- تعيين جنرال عسكري لخلافة رجل دين على رأس جهاز الاستخبارات الأهم في إيران
- – الفشل الاستخباراتي الخارجي والداخلي أبرز محركات قرار العزل الأخير.
- – ارتفعت مطالبات الأجهزة الأمنية بإقالة حسين طائب، بعد فشل تنفيذ عمليات ضد مواطنين إسرائيليين في تركيا.
- – غضب المرشد واضح على نجله مجتبى ورجله حسين طائب ما انعكس على قرار العزل.
- – القرار يحمل فاتحة تغيرات أمنية وسياسية مهمة في إيران
صدر قرار إقالة حسين طائب، رئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني يوم الخميس الماضي ليتم تعيين الجنرال محمد كاظمي رئيسًا جديدًا للجهاز الأمني ذي الأهمية الكبرى في ترتيب الأجهزة والقيادات الإيرانية.. كما ذكرت أنباء غير مؤكدة عن محاولة اغتيال طائب ونقله إلى المستشفى إثر إصابته.
واستمر طائب في قيادة استخبارات الحرس منذ عام ٢٠٠٩ حيث كان يعمل قبلها بمكتب المرشد الأعلى “علي خامنئي” ليتم تعيينه أخيرًا كمستشار لرئيس الحرس الثوري، حسين سلامي، في منصب جديد يعتبر أقل أهمية من منصبه السابق.
أهمية الجهاز وفاعليته:
يعتبر الجهاز جزءًا من وكالات الاستخبارات الإيرانية، ويتبع الحرس الثوري الإيراني، القوة الضاربة في النظام الإيراني والمسؤول عن تثبيت النظام وحمايته داخليًا وخارجيًا، حيث يعتبر جهاز الاستخبارات المذكور عضو في مجلس التنسيق المخابراتي الإيراني ولديه مجموعة واسعة من المخبرين والمتعاونين.
وتأسس الجهاز بعد الاحتجاجات الشعبية التي تلت انتخابات ٢٠٠٩ ووصول احمدي نجاد للرئاسة حينها، حيث أعلن الحرس الثوري الإيراني تأسيس منظمة “استخبارات الحرس الثوري” وجرى دمج عدة وحدات استخباراتية مع الجهاز الجديد باسم “منظمة استخبارات حرس الثورة الإسلامية”.. ليتولى حينها رجل الدين حسين طائب قيادتها منذ تأسيسها إلى إقالته الأخيرة.
تعمل الاستخبارات بالتوازي مع قوى الأمن الإيرانية ووزارة الاستخبارات الإيرانية ويتضمن الجهاز وحدة “حماية المعلومات” والتي من أبرز مهامها مكافحة التجسس والإشراف الأمني على أداء وسلوك على قادة وأعضاء الحرس، داخل نطاق الحرس الثوري فقط.. يضاف لها “منظمة الحماية” التي تعتبر الجهاز الأمني الثالث داخل المنظمة، وتعنى مهام حماية وأمن الشخصيات والمنشآت الحساسة داخل إيران.
محركات وأبعاد:
كان لافتًا في قرار عزل طائب، تعيين جنرال عسكري لخلافته في سابقة أولى بدل تعيين رجل دين في تلك المهمة الحساسة حيث تعددت التفسيرات حول أسباب الإقالة ودوافعها.
وسائل إعلام تابعة للحرس الثوري الإيراني، علّقت في تصريحاته يوم السبت ٢٥ يونيو أن الهدف من تغيير رئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني يتمثل بـ “إعادة ترتيب عهد جديد، وزيادة الإجراءات ضد إسرائيل، والهجوم الاستخباري على العدو”.
ليذكر يحيى صفوي، كبير مساعدي خامنئي العسكريين، في رسالة التهنئة لرئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري الجديد، إنه في الفترة الجديدة لإدارة هذه المؤسسة، سنشهد “تحييد المخططات الشريرة، والإخفاقات الاستخبارية المتكررة” من إسرائيل.
وبين مزاعم اغتيال طائب والتصريحات الرسمية وشبه الرسمية توحي تقاطعات المشهد أن الفشل الاستخباراتي كان المحرك الرئيس لقرار العزل الأخير ، وأشارت تقارير خارجية أن الأجهزة الأمنية الإيرانية طالبت قبل أيام بإقالة رجل الدين الأمني حسين طائب، بعد فشل جهاز الاستخبارات الذي يقوده في تنفيذ عمليات ضد مواطنين إسرائيليين في تركيا. (قامت إسرائيل أثناء فترة عمله بسلسلة من العمليات الكبيرة منها سرقة خزينة من الوثائق اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده).
وأكدت تحليلات أن طالب وجهازه “فشل بوقف الاختراقات الإسرائيلية ولم ينجح في العمليات الانتقامية في الخارج”، لتربط محركات قرار عزله أنها جاءت من أجل ضخ دم جديد والسيطرة على هذه الأمور. (وفق الإعلام الإسرائيلي، فإن طائب يقف خلف محاولات استهداف سياح إسرائيليين في تركيا).
في العمق من مختلف محركات القرار، يجب توضيح الهدف الأعمق من هكذا خطوة والتي تعكس غضب المرشد خامنئي من نجله مجتبى (المرشح الأبرز لخلافة والده)، والذي يعتبر حسين طائب من أبرز حلفائه، بعد الاختراقات الأمنية والاستخباراتية الواسعة في إيران التي أدت إلى ضرب منشآت واستهداف علماء نوويين وعسكريين مختصين في مجال الصواريخ والمسيرات، في الشهور المنصرمة.
هذا وجاءت التغييرات الجديدة في الأجهزة الأمنية بعد انتشار تسجيلات صوتية لاجتماع حضره كل من قائد الحرس الثوري السابق، محمد علي جعفري، وصادق ذو القدر نيا، المساعد الاقتصادي السابق في الحرس الثوري.. حيث كشفت التسجيلات فسادًا واسعا في الحرس الثوري وبلدية طهران.
وبذات التسجيلات، يبرز الدور المباشر في ملفات الفساد لكل من، رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، وقاسم سليماني القائد السابق لـ فيلق القدس، والمساعد التنسيقي السابق للحرس الثوري، جمال الدين آبرومند، وكذلك، حسين طائب، الرئيس السابق لاستخبارات الحرس الثوري الإيراني.
تبريرات رسمية:
رافق قرار العزل، موجة من التهكم والتكهنات المختلفة والتي عملت الدعاية الرسمية الإيرانية على مواجهتها بتصريحات مختلفة..
وأعلن المساعد السياسي السابق للحرس الثوري، رسول سنائي راد، في افتتاحيته لصحيفة جوان، أن التحليلات المرتبطة بإقالة طائب “تستند إلى تكهنات وبعيدة عن الحقيقة”، والتي “تصل أحيانًا إلى سيناريوهات هوليوودية”.. وهذا ذات توصيف المساعد السياسي السابق للحرس الثوري الإيراني، حول سبب إقالة حسين طائب، منتقدًا في ذات الوقت بعض الشخصيات الأصولية بشدة لمقارنة هذه القضية بإقالة آية الله منتظري.. ليؤكد أن قرار التعيين طبيعي، في حين أن تعيين محمد كاظمي رئيسا جديدًا لجهاز استخبارات الحرس الثوري “مقدمة لتغيير وإعادة تنظيم جهاز استخبارات الحرس الثوري لتحسين وزيادة الكفاءة”.
انعكاسات منتظرة:
لاشك أن قرار الإقالة صدر من أعلى هرم السلطة في إيران -المرشد الأعلى- ما يؤكد أن كواليس الأمن والسياسة في البلاد مقبلة على تغيرات مهمة بعد الهزة الكبيرة التي يتوقع أن يحدثها القائد العسكري الجديد، الجنرال محمد كاظمي، الذي يتوقع أن يسعى لإبعاد رجالات القائد السابق لفيلق القدس، قاسم سليماني، ومختلف أذرع التدخل الخارجي للحرس الثوري.. وهو الأمر الذي قد يؤثر على الوضع السياسي المضطرب أصلًا.
إلى ذلك، فتح قرار إقالة طائب الباب على سلسلة إقالات أمنية عالية المستوى فيما يبدو، حيث وبعد يومين فقط من عزل “طائب” صدر قرار عزل إبراهيم جباري، قائد فيلق “ولي الأمر” الذي يتولى مسؤولية حماية خامنئي بعد 12 عاما في منصبه، ليتم تعيين “حسن مشروعي فر” بديلًا له.
ويوم أمس الاثنين، أصدر المرشد الإيراني، قرار تعيين “مجيد خادمي” رئيسًا جديدًا لجهاز حماية استخبارات الحرس الثوري.. حيث كان خادمي يشغل منصب رئيس استخبارات وزارة الدفاع الإيرانية.
وجهاز حماية استخبارات الحرس الثوري الإيراني الذي يعمل بتسلسل هرمي مباشر مع المرشد، يقوم على مكافحة التجسس داخل الحرس الثوري، ومنع اندساس التيارات التي تتعارض مع سياسة الحرس، ومنع تسريب المعلومات السرية خارج الحرس الثوري، والرقابة السياسية – الأمنية على قادة وموظفي هذه المؤسسة، وفق التوصيف الإعلامي الرسمي في إيران.
This post has already been read 288 times!