لا تزال الأحداث مشتعلة على الساحة السياسية البريطانية خلال الفترة الماضية، خصوصاً بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة زعيم حزب العمال كير ستارمر الفائز برئاسة الوزراء في 5 يوليو الماضي، حيث شهد الشارع البريطاني خلال فترة توليه البسيطة أحداثاً وصفت بالسلبية تمثلت بانتشار الاحتجاجات في بعض المدن، وأرجع القائمون عليها الأسباب إلى عدم قدرة الحكومة الحالية على القيادة الفعّالة وأن فترة تولي ستارمر المنصب اتسمت بالتردد والافتقار إلى الاتجاه الواضح والفشل في توصيل رؤية الحزب بشكل فعال.
وكان لحادثة ساوثبورت التي راح ضحيتها ثلاث فتيات، الأثر الكبير في هيجان الشارع البريطاني، حيث رأوا أن الحكومة غير قادرة على إرساء قواعد الأمن في البلاد، إضافة إلى ضعف الاستجابة من قبل الحكومة لهذه الحادثة التي وصفت بالمأساوية.
وسائل التواصل
وبالمقابل ارتفعت الأصوات المؤدية للحزب الحاكم، مشيرة إلى أن هناك حالة استغلال من قبل اليمين المتطرف لبعض الأحداث، حيث شدد عمدة لندن، وهو أحد كبار السياسيين المسلمين في المملكة المتحدة، على ضرورة تحرك الوزراء بسرعة “كبيرة جداً” لمراجعة قانون “التصفح الآمن للإنترنت” الذي أقرّه البرلمان السابق على ضوء الاضطرابات العنيفة التي شهدتها البلاد.
كما يرى 70% من البريطانيين، وفقاً لاستطلاع حديث للرأي أجْرته شركة “يوجوف”، أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست منظمة بالقدر الكافي، وذكر 71% من عينة الاستبيان أن هذه المنصات لم تُفعل ما يكفي لمواجهة المعلومات المضللة بشأن حادثة ساوثبورت وما تلاها من أعمال عنف وشغب.
ووفق نتائج الاستطلاع ذاته، قال 66% إن شركات التواصل الاجتماعي يجب أن تتحمل المسؤولية عن المنشورات التي حرّضت ولا زالت تحرّض على السلوك الإجرامي خلال احتجاجات اليمين المتطرف بعد 29 يوليو الماضي.
جمع التوقيعات
وفي السياق ذاته، يرى أخرون أن اليمين المتطرف، يواصل استغلال ما يدور على الساحة السياسية في بريطانيا، حيث اُطلقت عريضة إلكترونية تطالب زعيم حزب العمال ورئيس الوزراء البريطاني الحالي كير ستارمر بالاستقالة من منصبه كزعيم لحزب العمال.
وكان ستارمر قد تحدّث عن رؤية حكومته لنشاط اليمين المتطرف على فضاء الإنترنت بمختلف منصاته، قائلاً إن “وسائل التواصل الاجتماعي ليست مناطق متحررة من القانون عندما يتعلق الأمر بأمن بريطانيا”، وأن من وصفهم بـ”البلطجية” والمحرضين على العنف “سيواجهون حكم القضاء على أفعالهم وأقوالهم”.
توقيع عريضة
الموقعون على العريضة البالغ عددهم 194237 شخصاً، أعربوا عن قلقهم العميق بشأن الإجراءات والتصريحات الأخيرة التي أدلى بها كير ستارمر، معتقدين أن قيادته كانت مسببة للانقسام وضارة للحزب والبلاد ككل.
احتواء العنف
ساد جوّ من الارتياح في المملكة المتحدة، نهاية الأسبوع الماضي، بعدما شهدت مسيرات سلمية مناهضة للعنصرية. ومع ذلك دعا ستارمر، إلى عدم تخفيف الجهود المبذولة لمكافحة عنف اليمين المتطرّف الذي هزّ البلاد على مدى أسبوع.
وكانت الحكومة قد وضعت ستة آلاف عنصر من الوحدات الخاصة في الشرطة في جهوزية، للتعامل مع نحو مائة مظاهرة لناشطي اليمين المتطرف ومظاهرات مضادة دعي إليها، كما أكّدت تخصيص 567 موقعاً لسجن مثيري الشغب.
وبعد تلك الحالة من الهدوء، يظل السؤال مطروحاً هل يتمكن ستارمر من “تحجيم” اليمين المتطرف أم يكون ذلك “الهدوء الذي يسبق العاصفة؟”.
This post has already been read 113 times!