• حملة إسرائيلية بـ900 ألف دولار لشراء التأييد الأمريكي
• مساعدة سرية لإسرائيل من كبار الكتاب الغربيين
• الدعاية الرقمية الإسرائيلية.. ملايين الدولارات لمؤثرين
• «قبة إعلامية».. الرأي العام يُدار لصالح تل أبيب
• تسريبات تُفضح فساد الإعلام الغربي.. دعم سري لإسرائيل
المقدمة
في أوائل أكتوبر 2025، أثارت تسريبات إلكترونية هائلة جدلاً واسعاً حول العلاقات الوثيقة بين الإعلام الغربي والجهات الإسرائيلية، نشرت مجموعة قراصنة إلكترونية تُدعى “هندالة” (Handala)، المرتبطة بإيران، آلاف الرسائل الإلكترونية المسروقة من صندوق بريد السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة، رون بروسور (Ron Prosor)، الذي شغل المنصب بين 2013 و2016.
وتركز هذه التسريبات، التي غطت الفترة من 2014 إلى 2015، على أحداث حرب غزة في صيف 2014، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 2200 فلسطيني، بما في ذلك 551 طفلاً.
كما كشفت وثائق أخرى عن حملة مدفوعة الأجر تُدعى “مشروع إستير” (Esther Project)، ممولة من وزارة الخارجية الإسرائيلية، تهدف إلى تعزيز الصورة الإسرائيلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، هذه الكشوفات تكشف عن “اقتصاد إعلامي” يدور حول إسرائيل، يشمل مساعدة صحفيين بارزين في صياغة خطابات دبلوماسية ودفع مبالغ كبيرة لمؤثرين لنشر محتوى مناصر. يهدف هذا التقرير إلى تحليل هذه التطورات، مع الاستناد إلى المصادر المتاحة حتى 9 أكتوبر 2025.

تسريبات “هندالة”
كشفت التسريبات، التي نشرتها منظمة “توزيع إنكار الأسرار” (Distributed Denial of Secrets)، عن تعاون سري بين صحفيين وكتاب غربيين بارزين وسفير إسرائيل في الأمم المتحدة، بهدف تعزيز الدعم الدولي لإسرائيل أثناء حرب غزة 2014، الرسائل الإلكترونية، المرسلة غالباً من عناوين خاصة غير مرتبطة بجهات عملهم، تظهر كيف ساعد هؤلاء الأفراد في صياغة خطابات أمام مجلس الأمن الدولي، مع التركيز على مواجهة الدعاوى الدولية ومنع قرارات أحادية الجانب.

أبرز الحالات:
ديفيد فروم: محرر كبير في مجلة “ذا أتلانتيك” منذ مارس 2014، وكاتب خطابات سابق للرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، في 30 يوليو 2014، أرسل بريداً إلكترونياً إلى بروسور يطلب مقابلة لكتابة ملف شخصي، في اليوم التالي، أرسل مسودة خطاب دفاعي عن إسرائيل، مكتوبة بالتعاون مع سيث ماندل من مجلة “كومنتاري“، المسودة تحذر من “التعب الحربي” الأمريكي، وتقارن التحدي الإسرائيلي بـ”أكبر تحدٍّ للعالم الحر منذ عقود”، مع إشارات إلى هزيمة النازيين وخطة مارشال.
في 1 أغسطس 2014، تابع فروم قائلاً: “هل الخطاب مغلق بسبب الأحداث؟”. في سبتمبر 2014، نشرت “ذا أتلانتيك” ملفاً يمدح بروسور بـ”الصلابة”. لم يعلق فروم أو المجلة على الكشف.
دوغلاس موراي: كاتب بريطاني ومحرر مشارك في مجلة “ذا سبيكتاتور“.
في 31 يوليو 2014، أرسل مسودة خطاب بعنوان “مسودة أولية”، تغطي نقاطاً مثل مقارنة الدعم الأمريكي لإسرائيل بتأسيس الناتو، وانتقاد “الجهود العنصرية لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية”، مع تعليقات سلبية عن المسلمين الأوروبيين. قال موراي: “عزيزي رون، كان من الرائع التحدث سابقاً… سأخصص كل الوقت لمساعدتك في تهيئتها”.
في أغسطس 2014، أشاد بعمل بروسور، وفي نوفمبر 2014، أخبره بنجاح حدث جمع أكثر من مليون جنيه إسترليني لجمعية “رفاهية الجنود الإسرائيليين”، التي تدعم الجيش الإسرائيلي مباشرة. لم يعلق موراي.
باميلا غروس: منتجة تحريرية في CNN (غادرت في 2017)، متزوجة من جيمي فينكلشتاين، مالك موقع “ذا هيل” آنذاك.
في يوليو 2014، أرسلت رسائل حول جمع التبرعات لنظام “قبة حديدية” (Iron Dome)، قائلة: “واضح أن قبة حديدية تنقذ الأرواح، دعنا نكملها، يا صديقي”، رتبت ظهورات تلفزيونية لـبروسور على CNN في 2015، ودعوات شخصية مثل حفلات عيد ميلاد. لم تعلق غروس.
هذه التسريبات، التي أدت إلى إغلاق حسابات ومواقع، تُظهر كيف أصبحت الصحافة الغربية جزءاً من جهود الدعاية الإسرائيلية، مما يثير مخاوف من تضارب المصالح وفقدان النزاهة.
مشروع إستير
في سياق أوسع، كشفت وثائق مسجلة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (FARA) في الولايات المتحدة عن حملة سرية تُدعى “مشروع إستير”، ممولة من وزارة الخارجية الإسرائيلية عبر شركة “بريدجز بارتنرز” (Bridges Partners) التابعة لمجموعة “هافاس ميديا غروب” الألمانية، الهدف: تعزيز الصورة الإسرائيلية على تيك توك وإنستغرام، خاصة بعد الرأي العام السلبي تجاه الحرب في غزة.
التفاصيل المالية والتشغيلية
الميزانية: 900 ألف دولار أمريكي للفترة من يونيو إلى نوفمبر 2025، تغطي دفعات لـ14–18 مؤثراً اجتماعياً أمريكياً، بالإضافة إلى تكاليف إنتاج، بعد خصم التكاليف الإدارية (مثل الرسوم القانونية والبنكية) حتى 16 سبتمبر، يتبقى حوالي 552,946 دولاراً للدفعات خلال يونيو-سبتمبر.
الدفعات: يُتوقع إنتاج 75–90 منشوراً، مما يعني دفع حوالي 6,143 دولار لكل منشور (في أدنى الحدود) إلى 7,372 دولار (في أعلى الحدود)، أي حوالي 7 آلاف دولار متوسطاً.
السياق: الحملة جزء من جهود أوسع لـ”تعزيز التبادل الثقافي بين الولايات المتحدة وإسرائيل”، وفي اجتماع، شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أهمية المؤثرين حيث قال: “يجب أن نرد، كيف نرد؟ مؤثرونا، أعتقد أنكم يجب أن تتحدثوا إليهم، فهم مهمون جداً”، الوثائق لا تكشف أسماء المؤثرين، لكنها تُشير إلى حملة سرية لمواجهة الاتهامات بالإبادة الجماعية في غزة.
حملات إضافية مرتبطة
إسرائيل تخطط لإنفاق حتى 4.1 مليون دولار لتعزيز الدعم بين المسيحيين في الغرب الأمريكي، بما في ذلك توظيف مؤثرين وتوزيع مواد دعائية، مبادرة أخرى بقيمة نصف مليار شيكل إسرائيلي لتحويل ChatGPT إلى أداة دعائية، مع دعم شبكة مؤثرين أمريكيين، هذه الحملات تُظهر كيف تتجاوز الدعاية الرقمية الحدود، مع تجنب بعض المتطلبات القانونية مثل FARA في بعض الحالات.

التحليل والآثار
تشكل هذه الكشوفات جزءاً من “اقتصاد كامل” يدور حول إسرائيل في الإعلام الغربي، حيث يُقدم الصحفيون مساعدة مباشرة مقابل علاقات وثيقة، ويُدفع للمؤثرين مبالغ هائلة لنشر محتوى منحاز، هذا يثير تساؤلات حول استقلالية الإعلام، خاصة في ظل الرأي العام المتغير تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. على سبيل المثال، أدت التسريبات إلى نقاشات على وسائل التواصل، مع اتهامات للقراصنة “هندالة” بالارتباط الإيراني، لكن الوثائق الأساسية أثبتت صحتها، ولم تُصدر الجهات الإسرائيلية تعليقاً رسمياً، بينما أدت الحملات إلى إغلاق حسابات وتحقيقات قانونية محتملة.

الخاتمة
تُبرز تسريبات “هندالة” و”مشروع إستير” كيف أصبحت الدعاية الإسرائيلية متشابكة مع الإعلام الغربي، مما يهدد الثقة العامة في الصحافة، يُوصى بتعزيز الشفافية والتحقيقات المستقلة لمواجهة هذه الظواهر.
This post has already been read 368 times!

