• الكويت مطالبة بالتوسع في الشراكات الدولية الاقتصادية
• «أفول شمس النفط».. كسوف يحتم فتح مصادر مستدامة لا تعتمد على «البترودولار»
يقوم اقتصاد الدول الخليجية ومن ضمنها الكويت على النفط الذي يعتبر أهم مصادر الدخل لها وأحد أبرز شرايين الطاقة للعالم الذي بات يتجه مؤخراً مع التطور السريع والمتواصل إلى “الطاقة المتجددة والنظيفة” التي تعتمد على الشمس والرياح والسدود المائية التي تولد الكهرباء وغيرها.
* ضعف نمو الاقتصاد
وكان تقرير للبنك الدولي -صدر بنهاية العام 2023 – قد أشار إلى أن اقتصادات منطقة مجلس التعاون الخليجي ستنمو بنسبة 1% عام 2023، قبل أن تعاود ارتفاعها لتسجل 3.6% و3.7% في عامي 2024 و2025 على التوالي.
كما توقع البنك الدولي أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي للكويت نموا بنسبة 2.6% خلال العام الحالي 2024، فيما سيزداد معدل النمو خلال العام المقبل 2025 إلى 2.7% مقارنة بتقديرات بلغت 0.8% خلال 2023. وخليجيا، توقع تقرير «الآفاق الاقتصادية العالمية – يناير 2024»، نمو اقتصاد السعودية بنسبة 4.1% خلال العام الحالي، و4.2% خلال 2025.
فيما توقع نمو اقتصاد الإمارات إلى 3.7% خلال 2024، و3.8% خلال العام المقبل، بينما تشير التوقعات إلى نمو اقتصاد البحرين بـ 3.3% خلال 2024، و3.2% خلال 2025، وسينمو اقتصاد عمان بـ 2.7% خلال 2024 و2.9% خلال 2025، بينما يتراجع نمو اقتصاد قطر إلى 2.5% خلال 2024 مقارنة بـ 2.8 خلال 2023، ويزداد في 2025 إلى 3.1%.
وعزا البنك الأداء الاقتصادي الضعيف هذا العام إلى انخفاض أنشطة قطاع النفط الذي يُتوقع أن ينكمش بنسبة 3.9%، في أعقاب تخفيضات الإنتاج المتتالية لتحالف “أوبك بلس”، بالإضافة إلى التباطؤ الاقتصادي العالمي.
* مجالات التنمية المستدامة
ونرى من وجهة نظرنا أن الطاقة تؤدي دورًا حيويًا لا غنى عنه في عالمنا المعاصر، فقد اتضحت أهميتها في عملية التنمية وارتباطها الوثيق بمختلف مجالات التنمية المستدامة وأبعادها، أيضًا ثمة اتجاه عالمي نحو اللجوء إلى مصادر الطاقة المتجددة نظرًا لکونها تتميز بديمومة وجودها وعدم نفادها، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والحرارية، لسد احتياجات الإنسان المتزايدة من الطاقة من ناحية، وخروجًا من شبح نفاد موارد الطاقة الأحفورية غير المتجددة وعلى رأسها النفط والغاز من ناحية أخرى.
ومن هنا تأتي أهمية المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يعقد اجتماعاً سنوياً يستمر لـ5 أيام في منتجع “دافوس” الشتوي، لمناقشة معظم القضايا الملحة التي تواجه العالم، بما في ذلك الصحة والبيئة، وبالإضافة إلى ذلك الاجتماع السنوي، يقيم المنتدي اجتماعات إقليمية، آخرها كان في العاصمة السعودية الرياض، وانطلق تحت شعار “التعاون الدولي والنمو والطاقة من أجل التنمية”.
وشارك في الاجتماع، أكثر من ألف شخص من رؤساء الدول وكبار المسؤولين والخبراء الدوليين، من القطاعات الحكومية والخاصة، وذلك لمناقشة مختلف القضايا والتطورات الاقتصادية العالمية.
وركز الاجتماع على 3 محاور رئيسة هي التعاون الدولي والنمو والطاقة، بهدف إيجاد أرضية مشتركة بين مختلف الأطراف لصنع تأثيرات إيجابية عالمية، من خلال حوارات وجلسات نقاشية تركز على تعزيز التعاون الدولي وتحفيز الجهود المشتركة لابتكار حلول مستدامة.
المحاور الـ 3 لها أهمية كبيرة بالنسبة للكويت من خلال التعاون الدولي مع المشاركين في المنتدى، حيث تهدف رؤية الكويت 2035 الى تحويل الدولة لمركز مالي وتجاري إقليمي وعالمي جاذب للاستثمار يقوم فيه القطاع الخاص بقيادة النشاط الاقتصادي ويحقق التنمية البشرية ويزكى روح المنافسة ورفع كفاءة الإنتاج في ظل جهاز مؤسسي داعم، يعمل على ترسيخ القيم الوطنية والحفاظ على الهوية الاجتماعية والتنمية البشرية ويوفر البنية الأساسية الملائمة لبيئة أعمال مشجعة ومتطورة.
مما يؤكد ضرورة التعاون الدولي بالنسبة للكويت مع مختلف دول العالم ذات الاقتصاد الضخم والمؤسسات المالية الكبرى والشركات العالمية من خلال هذه المنتديات الاقتصادية التي شارك بها آلاف المختصين والمحركين الدوليين المؤثرين على تفاعلات الاقتصاد الدولي.
* المشاركة الأميرية
وكان قد ترأس سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد وفد الكويت في المنتدى العالمي، الذي عُقد في الرياض على مدى يومين، وتعكس مشاركة صاحب السمو على رأس الوفد الحرص السامي على المشاركة في القمم والمؤتمرات الدولية التي تستضيفها السعودية، وتبرز دور الكويت الريادي ومكانتها الاقتصادية المهمة إقليمياً ودولياً، وتعكس ما يمثله المنتدى العالمي للكويت ودول مجلس التعاون الخليجي من ركيزة لبحث الفرص الاقتصادية وتعزيز الشراكات الدولية.
* قوة هائلة
الكويت تملك قوة هائلة تتمثل في الهيئة الكويتية العامة للاستثمار، وهي واحدة من أكبر الصناديق السيادية بالعالم، بأصول تبلغ أكثر من 800 مليار دولار، وتقدر بـ 470 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، لذلك يجب استغلالها وتطويرها ورفع عائداتها وضخ استثمارات متنوعة ومستقبلية في الأسواق الحديث مثل التكنولوجيا والشرائح الإلكترونية وغيرها.
* رسالة أخيرة
رغم أن معظم دول الخليج تعمل على تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط والغاز، فإن مبيعات الطاقة لا تزال تمثل أكثر من 90 بالمئة من إيرادات الكويت، فمن المستحيل استدامة دولة الرفاه في ظل استمرار الاعتماد على ثروة طبيعية ناضبة، لذلك يجب أن يكون هدفنا تحويل الثروة الناضبة إلى ثروة متجددة وحيوية بعيد عن صدمات النفط التي يتعرض لها اقتصاد البلاد بين الحين والآخر، باعتبار أن الكويت تعتمد على الذهب الأسود كمصدر أساسي للدخل.
* ما هو منتدى دافوس؟
المنتدى الاقتصادي العالمي “دافوس”، هي منظمة دولية غير ربحية مستقلة منوطة بتطوير العالم عن طريق تشجيع الأعمال والسياسات والنواحي العلمية وكل القادة المجتمعيين من أجل تشكيل الأجندة العالمية والإقليمية والاقتصادية. تأسست على يد أستاذ الأعمال كلاوس شواب عام 1971 في كولوجني التابعة لجنيف في سويسرا، كما افتتحت في عام 2006 مكاتب إقليمية في العاصمة الصينية بكين ونيويورك في الولايات المتحدة.
وتضم المنظمة في عضويتها ألف من كبرى شركات العالم عادة ما تكون دورة رأس المال فيها أكبر من 5 مليار دولار. هذه الشركات مصنفة ضمن أعلى الشركات في مجال عملها وتلعب دور القيادة في صياغة مستقبل صناعتها والمنطقة التي تعمل بها وتعتبر قلب نشاطات المنتدى ودعمها هو الأساس في إيجاد حلول عالمية مناسبة لتحسين وضعية العالم.
ورغم أن “دافوس” يعقد مرة واحدة كل عام، فإن تأثيره كبير على الاقتصاد العالمي كونه يسلط الضوء على أكثر القضايا إلحاحا في العالم، ويهدف إلى إيجاد حلول للقضايا المطروحة، وتحقيق استقرار العالم سياسيا واقتصاديا، وتوفير قاعدة للتواصل وتبادل الأفكار بين المشاركين في المنتدى، من أجل تشكيل الأجندة العالمية الاقتصادية بما يؤدي إلى تطوير وتحسين العالم.
This post has already been read 176 times!