-إيران تؤكد استمرار برنامجها مع مفاعل دارخوين
– قرب المفاعل من الكويت يستوجب دراسات تفصيلية ومعالجة أمنية.
– تواجه مفاعلات إيران مخاطر أمنية وطبيعية والزلازل.
– التخطيط السليم وحساب مختلف الاحتمالات ضرورة لتلافي مشاكل المستقبل.
أعلنت إيران عن قرب إدخال مفاعل نووي جديد في العمل على أراضيها بغرض معلن هو إنتاج الكهرباء.. وكان الإعلان الأول عن المفاعل في سبتمبر ٢٠١٦ إبان الاتفاق النووي مع تصريحات علي أكبر صالحي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الايرانية، أن طهران ستبني المحطة الكهروذرية جنوب غربي البلاد بقدرة٣٦٠ ميغاواط وبتصميم جديد بالتعاون مع شركة متعددة الجنسيات.
وفي شهر إبريل الماضي وخلال تفقد الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي، معرض الإنجازات النووية في طهران، والذي تضمن تسعة إنجازات جديدة في المجال النووي، إلى جانب الإنجازات الأخرى لبلاده في المجال العلمي خلال السنوات الأخيرة، كالأجيال المختلفة من أجهزة الطرد المركزي المحلية الصنع. أعلن رئيسي مشروعا لبناء محطة نووية بخبرات محلية في منطقة دارخوين جنوب غربي البلاد، مؤكدًا أن طهران “لن نخضع لمنطق التأخير في التعامل مع مفاعل آراك، ولن نتحمل عبء ذلك”. حيثكشف رئيسي عن الوثيقة الإستراتيجية للصناعة النووية للسنوات العشرين القادمة. في إشارة إلى العرقلة والإشكاليات المتعلقة بمفاوضات البرنامج النووي الجديدة والتي يبدو أن طهران لن تلتزم بالانتظار حتى انتهائها.
كواليس بناء المفاعل:
بحسب تصريحات المسؤول الإيراني، فإن العقوبات التي شملت إيران بعد برنامجها النووي عرقلت المشروع لكن تصميم المحطة الكهروذرية وضع بالتعاون مع شركات اوروبية قبل بدء الحظر على ايران بسبب البرنامج النووي، ومع بدء الحظر غادرت الشركات العمل لكنها عادت بعد الاتفاق النووي الذي وقع في فترة الرئيس الأمريكي باراك أوباما والذي خرج منه الرئيس ترامب.
التصميم الجديد للمحطة تمّ على أساس مفاعل موجود في سويسرا ليناسب العمل مع شركة سويسرية – سويدية، أما عن توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطة الجديدة، فكانت إيران بصدد توقيع عقد مع الجانب الروسي لتوفير الوقود للوحدات النووية، وكان صالحي قد أشار حينها أن الاتفاق النووي مع القوى الكبرى يتضمن مسألة إنتاج الوقود بصورة مشتركة مع روسيا.
وكانت تقارير كثيرة قد ذكر وجود شبهات حول استخدام موقع محطة “دارخوين” للقيام بعمليات تخصيب اليورانيوم. (عملية تحويل اليورانيوم الخام إلى وقود نووي)
مفاعلات إيران النووية
تمتلك طهران 5 مفاعلات رئيسية كانت تخضع لزيارات دورية من مفتشي الأمم المتحدة الذين ثبتوا فيها أجهزة مراقبة تعمل على مدار الساعة ومرتبطة بالأقمار الصناعية، المفاعلات هي:
مفاعل بوشهر – مفاعل أصفهان- مفاعل نطنز- مفاعل أراك- مفاعل فوردو.
بالإضافة لوجود مراكز تخدم الصناعة النووية تتبع لوزارة الدفاع والحرس الثوري الإيراني.
والمفاعل الجديد (دارخوين) يقع في جنوب غرب إيران (في الأحواز/عربستان قريب من مدينة المحمرة العربية) قريبًا من الحدود الكويتية ما يشكل خطرًا محتملًا من النواحي البيئة والأمنية.
إلى ذلك، يعود تاريخ البرنامج النووي الإيراني إلى أواخر الخمسينات من القرن العشرين. فقد حصلت طهران في الستينات على مفاعل بحثي صغير من الولايات المتحدة. ووقعت حكومة الشاه ذات الخطط الطموحة حينها في المجال النووي، عقودا مع شركات ألمانية وفرنسية لبناء ٢٣ مفاعلا نوويا في البلاد، كما انضمت إيران إلى اتفاقية حظر الانتشار النووي عام ١٩٦٨ عام ليصادق البرلمان على الاتفاقية عام ١٩٧٠.
ومع اندلاع ثورة ٧٩، تم تعليق كافة الأنشطة النووية في البلاد. وفي منتصف الثمانينات خلال الحرب مع العراق، استأنفت طهران برنامجها النووي، رغم العقوبات الغربية والضغوط الأمريكية في هذا المجال. لتنجح طهران في مساعيها وحصلت على تكنولوجيات تخصيب اليورانيوم أواخر الثمانينات، مع شرائها أجهزة طرد مركزي باكستانية في السوق السوداء. ومن ثم حصلت على أجهزة مخصصة لتخصيب اليورانيوم بالليزر من الصين، وأجهزة أكثر تطورا من روسيا، وتم نصب تلك الأجهزة في منشأة سرية بلشكر آباد.
المخاطر على الخليج العربي:
إن ملاحظة خريطة توزع المفاعلات النووية الإيرانية، يلاحظها قربها الشديد من مياه الخليج العربي، والأسباب متعددة وعلى رأسها الظروف البيئية حول محطات الطاقة النووية التي تتطلب الاستفادة من مياه البحر لتبريد مفاعل المحطة والحد من الارتفاع الحاد في درجة حرارة المياه المستخدمة في التبريد قبل إعادتها إلى مياه البحر، ولذلك تعد المناطق الساحلية أفضل مكان لبناء المحطات النووية خصوصًا أن جغرافية إيران تفتقر إلى الأنهار.
إلا أن هذا التوزيع الجغرافي، حمل في باطنه مخاطر وتهديدات لدول الخليج العربي، وخصوصًا الكويت لقرب تلك الدول من المحطات التي تواجه تهديدات أمنية من احتمالية القصف الأمريكي والإسرائيلي للمحطات لرفضهم البرنامج النووي الذي قد تحوله طهران إلى برنامج عسكري، دون نسيان احتمالية وقوع كوارث بيئية نتيجة حوادث أو زلازل أو تسونامي أو وقوع تسريبات إشعاعية سيمتد أثرها ولاشك الى دول الجوار وعلى رأسها الكويت.
في هذا السياق، أكد النائب أسامة الشاهين تقديم اقتراح لتكليف مجلس الأمن الوطني (أو أي جهة عمل أمنية ودبلوماسية وبيئية حكومية مشتركة، لبحث التأثيرات البيئية والصحية لبناء مفاعل دارخوين النووي، والتنسيق مع دول المنطقة بهذا الشأن).
تأكيدات الشاهين، جاءت في تصريح صحافي قبل يوم بمجلس الأمة، أعلن خلالها أن الهدف من مقترحه هو حماية الأفراد وتحلية مياه البحر والمنطقة ومنع كارثة تشرنوبل أخرى، مذكرًا أن كارثة فوكوشيما في اليابان ليست ببعيدة، لذا فالواجب تنبيه الحكومة ومطالبتها بتشكيل خلية أزمة للتعاون مع دول المنطقة، تجنبا للأضرار التي يمكن أن تحدث.
يشار إلى أن مفاعل دارخوين الإيراني، يبعد فقط ٨٢ كم عن الأراضي الكويتية ما جعله الأقرب للبلاد بحسب جماعة الخط الأخضر الكويتية البيئية.
وتنقسم المخاطر المحتملة بين هجوم يستهدف المفاعل أو وقوع خلل داخلي يؤدي لتسرب الإشعاعات حيث يؤكد الخبراء أنه في حالة تلف المفاعل، الجهاز الذي يولّد الطاقة في محطة للطاقة النووية، والمبنى الذي يحتوي عليه، فقد يتسبب ذلك في ارتفاع درجة حرارة المفاعل وانصهار قلبه.. وقد يتسرب الإشعاع بعد ذلك إلى البيئة المحيطة. هذا الإشعاع إذا تعرض الناس له، قد يتسبب ذلك في آثار صحية شديدة فورية وطويلة المدى بما في ذلك السرطان. وهو ما جرى في حالة محطة محطة تشيرنوبيل للطاقة في أوكرانيا عام ١٩٨٦ التي شكلت أسوأ حادث نووي في التاريخ.
وتبقى المخاوف من أن عوامل من الخطأ البشري والميكانيكي في منشأة نووية قد تؤدي إلى ضرر كبير للناس والبيئة حيث تحتوي المفاعلات النووية العاملة على كميات كبيرة من منتجات الانشطار الإشعاعي التي يمكن أن تشكل خطرا إشعاعيا مباشرا إذا ما تم تفريقها وتلوث التربة والنباتات وتناولها البشر والحيوانات.
نشير أنه في حالة وقوع حادث نووي نتيجة تدمير أو أضرار في محطة نووية، يعتبر اليود المشع أحد المواد الأولى التي تنتشر بعد الحادث. يمكن أن يسبب هذا اليود المشع أضراراً في أنسجة الغدة الدرقية ويدمرها، ويمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالسرطان. يدخل النشاط الإشعاعي إلى الجسم عن طريق الاستنشاق أو يُمتص عبر الجلد.
كما يمكن للنشاط الإشعاعي أن يسبب سرطان الغدة الدرقية والأورام وسرطان الدم الحاد وأمراض العيون والاضطرابات العقلية وحتى الأضرار التي تلحق بالمواد الوراثية. وإذا تعرض الجسم لجرعة كبيرة من الإشعاع خلال فترة زمنية قصيرة جداً، فقد يؤدي ذلك إلى الوفاة في غضون ساعات أو أيام قليلة.
إن مناقشة المخاطر المحتملة تتعلق بمعرفة طبيعة الخطر نفسه وإذا ما كان ناتجًا عن انفجار نووي أو إذا امتلك المفاعل أسلحة نووية، فالتأثير الأولي الأخطر يقع ضمن مساحة ٥٠٠ كم مربع (الكويت ليست بعيدة عن هذا) أما خطر التسريب الاشعاعي في فيحتاج نقاشًا أكثر تفصيلًا.
This post has already been read 47 times!