بالدخول والعبور “خصوصاً مرحلة الانتظار في البحيرات.
كل تلك العوامل دعت لتطوير مجرى القناة وتوسعته عبر فتح تفريعات جديدة بالإضافة لتعميق المجرى الحالي؛ وامتدت طرح الأفكار من عهد السادات حتى بعد ثورة يناير 2012 والحكومة المنبثقة عنها التي عرضت حينها مشروع لتطوير القنال.
وتم العمل الفعلي بمشروع قناة السويس الجديدة في صيف 2015
يقصد بقناة السويس الجديدة التفريعة المحدثة من الكيلو متر 61 إلى الكيلو 95 “وفقاً لنظام ترقيم القنال” يضاف لذلك توسيع وتعميق التفريعات الموجودة في البحيرات والبلاح بطول 37 كم لتصبح القناة الجديدة بطول 72 كم من الكيلو 50 إلى الكيلو 122.
استغرق المشروع سنة كاملة وافتتح بتاريخ 7 أغسطس 2015 بعد أن ساهم الشركات المصرية بعمليات الحفر والتوسعة والترديم.. واعتمد التمويل على اصدار شهادات استثمار للحصول على تمويل مصري بحت قدر حينها بـ 61 مليار جنيه.
“صورة توضيحية للقناة الجديدة نقلاً عن مواقع”
- الدوافع والأسباب:
يعتبر رفع القدرة الاستيعابية لقناة السويس هو المسبب الرئيس في فكرة مشروع القناة الجديدة وتنفيذه؛ حيث تعتمد الاستراتيجية الجديدة على تسهيل وتسريع مرور سفن الشحن في كلا الاتجاهين.. الأمر الذي يقلل من زمن الانتظار السابق للسفن.
تهدف زيادة القدرة الاستيعابية مواكبة توقعات نمو التجارة العالمية المستقبلي (يذكر هنا ارتباط مصر بمعاهدات واتفاقيات طريق الحرير الصيني الجديد) تلك المواكبة تبقي على أهمية قناة السويس العالمية خصوصاً مع وجود طرق ووسائل منافسة يجرى على تطويرها في هذا القصد!!
تساهم التحديثات الجديدة – وفقاً للخطط الإنشائية – برفع الدخل القومي للبلاد من خلال زيادة فرص العمل وخلق وظائف جديدة بالإضافة لزيادة العائدات من العملة الصعبة كوارد متوقع للقناة.
- التغيرات الفعلية:
وصلت تكاليف حفر القناة لحاجز الـ 8.5 مليار دولار بهدف الوصول بعائدات قناة السويس إلى 13مليار دولار بحلول عام 2023.
قام ست شركات حفر بعمليات حفر القناة بالتعاون مع 80 مقاول حيث يتوقع للتوسعة الجديدة أن تغير عدد السفن العابرة يومياً إلى 97 سفينة بدلاً من 49 سابقاً؛ بالإضافة إلى 45 سفينة تعبر كلا الاتجاهين بذات الوقت ودون توقف.
بلغ عدد العمال المشاركين 43 ألف عامل أغلبها عمالة مصرية كما أشرنا وبإشراف مصري على تلك العمليات.
تم افتتاح القناة الجديدة بعد سنة من أعمال الحفر بحفل افتتاح ضخم شارك فيه شخصيات ورؤساء وملوك وقادة من شتى أنحاء العالم.
- النتائج المتوقعة:
يتوقع أن تساهم القناة الجديدة بزيادة عائدات قناة السويس بنسبة 259% عام 2023 ليبلغ 13.226 مليار دولار بدل العائد الحالي 5.3 مليار دولار وفقاً للدراسات والتقديرات الأوليّة للمشروع.
رفع التصنيف الملاحي للقناة ودرجات الملاحة الآمنة مع تحقيق إمكانية العبور المزدوج وتقليل زمن العبور والانتظار إلى 11 ساعة فقط.
كل ذلك يزيد من أهمية القناة والطلب العالمي على استخدامها والمرور فيها!!
- انتقادات:
وجه الكثير انتقادات للمشروع الجديد تتضمن اعتراضاً على فكرة المشروع أو الاستناد على رؤيته المستقبلية؛ حيث يمكن اجمال أبرز الانتقادات:
- لن ينتج عن القناة الجديدة ازدواجية ملاحيّة كاملة على طول المجرى مما يعيد السفن لفكرة الانتظار في البحيرات الكبرى.. مما يعني بقاء نظام القوافل “وإن تغير عديدها!!”
- من غير المتوقع أن يكون الأثر الجديد للقناة الجديدة شبيهاً بأثر وأهمية القناة القديمة على صعيد التجارة العالمية حيث أن التوفير الحالي في الوقت لا يعتبر نقلة جذرية أو نوعية مقارنة مع القناة السابقة!!
- يتطلب تحقيق الربح المنصوص عليه في الخطط التشغيلية للقناة ارتفاع نسبة التجارة العالمية سنوياً بـ 9% على عكس السيرورة الحالية بمعدل 3% مما قد يقود لبعض التناقض وفقاً للآراء الرافضة والمنتقدة!! (كانت صحيفة الاندبندنت البريطانية شككت في الجدوى الاقتصادية للمشروع انطلاقاً من هذه الرؤية معتبرة التجارة الأوربية خاصة والعالمية بتراجع منذ عام 2005)
- انتقاد وجه للحكومة لوقوعها في براثن الدين رغم التمويل الشعبي المفترض للمشروع فقد اقترضت الحكومة ما يقارب 850 مليون دولار من البنوك المحلية!!
- يوجد نقد واعتراض يتعلق بما وصف بالبذخ في حفلة الافتتاح وما رافقها من توزيع هدايا تذكارية للضيوف!!
الجدير بالذكر أن شائعات عديدة راجت مؤخراً عن نيّة الحكومة المصرية خصخصة القناة لبناء وتمويل مشاريع العاصمة الجديدة!! وقد نفت الحكومة المصرية تلك الاتهامات مؤكدة ملكية الشعب المصري للقناة
الخاتمة:
شكلت قناة الويس أهمية محورية لمصر وموقعها الحيوي في العالم؛ وساهمت القناة ابتداءاً من حفرها وصولاً لإدارتها برسم خرائط المنطقة وتشكيلها الجيو – سياسي عبر الحروب والاحتلالات الناجمة عنها بطريقة مباشرة أو عرضية.. وتعاني قناة السويس من مشاريع منافسة تهدد سيطرتها كمعبر دولي مهم للملاحة الدولية حيث يعتبر كل من (قناة البحرين الإسرائيلية وخط الحديد الإسرائيلي بالإضافة لخط الحديد الإيراني وخط بحر الشمال “الناجم من ذوبان جليد القطب”) تعتبر مشاريع ذات تهديد حقيقي للقناة التي قدر لها أن تكون ركزاً لمصر يوازي بأهميته الرمزية التاريخية لآثار مصر الخالدة من أهرامات وحضارة شهد لها التاريخ.
This post has already been read 132 times!