مسائل الحدود البرية والبحرية لا تُحدد وفق رغبات الشعوب أو البرلمانات، بل تخضع لمراحل الاستناد إلى وثائق موثقة، ثم قرارات مجلس الأمن الدولي ولجنة ترسيم الحدود، إذا لم يتم الاتفاق وديًا بين دولتين، يُصدر قرار ملزم للترسيم، من هذه المسائل خور عبدالله، ممر مائي شمال الخليج العربي بين جزيرتي بوبيان ووربة الكويتيتين وشبه جزيرة الفاو العراقية، قرار مجلس الأمن رقم 833 لعام 1993م، وهو ملزم، ينظم هذا الممر الذي يُعد المنفذ البحري الوحيد للعراق إلى الخليج بامتداد 57 كلم، الحكومة العراقية سعت لتفعيل هذا القرار لتنظيم الملاحة دون الإضرار بمصالحها الاقتصادية، كما يدعي البعض.
وزير الخارجية العراقي الأسبق هوشيار زيباري أكد أن العراق طالب بتفعيل الاتفاقية لصالحه، مشيراً إلى أن القرار 833 ملزم منذ عام 1993م، وساعد العراق على الخروج من أحكام الفصل السابع (المتعلق بتهديد السلم والعدوان)، زيباري وصف الجدل الحالي بأنه “إثارة سياسية ومزايدات انتخابية”، الاعتراضات لم تستهدف القرار نفسه، بل توقيت تفعيله، قرار المحكمة الاتحادية العليا العراقية لعام 2023م أبطل عملية التصويت على المصادقة عام 2013م (قانون 42) لعدم حصولها على موافقة ثلثي البرلمان، وفق المادة 61 من الدستور والقانون 35 لعام 2015م، هذا لا يعني بطلان ترسيم الحدود، بل بطلان إجراءات المصادقة فقط.
بعض النواب العراقيين ادعوا أن الكويت استولت على أراضٍ عراقية وخيراتها، بما فيها حقول نفطية وأراضٍ زراعية. هذه الادعاءات غير صحيحة، إذ لم تتدخل الكويت في سيادة العراق. بل استعادت حقوقها وفق القانون، وساهمت في بناء أكثر من 200 منزل في أم قصر مع البنية التحتية، كتعويض طوعي وليس إلزاميًا، بناءً على توصيات الأمم المتحدة لصيانة العلامات الحدودية وإزالة العوائق.
بعض الشخصيات السياسية تستغل قضية خور عبدالله لكسب تعاطف الشعب، متجاهلة إخفاقاتها منذ 2003م في تحقيق طموحات الشعب العراقي، هذه الدعايات الانتخابية تُحرف الأنظار عن المشكلات الداخلية، متهمة الكويت زوراً تاريخياً، الكويت رفضت تدخلات خارجية في أراضيها، كما في موقف الشيخ مبارك عام 1900م ضد تمديد خطوط حديدية عثمانية، حدود الكويت مع العراق أُقرت منذ عشرينيات القرن الماضي، وأكدتها اتفاقيات لاحقة، مثل قبول العراق للحدود عام 1932م للانضمام إلى عصبة الأمم.
الادعاءات العراقية المتكررة، كضم الكويت عام 1961م أو طلب تأجير جزر مثل بوبيان، قوبلت برفض كويتي حاسم، هذه الأجندات السياسية لا يجب أن تُشعل الفتنة بين الشعبين، كما أظهرت روح الأخوة خلال كأس الخليج العربي 2024 في الكويت.
This post has already been read 689 times!

