- احتقان وتأزيم.. الحكومة تستبق عدم التعاون بالاستقالة.
- لا انعقاد لمجلس الأمة بعد استقالة الحكومة حتى اشعار آخر.
- خيارات صعبة والمرحلة القادمة حاسمة
- استقالة حكومة الخالد الرابعة في عامين ونصف.. خيارات بين التجديد ورئيس أو برلمان جديد.
- تشكيل طبقة سياسية جديدة تعزز التهدئة وتوطن الاستقرار.
يبدو أن الاحتقان السياسي في المشهد الكويتي الداخلي، وصل نقطة اللاعودة مع تصعيد البرلمان والحكومة والمتواصل الذي جعل من التعاون بين الطرفين أمرًا صعب المنال تستحيل معه استمرارية الحياة السياسية بشكلها الحالي فإما أن يرحل طرف ويبقى الآخر أو يرحل كلا الطرفين، فتعاد هندسة المشهد ككل.
مؤشرات الاحتقان واللاعودة :
اتخذت حكومة سمو الشيخ صباح الخالد قرار استباقيًا بـ الاستقالة “الرابعة” خلال العامين الأخيرين، بعد تصعيد جديد من مجلس الأمة وقرار 26 نائبًا عدم التعاون مع الحكومة التي قدمت استقالتها جراء ذلك لسمو ولي العهد الذي ينوب عن صاحب السمو أمير البلاد.
أسبوع كامل منذ تقديم نواب عشرة في البرلمان طلب “عدم التعاون” بعد استجواب رئيس الحكومة المقدم من النواب حسن جوهر وخالد المونس ومهند الساير تحت ذريعة انتهاكات دستورية ينفي رئيس الحكومة وقوعها.
مؤشر التوتر ونقطة الانعطاف الكبرى سبقه قبل أسابيع استقالة وزيرين سياديين في حكومة الشيخ صباح الخالد؛ هما وزيرا الدفاع والداخلية اللذين استقالا منتصف شهر فبراير الماضي.. في خطوة حملت رسالة اعتراض على الاختناق السياسي الحاصل في البلاد.
وحكومة الشيخ صباح الرابعة، أدت اليمين الدستورية في 4 يناير الماضي في جلسة شهدت انسحاب نواب لحظة أداء اليمين في رسالة تصعيد واضحة حينها.
استقالة رابعة:
لم تكن استقالة حكومة الشيخ صباح هي الأولى فقد كُلّف سموه بتشكيل الوزارة أربع مرات في عامين ونصف.. ولهذا التكليف والاستقالة المتكررة وطلبات الاعفاء، دلالة خاصة تؤكد تعقيد المشهد وتفتح الباب على تساؤلات ما بعد هذه الاستقالة والخيارات السياسية أمام صانع القرار في البلاد.
كُلّفت حكومة سمو الشيخ صباح للمرة الأولى في نوفمبر 2019، والثانية في ديسمبر 2020، أمّا الثالثة فكانت شهر مارس 2021 وجاءت الرابعة في ديسمبر 2021.
إلى ذلك؛ قدّمت حكومة الشيخ صباح طلب اعفائها ثلاث مرات في يناير من عام 2021 وفي أكتوبر 2021لتتبعها بطلب ثالث أثر الاستجواب الأخير بالتوازي مع احتقانات سياسية مع نواب في مجلس الأمة.
خيارات ما بعد الاستقالة:
قدمت الحكومة استقالتها بعد وصول عدد النواب الذين سيصوتون ضدها، إلى غالبية تقرر حالة عدم التعاون.. فاستبق الشيخ صباح الخالد الخيارات المطروحة دستوريا أمام سمو أمير البلاد، في خطوة لا يتوقع أن تنهي الاحتقان في المشهد السياسي.
قرار عدم التعاون كان سيضع القيادة السياسية للبلاد أمام خيارين دستوريين بين إعفاء رئيس الحكومة وتكليف حكومة جديدة أو حلّ مجلس الأمة وعقد جولة انتخابات تشريعية.. لتأتي استقالة الخالد وقد تضع خيارًا ثالثًا يتمثل بإعادة تكليفه بتشكيل حكومته الخامسة.. بالتوازي مع تعليق جلسات البرلمان حتى اشعار آخر.
خيارات القيادة السياسية تظهر بين إعادة تكليف الخالد بتشكيل الحكومة أو حلّ البرلمان أو تكليف شخصية جديدة وحكومة جديدة.
مع تكرار استقالة حكومة الشيخ صباح وتأكد صعوبة التوافق بينها وبين البرلمان، تزداد صعوبة إعادة تكليف الشيخ صباح بحكومة جديدة، التي إن وقعت ستكون خطوة يراد منها إعادة المواجهة مع مجلس الأمة الحالي الذي سيعيد بعض نوابه تكرار مشهد عدم التعاون لضمان رحيل حكومة الخالد الجديدة.
في خيار ثان، يظهر أن تكليف شخصية جديدة لرئاسة الحكومة خطوة مناسبة تهدئ احتقان التيارات السياسية وتُنفس عن تأزيم الواقع السياسي.. لكن تقاطعات المشهد تعزز فرضية أن خطوة كهذه مؤقتة ولن تسفر عن حلّ جذري في ظل هندسة المشهد الحالي لمجلس الأمة وكواليس السياسة في الكويت..
حيث يتقاطع الخياران السابقان بجزئية الرضوخ لمطالب فئة من النواب وما قد يجره ذلك لاحقًا من حرق لأي شخصية جديدة في رئاسة الحكومة وصولًا لمطالب أكثر حدة وسقف توقعات مرتفع “كتعديل اللائحة الداخلية للمجلس وتغيير قوانين انتخابية” وغير ذلك.. وفي الأدق مع هذا الخيار نصل نقطة الأزمة العميقة لدى بعض نواب المعارضة في البرلمان الحالي والمتعلقة برفضهم شخص رئيسه “مرزوق الغانم” فشهدنا أصوات نواب المعارضة تطالب برحيله مع رئيس الحكومة لحلّ الأزمة السياسية (كما جرى أخيرًا في ندوة مبارك الحجرف)، ومع تكرار رحيل الحكومة يعلنها نواب المعارضة أن هدف رحيل حكومة الشيخ صباح الخالد؛ يصل لغاية إبعاد مرزوق الغانم.. وربما تعديلات تمس آليات عمل المجلس الداخلية ككل.
بذلك يظهر الخيار الثالث في الأفق، مع إمكانية صدور إرادة أميرية بحل البرلمان وهي خطوة يسعى لها الكثير.. وتظهر كحل ناجع في الخلاص من الازمة؛ لكن حساباتها تخالف كلا الاحتمالين السابقين فهي تحمل في طياتها مخاطرة كبيرة تتمثل في جزئية رفع سقف المطالب -الذي أشرنا له سابقًا- في الحملات الانتخابية وتعزيز خطابات شعبوية واحياء جدل حول تصويت الحكومة في رئاسة البرلمان وعلانية التصويت وغير ذلك من مطالب شهدناها طوال الأزمة الحالية.. دون نسيان ارتفاع مخاوف إعادة سيناريو مجلس 2012 للواجهة مجددًا.
الكويت تعرف مناخًا ديمقراطيًا ووعيًا شعبيًا وخبرة قيادات مع دستور حدد خيارات التعاطي مع مختلف الأزمات بشكل يوضح طريق التعامل مع الحلول النابعة من الدستور والقوانين الناظمة له، والتي تستوجب لضمان نجاحها تضافر جهود المخلصين الواضعين لمصلحة البلاد في المقام الأول عبر صنع وتكوين طبقة سياسية جديدة في البرلمان والحكومة تُستبدل بالطبقة السياسية السابقة المسؤولة عن الاحتقان، لتحقق الطبقة الجديدة استقرارًا وهدوءًا تبدو الطبقة الحالية عاجزة عن الوصول إليه.
This post has already been read 136 times!