تتجلى قوة المجتمع بمدى حصانته ووعيه ومعرفته وإدراكه بكل تعقيدات الأزمات التي تواجه والتحديات المحيطة به؛ هذا الوعي هو الذي يمنع المجتمع من الانهيار ويضمن له أسباب الاستمرار رغم الصعوبات.
وقدم التاريخ نماذج كثيرة لمجتمعات استطاعت الخروج من أزماتها أقوى وأصلب، وأخرى انهزمت بفعل العامل الداخلي فاندثرت واختفت من الوجود.
هذا كله يدفعنا للبحث عن أهمية الوعي في المجتمع وهل يمكن قياسه والأهم من ذلك كله، هل يمكن رفع مستوى الوعي في أي مجتمع وتحصينه ورفع استعداده بشكل يضمن له البقاء؟، فالمجتمع والناس هو الركيزة الأهم في أي حضارة. قد تنهار الدولة والحكومة لكن إن كان المجتمع واعٍ، فسنشهد النهوض من الرماد من جديد.
أهمية الوعي في المجتمع
يمكن إدراك أهمية الوعي في أي مجتمع عند وقوع الأزمات التي تكشف مستوى ذلك الوعي المجتمعي، وإدراك العقل الجمعي للمجتمع لحقيقة الواقع، دون اجتزاء أو تغيير، والاتفاق على ما يجب فعله في هذه اللحظة المفصلية الفارقة هو المفهوم الأدق للوعي المجتمعي.
إن الوعي في المجتمع يمنح الجماهير الطاقة ويجمع أفرادها ويعطيهم قوة التغيير ما يفسر أهمية صناعة الوعي، التي تتم عبر خطوات مدروسة ترفع مستوى المجتمع وتحارب الجهل الذي ينتشر فيه، حيث يسمح الوعي بكشف الحقائق للشارع ويكشف ويحدد خريطة أعداء وأصدقاء الشعب، ويُشعل فيه أسباب الغضب ضد من انتهك حقوقه وفشل بإدارة مقدراته وأضاع فرصه، ومستقبله.
اختلاف الوعي وثباته
تعتبر منظومة القيم والأفكار الحاكمة لتفكير وتصور وسلوك وأداء المجتمع، هي الجزء الأساسي الثابت لكل مجتمع إنساني، يقابلها جزء متغير يرتبط بخصوصية كل مجتمع وطبيعته وخصوصية المرحلة التي يمر بها استناداً للبنية المعرفية ذات العلاقة بالظرف التاريخي، وهذا ما ستناقشه هذه السلسلة ضمن منظور عام يستند لصناعة الوعي في أي مجتمع.
This post has already been read 104 times!