تقضي الفتاة “باربي” يومها مع صديقاتها في مدينة “باربي لاند” ترفل في النعيم قبل أن تتوقف عن عاداتها اليومية وتكتنفها مخاوف عن الحياة والموت. تقرر أن تذهب إلى العالم الحقيقي، وبينما تستقل سيارتها يفاجئها الشاب كين برغبته في الانضمام إليها في هذه الرحلة فتوافق على مضض. يتعرض كين وباربي لمشاكل جمة في العالم الحقيقي، ويُلقى القبض عليهما قبل أن يحاول كل منهما اكتشاف نفسه والمجتمع من حوله في الفيلم الأميركي “باربي”، من إخراج غريتا غيرويغ وإنتاج عام 2023.
صبح الفيلم حديث الاقتصاديين الأميركيين في الأسابيع الماضية منذ بدء عرضه في دور السينما في الولايات المتحدة ومختلف دول العالم بسبب تأثيره ليس فقط على صناعة السينما، ولكن أيضا على الاقتصاد الأميركي ككل. وترافق هذا مع جدل محتدم في عدد من الدول العربية والإسلامية حول الفيلم الذي وصل لمنع عرضه في عدد منها بسبب ترويجه لقيم تتعارض مع الدين والثقافة العامة. وسنركز في هذا المقال على الشق الاقتصادي المتعلق بالولايات المتحدة في هذه المسألة؛ لأن تقييم الفيلم من الناحية القيمية والأخلاقية يحتاج إلى نقاش مستقل.
في المؤتمر الصحفي لرئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي بالولايات المتحدة جيروم باول الشهر الماضي سأله أحد الصحفيين عن تأثير الأرقام التي حققها فيلم باربي في شباك التذاكر على الاقتصاد الأميركي؛ فأجاب بأن هذا يدل على تباطؤ التضخم وانتعاش ثقة المستهلك. كما أعلن بنك “أوف أميركا” أن إنفاق المستهلكين على صناعة الترفيه وشراء الملابس قفز في الأسبوع الذي بدأ فيه عرض فيلم باربي بنسبة 13%.
هذا يشير بوضوح إلى أن هناك مساهمة للفيلم في دعم الاقتصاد الأميركي وزيادة القدرة الشرائية للمستهلكين. يأتي هذا وسط سيل متدفق من التحليلات الأميركية حول دلالات ذلك اقتصاديا وتأثيره القريب والبعيد. يختلف هذه التأثير عن الأرباح التي جناها الفيلم والتي تخطت حاجز مليار دولار في دور العرض حول العالم. وهناك حفاوة كبيرة في الولايات المتحدة بعودة الإنفاق لهذا المستوى، خاصة على صناعة الترفيه بعد جائحة كورونا التي أصابت قطاع السينما بما يشبه الشلل.
يعزو عدد من الاقتصاديين الأميركيين هذا الأمر إلى دخول عنصر الثقافة الشعبية، خاصة المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ بوصفها أحد أدوات التحليل الاقتصادي لرصد الظواهر الثقافية الجديدة باستخدام بيانات المستخدمين. وهنا تجاوزت فكرة تسويق فيلم باربي الترويج له لجذب أكبر قطاع ممكن من المشاهدين إلى صناعة ثقافة شعبية جعلت اللون الوردي مسيطرا على خيال وملابس النساء والفتيات وحتى الرجال والفتيان.
وفي هذا الصدد يرى البروفيسور ماركوس كولينز الأستاذ بجامعة ميشيغان الأميركية أن الثقافة هي القوة الخارجية الأكثر تأثيرا في السلوك البشري، وأن بروز وسيطرة فيلم باربي على الجماهير بهذا الشكل أبلغ دلالة على هذا الأمر.
This post has already been read 81 times!