التمهيد
يحمل مقتل القيادي الميليشياوي في غزة ياسر أبو شباب تساؤلات كبيرة حول من يقف وراء قتله وتوقيت مقتله وانعكاسات غيابه على المخططات الإسرائيلية لقطاع غزة ومستقبل مجموعته التي اتخذت من تحدي حركة “حماس” والتعامل مع الكيان الإسرائيلي منهجًا ومسارًا.

المحور
من هو ياسر أبو شباب
فلسطيني من قطاع غزة مواليد 1993، من قبيلة الترابين، سبق أن سجن في القطاع بتهمة تجارة المخدرات عام 2015، وهرب بعد 7 أكتوبر من السجن.
وبزغ نجمه مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بتشكيله ميليشيا مرتزقة تدعى “مرتزقة القوات الشعبية” التي تتألف من حوالي 300 مرتزق ينشطون في المنطقة الشرقية من رفح، ويحظون بدعم خاص من الكيان، حيث بدأ الكيان بتزويد جماعة أبو شباب بالأسلحة والمعدات في عام 2025، وهدفهم المعلن محاربة “حماس” بذريعة محاربة الإرهاب.
قدمت مجموعة “أبو شباب” نفسها على أنها حامية المساعدات الإنسانية المقدمة للقطاع، وأنها قد طهرت شرق رفح من مقاتلي “حماس”، حيث تحظى بتأييد السلطة الفلسطينية، في حين اتهمتهم تقارير مغايرة أنهم سرقوا المساعدات الإنسانية التي دخلت القطاع.
وسبق لرئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جوناثان ويتال، أن أشار أن عصابات مثل عصابة أبو شباب مسؤولة عن “السرقة الحقيقية للمساعدات منذ بداية الحرب” وأن هذا يتم “تحت أنظار القوات الإسرائيلية”.
في حين أعلنت عائلة ياسر تبرؤها منه بسبب “دعمه لقوات الاحتلال الصهيوني” وقالت إنها “لا تمانع في أن يقوم المحيطون به بتصفيته فورًا”.
لتعلن وسائل الإعلام الإسرائيلية يوم 4 ديسمبر 2025، وفاته بمستشفى “سوروكا” متأثرًا بجراحه ويقال إن “حماس” هي من قتله، في حين تشير تقارير أخرى أنه قتل في اشتباكات بين العشائر.

التعاون مع الكيان
أعلن رئيس وزراء الكيان، بنيامين نتنياهو في شهر يونيو 2025، أن جيش الكيان قام بتزويد جماعة “أبو شباب” بالسلاح، وهذا الإعلان واجه انتقادًا من أفيغدور ليبرمان، الذي اعتبر أن أبو شباب مرتبط بتنظيم الدولة “داعش”، ونفت جماعة أبو شباب تلقيها السلاح من الكيان، الذي أعلن في 8 يونيو موافقته على أن تأخذ الجماعة دورًا محوريًا في حكم القطاع بديلًا لـ”حماس”.
مقتل ياسر وتعدد الروايات
وفق بيان مجموعة “أبو شباب” فإن ياسر قتل في خلاف عشائري أثناء محاولته إصلاح الخلاف، وهذا ما أكده بيان لـ عشيرة أبو سنيمة في قطاع غزة يوم الخميس، حيث صدر بيان حول مقتل أبو شباب، أشار إلى أن أحد أفرادها هو من قتله.
ومع تعدد روايات مقتله بين المعلن والمخفي، واحتمالية قيام عناصر من “حماس” بتصفيته، وفق خطة تتبعها الحركة لتنظيف القطاع من مخلفات المعارك والعملاء الذين تعاونوا مع الكيان، الملاحظ أن مقتل أبو شباب، لم يكن مفاجئًا.. بل إن تقاطعات المشهد توحي وتعزز أن أطرافًا كثيرة تريد مقتله، سواء من قيادات حركة “حماس” مع ما يحمله من تهديد للحركة وتعامله مع الكيان، إلى خصومه في حركته والعشائر الذين أصابهم ضرر منه ومن أقربائه، أو من عائلته أو بعض أبنائها الذين تبرأوا منه وأصابهم العار من تعامله مع الكيان.
لكن الأبرز والمهم في مقتله، أن المتعاونين مع الكيان الصهيوني ليسوا محصنين من العقاب ولا حماية كافية لهم.

دلالات وانعكاسات مقتل أبو شباب
أراد الكيان الإسرائيلي بدعمه لـ ياسر ومجموعته، أن يجهز جهة بديلة لحكم القطاع توصف من المدنيين والعشائر وأهل القطاع، تكون مغايرة لحركة المقاومة وتتسلم مهامها بعد انتهاء الحرب على القطاع.
ورغم إعلان الكيان أن مقتله بسبب صراع عشائري داخلي في القطاع، يبقى مقتله فشلًا عميقًا للكيان الذي حاول إثبات نظرية أمنية جديدة في القطاع تستند إلى ميليشيات عشائرية محلية تكون بديلة عن حركة “حماس” التي أثبتت أنها أكثر تنظيمًا وأمنًا وانضباطًا وتتمتع بشرعية شعبية تفوق بقية المنافسين المحليين.
ومع وقف إطلاق النار قبل شهر ونصف في القطاع، استعادت الحركة “حماس” تحركاتها السريعة والحازمة للقضاء على الجيوب العميلة التي زرعتها إسرائيل، لإفشال خطط فرض واقع جديد، برسالة واضحة مباشرة أن السلطة الحقيقية في القطاع ما تزال كامنة بيد الحركة.
الأهم في رسائل مقتل أبو شباب أنها وقعت في رفح، بيد العشائر – وفق تقارير الإعلام – ورفح يسيطر عليها جيش الكيان سيطرة كاملة، وميليشيات أبو شباب محسوبة كشريك فعلي للكيان، ومقتل قائدها رسالة أنها هدف رئيس في المرحلة المقبلة، وأن وهم العشائر والمصادر المحلية الإسرائيلية لحكم القطاع يواجه بقوة.
الخاتمة
وعليه، بدأت تقارير الكيان الداخلية تؤكد أن مقتل ياسر ليس حادثًا معزولًا أو عرضي، بل فشل ذريع يؤكد قصر نظر السياسة المتبعة، حيث منحت مليشيات محلية سلاحًا وعتادًا خلال أشهر طويلة لصناعة بديل مدني مفترض عن “حماس”، لكن انتهى الأمر بمعارك وتصفية داخلية – على افتراض أن “حماس” نفسها لم تقم بتصفيته – فمقتله بيد العشائر إثبات قوي لفشل المشروع الإسرائيلي، ما يعيد طرح كثير من المسائل على طاولة مستقبل غزة في الفترة المقبلة، لكنه يؤكد أن القيادة القادمة في غزة لن تولد بإملاء إسرائيلي.
This post has already been read 14 times!

