- تدخل قوي متوقع للقيادة الكويتية في حل الجمود السياسي
- قرار الحل بإعلان وخطاب متلفز ولم يصدر المرسوم بعد
- تكتيك سياسي واضح وتبعات محتملة لعدم إصدار مرسوم الحل
- الكرة في ملعب الشارع بـ حسن اختيار ممثليه
- لا تعديلات دستورية أو قانونية أو تعطيل، وغموض بموعد الانتخابات الدقيق
أعلن سمو ولي العهد، الشيخ مشعل الأحمد مساء أمس الأربعاء، عن قرار حلّ البرلمان والدعوة لانتخابات عامة جديدة بحسب الدستور الكويتي الذي يمنح أمير البلاد هذه الصلاحيات وناب الشيخ مشعل مقام سمو الأمير الشيخ نواف في قرار الحلّ في كلمة متلفزة وجهت للشعب الكويتي.
ومع قرار الحل، تكون قيادة البلاد، وضعت حدًا للأزمة السياسية المزمنة شهدتها الكويت خلال الفترات الماضية..
محركات القرار:
حملت الكلمة المتلفزة لسمو ولي العهد، خارطة طريق واضحة المعالم تهدف لإصلاح مسار المشهد السياسي كما تناولت توضيحات مباشرة لأسباب حلّ مجلس الأمة حيث قال سموه: ” استنادًا إلى حقنا الدستوري قررنا حل مجلس الأمة حلا دستوريا والدعوة لانتخابات عامة”، وأوضح الشيخ مشعل ” قررنا اللجوء للشعب ليقوم بإعادة تصحيح المسار السياسي”.
إن العودة للشعب التي بينها خطاب الحلّ، أكدت وجود الأزمة السياسية واستمرارها وعدم الوصول لحلول مناسبة ما استدعى تصفير اللعبة السياسية الكويتية ورغبة القيادة بإعادة الكرة للشارع الكويتي الذي عدّه الدستور مصدر السلطات وصاحبها.
وأكد خطاب سمو ولي العهد أن تأزم العلاقة بين السلطتين تستوجب حلًا حتى لا يؤثر على الحياة السياسية في الكويت فقال: “إن هناك تداخلا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ترتبت عليه ممارسات تهدد الوحدة الوطنية”.
ويمكن القول – استنادًا لخطاب سمو ولي العهد- إن قرار الحلّ يحقق مطالب المواطنين الذين ارتفع مستوى السخط لديهم وانخفض الرضا بسبب الأداء الحكومي وممارسة مجلس الأمة حين قال: “عدم وضوح الرؤية المستقبلية للعمل الحكومي ترتب عليه عدم تحقيق الآمال المشروعة للمواطنين”.
وبيّنت كلمات سمو الشيخ مشعل أن: “هدفنا من هذا الحل الدستوري الرغبة الأكيدة والصادقة في أن يقوم الشعب بنفسه ليقول كلمة الفصل في عملية تصحيح مسار المشهد السياسي من جديد باختيار من يمثله الاختيار الصحيح والذي يعكس صدى تطلعات وآمال هذا الشعب”.
هذا واعتمد خطاب سمو ولي العهد أسلوب المصارحة والمكاشفة والشفافية المطلقة، في تحديد أسباب الأزمة وخطط علاجها دستوريًا.. واستند قرار الحل إلى المادة ١٠٧ في الدستور التي ذكرت أنه” للأمير أن يحل مجلس الأمة بمرسوم تبين فيه أسباب الحل، على أنه لا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى، وإذا حل المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في موعد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل. فان لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد”.
الحلّ دون تعديلات:
مع قرار حلّ البرلمان، طلب سمو ولي العهد من الجميع الالتفاف حول أمير البلاد في ظل خطورة المشهد وتحدياته، حيث قال: “نحتاج إلى الحيطة والحذر وأخذ الدروس والعبر لأن الأخطار تحيط بنا من كل جانب”.. ليبين سمو الشيخ مشعل أن قرار الحل لن يعقبه أي قرارات جديدة فقال “لن نحيد عن الدستور ولن نقوم بتعديله أو تعطيله ولا تعليقه أو المساس به” في إشارة واضحة حول الخطط القادمة.
كما وصرّح سمو ولي العهد أن مرسوم الحلّ والدعوة للانتخابات سيصدر في الأشهر القادمة بعد إعداد الترتيبات القانونية اللازمة، داعيا مواطني بلاده إلى “عدم تضييع فرصة تصحيح مسار المشاركة لأن عودتنا لما كنا عليه لن يكون في صالحنا”.
إلا أن خطاب سمو ولي العهد حمل رسائل مستقبلية واضحة وتعهدات صريحة يبدو أنها تؤكد رغبة تهدئة المشهد السياسي وحلّ الأزمة مع توضيح دور القيادة والحكومة في الانتخابات القادمة، فقال سموه: “لن نتدخل في اختيارات الشعب لممثليه ولن نتدخل كذلك في اختيارات مجلس الأمة القادم في اختيار رئيسه أو لجانه المختلفة ليكون المجلس سيد قراراته”.
وحول الحيادية القادمة صرّح سموه مبينًا: “لن نقوم كذلك بدعم فئة على حساب فئة أخرى بل سنقف من الجميع على مسافة واحدة هدفها فتح صفحة ومرحلة جديدة مشرقة لصالح الوطن والمواطنين”.
كما أبقى كلام سمو ولي العهد الكرة في ملعب الشعب مذكرًا المواطنين بواجباتهم ومسؤولياتهم تجاه الجمود والاحتقان السياسي فقال مخاطبا الشارع: “المرحلة المقبلة تتطلب منكم حسن اختيار من يمثلكم التمثيل الصحيح الذي يعكس تطلعاتكم ويحقق آمالكم وينفذ رغباتكم”. ليدعو بشكل مباشر “ألا يكون اختيارهم لنوابهم أساسه التعصب للطائفة أو للقبيلة أو للفئة على حساب الوطن، فالكويت لم تكن ولن تكون لأحد بعينه بل هي وطن الجميع واحة أمن وأمان”.
خلافات السلطتين:
تعقدت وتصاعدت حدة التوترات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وتعددت جولات الصدام بين البرلمان والحكومة منذ الانتخابات الأخيرة في ٥ ديسمبر ٢٠٢٠، حيث تؤكد استقالات الحكومة الثلاث (آخرها ٥ إبريل الماضي) تلك التوترات وفشل أي خطط للتوافق.
وتعتبر حالة الأمس المرة الأولى التي يتم فيها حل البرلمان في عهد سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد.
لكن في تاريخ البرلمان، شهدنا ٩ حالات جرى فيها حلّ البرلمان، ٦ منها في عهد الأمير السابق المغفور له الشيخ صباح الأحمد آخرها أكتوبر ٢٠١٦.
وكُلفت أول حكومة في عهد سمو الامير الشيخ نواف في ١٤ ديسمبر ٢٠٢٠ برئاسة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، ضمت حينها ١٥ وزيرًا ١٠ منهم جدد.. وقبلت استقالتها في ١٨ يناير ٢٠٢١.
أما الحكومة الثانية فشُكلت في الـ ٢ من مارس الماضي برئاسة الشيخ صباح الخالد، وضمت ١٥ وزيرا مع دخول ٤ وزراء جدد، واستحدثت حقائب وزارية، مع هيكلة عدد من الوزارات، وقُبلت استقالتها في الـ ١٨ من نوفمبر الماضي.
وتشكلت حكومة الشيخ صباح الخالد الثالثة في عهد سمو الشيخ نواف الأحمد ، يوم ٢٨ ديسمبر الماضي، بعضوية 15 وزيرا تضمنت ٩ وزراء جدد، لكنها لم تكمل شهور ثلاثة، فقدمت استقالتها في ٥ أبريل الماضي.
اللافت في خطاب سمو ولي العهد أنه أعلن فقط دون إصدار مرسوم بالحلّ بعد، ويمكن تعليل ذلك أنه إذا صدر المرسوم وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في موعد لا يتجاوز شهرين من تاريخ الحل.. في حين أكد خطاب الشيخ مشعل أن الأشهر القادمة ستحمل مرسوم الحلّ والدعوة للانتخابات بانتظار الترتيبات اللازمة.
ويمكن القول والاستنتاج إن البرلمان الحالي “لم ينحل بصفة رسمية” سيما وأن الدستور ضمن حق الأمير بحلّ البرلمان بمرسوم ويمنح وقت شهرين فقط لانتخاب مجلس جديد وإلا عاد المجلس القديم، ما يعني أن الترتيبات وتأخير مرسوم الحلّ رسميًا يهدف لتجنب هذه الإشكالية الدستورية وضمان توازنات جديدة في الانتخابات القادمة.
- اعتصام النواب
مع تعطل انعقاد البرلمان وجلساته الاعتيادية وعدم تشكيل حكومة بعد استقالة حكومة الشيخ صباح الخالد الأخيرة، أعلن نواب المعارضة قبل أسبوع احتجاجهم على ذلك عبر اعتصام مفتوح في البرلمان أطلق عليه ” اعتصام بيت الأمة” جراء ارهاصات جلسة قانون المتقاعدين الأخيرة.. في خطوة هي الأولى في تاريخ البرلمان.
تركزت أبرز مطالب المعتصمين الـ 17 في البداية -ثم وصل عددهم 22 نائبا- عودة جلسات البرلمان للانعقاد الطبيعي، مع عدم السماح بفض دور الانعقاد دون تعويض الجلسات التي لم يدع لها المجلس. كما وطالب النواب في الاعتصام بتحقيق تشكيل حكومي والعودة للحياة السياسية الطبيعية.. مع الدعوة إلى عدم تعطيل العمل بأحكام الدستور والاحتكام إلى خيارات مواده.
ليأتي قرار حل البرلمان كحركة جديدة أعادت خلط الأوراق في المشهد السياسي الكويتي ككل وأبعدت كلا من الحكومة والبرلمان كخطوة متوقعة لحلحلة الأزمة التي طالت مدتها.
This post has already been read 97 times!