يشهد السباق الانتخابي الأمريكي منعطفين خطيرين قد يحسمان المشهد لصالح الرئيس السابق دونالد ترامب. فبعد المناظرة التي وقعت قبل أيام بينه وبين الرئيس جو بايدن، ومن ثم محاولة اغتياله قبل ساعات في بنسلفانيا، الولاية التي تصنف ضمن الولايات غير الداعمة لترامب.. ترتفع أسهم الرئيس السابق أمام خصمه بايدن تحديدًا.
فشل المناظرة
أظهرت المناظرة السابقة ضعف شخصية بايدن وارتباكه وضياع منطقه أمام خصمه ترامب، وهي خطوة مهمة للناخب الأمريكي المتأثر بشدة بوسائل الإعلام وبما تروج له الدعاية السياسية مع ارتفاع أسهم اليمين في أمريكا والعالم. وبذلك زادت حظوظ ترامب أمام خصمه بايدن بشكل رئيس وهي ما دفعت الحزب الديمقراطي لمناقشة فكرة تقديم مرشحين بدلاء عن بايدن.
محاولة الاغتيال
تعرض ترامب لمحاولة اغتيال فاشلة في ولاية بنسلفانيا وسط تجمع انتخابي وتظاهرة خاصة بسباقه الرئاسي، بعد أن تعرض لإطلاق نار بعد لحظات من صعوده إلى المنصة في التجمع.
الحادثة تضعنا أمام احتمالات ثلاث في سياق وقوعها:
– خصوم ترامب حاولوا اغتياله للقضاء على التهديد الذي يشكله، وهنا يجب الانتباه أن المحاولة وقعت في ولاية بنسلفانيا غير المؤيدة له.
– تمثيلة مصطنعة من قبل أنصار ترامب، يعزز هذه الفرضية الرغبة بإظهار مظلومية ترامب أمام الشارع الأمريكي بشكل يعزز فرص فوزه، واستحضار اغتيال الرئيس كينيدي قبل نصف قرن.
– تصرف فردي من شخصية كارهة لترامب ونهجه الشعبوي، وهي تصرفات معهودة في الغرب وشهدنا مثلها باغتيال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي عام ٢٠٢٢، بيد شخص حاقد عليه بتصرف فردي غير منظم.
تتقاطع الحالات الثلاث بنقطة جوهرية وهي استفادة الرئيس السابق ترامب مما جرى، حيث ستعزز الدعاية الانتخابية له فكرة المظلومية وفكرة خطورة الرجل على الدولة العميقة في أمريكا وتغازل عقلية الشارع الأمريكي الميال لفكرة المؤامرة ما يرجح فرض فوزه ويرفع أسهمه بشكل أكبر.
يؤكد فكرة المظلومية التعليق السريع للرئيس الأسبق باراك أوباما على عملية الاغتيال حيث قال: “لا يوجد مكان على الإطلاق للعنف السياسي في ديمقراطيتنا. ورغم أننا لا نعرف بعد ما حدث بالضبط، ينبغي لنا جميعا أن نشعر بالارتياح لأن الرئيس السابق ترامب لم يصب بأذى خطير، ونستغل هذه اللحظة لإعادة إلزام أنفسنا بالكياسة والاحترام في سياساتنا. أنا وميشيل نتمنى له الشفاء العاجل”.
خطوة ذكية من الديمقراطيين لاستباق فكرة المظلومية عند ترامب وحملته، مع التلميح الضمني لفكرة العنف السياسي الذي اتبعته حملة ترامب نفسه حيث اقتحم الكونغرس ومبنى الكابيتول قبل أربع سنوات.
ترامب قادم
بين المناظرة ومحاولة الاغتيال والزخم الشديد الذي تبديه حملة ترامب، تتعزز فرص فوز الرئيس السابق ووصوله مجددًا للبيت الأبيض ما يفتح الباب على تساؤلات عن مسار المشهد الدولي بعد قدومه، وهذا ما نشهده من استعجال وتحركات دولية استباقًا لوصول الرجل في ملفات مثل حرب غزة والأزمة السورية وحرب أوكرانيا ونووي إيران، في ظل تساؤلات جوهرية عن نهج ترامب المحتمل في فترته الرئاسية القادمة، لا سيما بعد اكتسابه خبرات تجربته الأولى بين احتمال استمراريته بذات النهج وتغيير مسار الولايات المتحدة ومن ثم المنظومة الدولية ككل، وبين هدوء الرجل واتباعه أساليب أقل شعبوية – وإن كانت احتمالية ذلك أضعف ضمن عقلية الانتقام التي قد يتبعها- لكن الواجب هو الاستعداد لقدوم ترامب.
This post has already been read 94 times!