• فلول النظام تهدد استقرار «المنطقة العلوية».. ودور مبهم لروسيا
• مخلوف يحلم بإقليم علوي مستقل ما يهدد بتقسيم سوريا
• رجل الأعمال يستغل العلويين لاستعادة نفوذه الاقتصادي
• زعزعة الاستقرار في سوريا من مصلحة إيران والكيان الصهيوني
الساحل السوري، الذي يضم محافظتي اللاذقية وطرطوس، يُعتبر تاريخيًا المعقل الرئيسي للطائفة العلوية التي شكّلت العمود الفقري لنظام الأسد على مدى عقود، بعد سقوط نظام بشار الأسد في أواخر 2024، شهدت هذه المنطقة توترات أمنية متصاعدة، وسط تقارير عن تحركات منسوبة إلى فلول النظام السابق بقيادة رجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال الأسد، بهدف زعزعة استقرار السلطة الجديدة في دمشق. يهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على هذه التحركات، وتحليل دوافعها، وتقييم تأثيرها على الواقع الأمني والاجتماعي في الساحل السوري.
رامي مخلوف
رامي مخلوف، الذي كان يُعتبر أحد أبرز رجال الأعمال في سوريا، سيطر على قطاعات اقتصادية حيوية مثل الاتصالات (سيريتل) والعقارات قبل نزاعه مع الأسد عام 2020، حيث وُضع تحت الإقامة الجبرية وصودرت أصوله. بعد سقوط النظام، عاد مخلوف إلى الواجهة عبر منشورات على فيسبوك، متحدثًا عن دوره كمدافع عن العلويين وحاملًا لراية “إقليم الساحل السوري”.
تحركات فلول النظام السابق
في مارس 2025، شهد الساحل السوري موجة عنف غير مسبوقة، حيث نفّذت مجموعات مسلحة، وصفتها السلطات السورية بـ”فلول النظام البائد”، هجمات منسقة ضد حواجز أمنية ودوريات في اللاذقية وطرطوس. هذه الهجمات أسفرت عن مقتل عناصر أمن ومدنيين، مع تقارير عن عمليات إعدام ميدانية وحرق جثث بالقرب من قاعدة حميميم.
رامي مخلوف برز كشخصية بارزة في هذا السياق، حيث حمّل في منشوراته ضباط الفرقة الرابعة، بقيادة غياث دلا، مسؤولية هذه الأحداث، متهمًا إياهم بالتسبب بـ”مجازر مروعة” ضد العلويين. كما وجّه انتقادات حادة لبشار الأسد، واصفًا إياه بـ “الرئيس الهارب” الذي دمر البلاد وهرب بثرواتها.
في أبريل 2025، أعلن مخلوف عبر منشور على فيسبوك تشكيل “قوات النخبة” بالتعاون مع العميد سهيل الحسن (النمر)، وهو قائد عسكري سابق في النظام السوري متهم بارتكاب جرائم حرب. زعم مخلوف أن هذه القوات تضم 150 ألف مقاتل، مع قوة احتياطية مماثلة، ومليون شخص في “لجان شعبية” لحماية “إقليم الساحل”. هذا الإعلان أثار جدلًا واسعًا، حيث اعتبره مغردون على منصة X محاولة لاستغلال الطائفية وزعزعة الاستقرار.
اتهامات مخلوف للنظام الحالي
في منشور بتاريخ 28 مايو 2025، زعم مخلوف أن النظام الحالي في دمشق، بقيادة أحمد الشرع، يقف وراء “مجزرة” في الساحل بمساعدة تركيا، مدعيًا مقتل 15 ألف شخص وإصابة 20 ألف آخرين. هذه الأرقام تناقض تقارير المرصد السوري ولم تُوثَّق بشكل مستقل، مما يثير شكوكًا حول مصداقيتها. كما اتهم مخلوف شخصيات مثل خالد الأحمد وفادي صقر، المرتبطين بالنظام السابق، بإفشال مبادرته الإنسانية لإنقاذ الساحل، وهاجم وزير الداخلية أنس الخطاب، متهمًا إياه بتدبير هجمات ضد العلويين.
الدوافع وراء تحركات مخلوف
تحركات مخلوف تبدو مدفوعة بمزيج من الدوافع الشخصية والطائفية والسياسية، ومن أهمها استعادة النفوذ الاقتصادي بعد مصادرة أصوله، يسعى مخلوف لاستعادة دوره كلاعب اقتصادي عبر التفاوض أو الضغط العسكري، بالإضافة إلى الزعامة الطائفية من خلال التركيز على “إقليم الساحل” وحماية العلويين، يحاول مخلوف تصوير نفسه كزعيم للطائفة العلوية، مستغلًا مخاوفها من التهميش أو الانتقام، إضافة إلى الضغط على الحكومة الجديدة بعد إعلانه عن “قوات النخبة” قد يكون رسالة ضغط للحصول على تسوية سياسية أو اقتصادية مع دمشق، وهناك أيضاً رغبته في الحصول على الدعم الخارجي ويتضح ذلك في دعوته لروسيا لرعاية “إقليم الساحل” حيث تشير إلى محاولة لكسب دعم خارجي، خاصة مع تقارير عن تحليق طيران روسي في المنطقة.
التأثير على الأمن في الساحل
تحركات فلول النظام، بما فيها إعلانات مخلوف، ساهمت في زعزعة الأمن في الساحل حيث أن تصعيد التوترات الطائفية اتهامات مخلوف بـ”مجازر” ضد العلويين غذّت مخاوف الطائفة، مما زاد من الاستقطاب الطائفي، كما كانت هناك حملات أمنية ردًا على هذه التحركات، حيث نفّذت السلطات السورية حملات تمشيط واسعة، أدت إلى اعتقال العشرات وإغلاق طرق رئيسية، مما زاد من حالة التوتر.
ردود الفعل
استنكرت الرئاسة السورية تحركات مخلوف، معتبرة إياها تهديدًا لوحدة البلاد، ودعت إلى محاسبة المسؤولين عن الهجمات، في حين رفض العديد من العلويين خطاب مخلوف، معتبرين أنه يستغل مخاوفهم لأغراض شخصية، بينما لم تعلّق روسيا، التي دعاها مخلوف للتدخل، رسميًا، لكن تحليق طيرانها في الساحل يشير إلى اهتمامها بالمنطقة.
التحديات والتوقعات
تواجه تحركات مخلوف تحديات كبيرة، حيث يضعف ارتباطه بالفساد في عهد الأسد جاذبيته كزعيم شعبي، وتثير ادعاءاته بـ”مجزرة”، التي تعد تضخيمًا واضحًا للأرقام مقارنة بتقارير المرصد السوري، الشكوك حول نواياه، بينما يُعتبر إعلانه عن “قوات النخبة” مبالغًا فيه، إذ شكك مراقبون في قدرته على حشد 150 ألف مقاتل.
الخاتمة
الساحل السوري، كمسقط رأس النظام المخلوع، يظل ساحة للصراعات السياسية والطائفية. تحركات رامي مخلوف، سواء كانت إعلامية أو عسكرية، تهدف إلى استعادة نفوذه عبر استغلال مخاوف العلويين، لكنها تواجه مقاومة من الحكومة والمجتمع المحلي. لضمان الاستقرار، يجب على الحكومة الانتقالية معالجة التوترات الطائفية وتوفير الأمن دون اللجوء إلى انتهاكات، بينما يبقى دور مخلوف مثيرًا للجدل، قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد أو يتلاشى مع استمرار فقدان مصداقيته.
This post has already been read 620 times!

