وافقت هيئة أسواق المال الكويتية على تنفيذ اندماج البنك الأهلي المتحد وبيت التمويل الكويتي “بيتك” مع مطلع السنة الحالية 2024، حينها أكد بيت التمويل الكويتي في بيان للبورصة الكويتية، أن الاندماج بطريق الضم بحيث يكون “بيتك” هو الشركة الدامجة والبنك الأهلي المتحد الشركة المندمجة.
وسبق لبنك الخليج مع “البنك الأهلي الكويتي” دراسة فرص استحواذ أحدهما على الآخر، مع إمكانية تحويل أحدهما إلى بنك متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، لكنهما أعلنا العام الماضي تراجعهما عن مشروع الاستحواذ المقترح، حيث أظهرت دراسة الجدوى بين البنكين عدم جدوى الاستمرار في الاستحواذ، وتم إغلاق المحادثات.
يفتح ما جرى الباب على تساؤلات حول عمليات الدمج ومحركاتها وظروفها وآفاق نجاحها ولماذا نشهد تحول بعضها للصيرفة الإسلامية في واقع مصرفي كواقع القطاع في الكويت الذي تناولته دراسة سابقة للمركز.
اندماج بيت التمويل مع البنك الأهلي المتحد
مع نهاية شهر فبراير شباط 2024، أكد بيت التمويل الكويتي “بيتك” إتمام تنفيذ عملية الاندماج بطريق الضم مع البنك الأهلي المتحد – الكويت وتبادل أسهم زيادة رأسمال “بيتك” مع مساهمي الأهلي المتحد – الكويت ليصبح “بيتك” بشكل رسمي بعد استيفاء جميع المتطلبات القانونية والرقابية. في أول وأكبر عملية اندماج بالقطاع المصرفي الكويتي.
وأعلن رئيس مجلس إدارة “بيتك” حمد المرزوق، أنه بهذه العملية يصبح “بيتك” هو الشركة الدامجة فيما أصبح البنك الأهلي المتحد الشركة المندمجة، مضيفًا أن هذه العملية هي جزء من عملية استحواذ “بيتك” على مجموعة الأهلي المتحد – البحرين العابرة للحدود خليجياً وقارياً، والتي تعتبر إحدى أكبر عمليات الاستحواذ في المنطقة. وأضاف أنه منذ اليوم أصبح “بيتك” والبنك الأهلي المتحد فريقاً واحداً بهوية مصرفية واحدة ورؤية شرعية واحدة.
ليرحب حينها رئيس إدارة “بيتك” بفريق البنك الأهلي المتحد، مؤكداً التطلع إلى مساهماتهم الفعالة بوصفهم أعضاء رئيسيين ضمن فريق البنك الأكبر في الكويت وثاني أكبر بنك إسلامي عالمياً من حيث حجم الأصول التي وصلت 38.01 مليار دينار كويتي (قرابة ١٢٥ مليار دولار) والأكبر من حيث القيمة السوقية التي وصلت إلى أكثر من ١٢ مليار دينار (قرابة 39.6 مليار دولار).
خطوة وجهت أنظار العالم والقطاع المصرفي الإقليمي والدولي إلى نجاح عملية الاندماج التي ستكون مرجعية دائمة لأي عملية اندماج مقبلة بما يعزز المراكز المالية للمصارف الكويتية ويفتح أبواب حقبة عالمية جديدة.
تجربة ناجحة
تجربة اندماج بيت التمويل الكويتي مع البنك الأهلي المتحد حققت نجاحات كبيرة، منها زيادة إيجابية مؤثرة في ربحية سهم بيت التمويل للسنوات الثلاث المقبلة، وزيادة الأرباح المجمعة لمجموعة «بيتك» بأكثر من 90 % مقارنة بأرباح عام 2018.
التجربة الناجحة ساهمت كذلك في تدعيم المركز المالي لبيت التمويل الكويتي ليكون من أكبر البنوك الإسلامية عالمياً واقليمياً بحجم أصول 94 مليار دولار وبحقوق مساهمين تناهز 10 مليارات دولار، كما دعمت زيادة القدرة الاقراضية للبنك، الأمر الذي سيعزز من قدرته على تمويل المشاريع الضخمة ومشاريع البنية التحتية محلياً وإقليمياً.
تجربة الاندماج عززت الانتشار الجغرافي لمجموعة “بيتك”، بما يتيح لها الدخول في أسواق جديدة، مثل مصر والمملكة المتحدة، والاستفادة من القاعدة المجمعة لعملاء البنكين، وضمنت أكبر قاعدة ودائع عملاء في الكويت تقدر بنحو 63.4 مليار دولار.
محركات الاندماج
أوضح رئيس مجلس إدارة بيت التمويل الكويتي حمد المرزوق، أن الاستحواذ يعزز قدرة “بيتك” على المضي قدماً في تحسين نوعية الخدمات وتمويل المشروعات التنموية الكبرى والمساهمة بشكل فعال في التنوع الاقتصادي ودعم الخطط التنموية في الكويت والأسواق، دون نسيان التمكين من رفع نسبة العمالة الوطنية وخلق فرص وظيفية نوعية في السوق المحلية.
ليشير رئيس مجلس الإدارة، أن الاستحواذ ساهم في تعزيز قدرة “بيتك” على توظيف أفضل الكفاءات ودعم العمالة الوطنية، حيث تم تعيين 400 موظف خلال العام 2023 وبنسبة تكويت حوالي 100٪ من إجمالي هذه التعيينات، مشيراً إلى تجاوز نسبة التكويت 81٪ في المئة بالإضافة إلى تسكين الكفاءات الوطنية في المناصب القيادية. موضحاً أن التركيز اليوم ينصب على مرحلة تكامل الأعمال التي تتطلب نقل العمليات والأنظمة وقاعدة العملاء على أكمل وجه، مشيراً إلى انتشار المجموعة في 12 بقعة جغرافية أبرزها الكويت والبحرين وتركيا وألمانيا ومصر وبريطانيا وماليزيا وغيرها.
إلى ذلك؛ سيظهر الأثر الإيجابي للاندماج وفق توقعات بيت التمويل الكويتي “بيتك” بشكل كبير اعتباراً من عام 2025.
خصوصية بنك التمويل الكويتي
يعتبر بيت التمويل الكويتي “بيتك” مؤسسة مصرفية إسلامية رائدة تتبع وتطبق المنهج الإسلامي في كافة تعاملاتها، فهو أول بنك إسلامي يتم تأسيسه في دولة الكويت في عام 1977، ليصبح حالياً من رواد وقادة العمل المصرفي الإسلامي في العالم.
تمكّن بيت التمويل الكويتي “بيتك” بخطوات واثقة من توسيع بؤرة أعماله وإنجازاته متبوئاً مركز الصدارة في مجال العمل المصرفي الإسلامي، ويصبح مؤسسة مالية قيادية، ليس في الصناعة المصرفية الإسلامية فحسب، بل أيضاً ضمن قطاع الصناعة المصرفية ككل، إلى جانب كونه أكبر الممولين في السوق الكويتي والإقليمي.
اندماج بنك بوبيان وبنك الخليج
شهدت نهاية شهر يوليو 2024، موافقة مجلسي إدارتي “بنك الخليج” و”بنك بوبيان” في الكويت على مقترح لدراسة الاندماج فيما بينهما، وتكوين كيان مصرفي متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، يتجاوز حجم أصوله 50 مليار دولار، ما من شأنه أن يعزز فرص النمو والتوسع، وأن ينافس البنوك الإسلامية الكبرى في الخليج.
يحتاج البنكان إلى إجراء دراسات جدوى والفحص النافي للجهالة لاتخاذ قرار نهائي بالدمج، وهو ما يأخذ وقتاً.
تعريف بالمصرفين
بنك بوبيان، مصرف كويتي يعمل وفقاً للشريعة الإسلامية، ويبلغ رأسماله 420.1 مليون دينار كويتي، تمتلك فيه مجموعة “بنك الكويت الوطني” 59.9 ٪ في حين يمتلك “البنك التجاري الكويتي” 7.3 ٪.
أما “بنك الخليج” فهو مصرف تقليدي يبلغ رأسماله المدفوع 380.25 مليون دينار، تمتلك فيه شركة الغانم التجارية 32.75 ٪ والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية 7.2 ٪ في حين يمتلك تحالف شركة “بهبهاني للاستثمار” 6.1 ٪.
نجاح قبل تنفيذ الاندماج
قفز سهما البنكين في البورصة الكويتية بعد خبر الاندماج المنتظر، حيث وصلت الارتفاعات إلى نحو 10 ٪ لبنك الخليج، قبل أن يتراجع قليلاً بعد ذلك، وبلغت نسبة ارتفاعات سهم بنك بوبيان نحو 3.6 ٪، وهي إشارات مباشرة من المستثمرين أنهم ينظرون للاندماج بصورة إيجابية، بعد أن أكد البنكان إنهما يدرسان الاندماج لبحث فرص النمو والتوسع في أعمالهما.
كواليس الاندماج والتحول للصيرفة الإسلامية
شهد الاقتصاد الكويتي ارتفاع النقاشات حول عمليات الاندماج في عدد من القطاعات. ويدفعها لهذه الخطوة الأوضاع المالية الحرجة التي تعيشها بعض الكيانات جراء التداعيات المستمرة التي لا تزال تلاحقها بعد نتائج أزمة كورونا قبل ثلاث سنوات.
والسوق الكويتي يحتاج إلى الوقت حتى يستعيد عافيته -كغيره من أسواق المنطقة العربية- في ظل اضطرابات سلاسل الإمداد والتكاليف الباهظة لمدخلات الإنتاج التي تسببت فيها الأزمة الصحية العالمية ثم الحرب في أوكرانيا.
ومع تفاقم التحديات الاقتصادية وازدياد المنافسة وتقلبات أسعار النفط وانخفاض أسعار الفائدة التي تؤثر على الأرباح، تبحث البنوك عن طرق لخفض التكاليف وتحسين الكفاءة. وتعتبر عمليات الاندماج إحدى الطرق للقيام بذلك.
لماذا الاندماج؟
تعمد البنوك والشركات إلى عمليات الاندماج لتحقيق قيمة مضافة فارقة لطرفي الصفقة، مما يجعلها في وضع قوة ويفتح لها الباب أمام نهضة مضاعفة عدة مرات من حيث الاستقرار والنمو لكلا الكيانين.
كما تتمثل مزايا الاندماج في توسيع قاعدة الزبائن والتمدد الجغرافي وزيادة رأس المال الذي سيكون أقوى مع تقليل المخاطر والاستفادة من الخبرات الموجودة لدى البنكين. دون نسيان أن أي عملية اندماج ستعطي خيارات أفضل مستقبلاً لعمليات الاستثمار المباشر وغير المباشر التي سيقوم بها الكيان الجديد.
خليجياً، تسعى البنوك الخليجية إلى الاندماج بغرض مواجهة التحديات الجديدة في القطاع المصرفي لاسيما مع تزايد التكاليف لأغراض أمنية، وللتحولات السريعة بدخول الذكاء الاصطناعي الذي يستوجب الاستثمار بصورة كثيفة، دون نسيان ضرورة إيجاد حلول إقراضية لمواصلة النمو.
تجدر الإشارة أن نجاح عملية دمج مصرفي الخليج الأول وأبو ظبي الوطني تحت راية بنك أبوظبي الأول في 2018، والذي صار بموجبها أكبر مؤسسة مالية في الإمارات وأحد أكبر البنوك في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هو ما دفع بنوك المنطقة على السير في نفس المسار لتعزيز قدرتها على المنافسة.
بذلك فإن فوائد الاندماج تتمثل بخلق كيان جديد أكثر قدرة على تمويل المشاريع الكبرى، مع زيادة الكفاءة وتقليل المصاريف التشغيلية والإدارية، وتحقيق حصة سوقية أكبر محلياً مع القدرة على المنافسة عالمياً.
الصيرفة الإسلامية
أما خصوصية التحول للصيرفة الإسلامية، فتشير التقديرات إلى أن قطاع الصيرفة الإسلامية في الكويت نما بوتيرة أسرع من الخدمات المصرفية التقليدية على مدى السنوات القليلة الماضية، ما جعله قطاعاً واعداً يستحق الاستثمار به.
في تقرير لشركة “يو كابيتال” عام 2017، أشار أن “صغر حجم البنوك الإسلامية – وهي جديدة في المنطقة – يعرضها للمزيد من الأضرار ويضطرها للبحث عن طرق مختلفة تمكنها من الصمود والبقاء، وذلك مقابل ضخامة حجم أكبر 4 بنوك تقليدية والتي تغطي أصولها الأصول المجمعة كافة البنوك الإسلامية في دول مجلس التعاون الخليجي”.
لذلك، يرى مختصون أن إنشاء بنوك إسلامية أكبر بات مطلباً ضرورياً لأنها لا تتنافس مع البنوك الإسلامية الأخرى في المنطقة فحسب، بل أيضاً مع عمالقة البنوك التقليدية.
وأضاف تقرير الشركة، أنه في ظل السيناريو الذي يتحدث عن الاقتصاد الكلي الناشئ، وتغيير اللوائح التنظيمية، والتغيير في سلوك المستهلك والديموغرافيات المختلفة، فإن المشهد الجديد للاندماج والاستحواذ سيبقى في المنطقة بقوة، كما ستبقى آثاره بعيدة المدى على المستويين التشغيلي والاستراتيجي.
خصوصية منطقة الخليج والكويت في عمليات الاندماج
أشار محللون إلى أن القطاع المصرفي الخليجي شهد تغيراً جوهرياً خلال الأعوام القليلة الماضية، مشيرين إلى أن عصر النمو القوي الذي استمد زخمه من ارتفاع أسعار النفط قد ولى، مخلفاً وراءه قطاعاً مصرفياً متنوعاً، وقد شهد هذا القطاع موجة من التصريحات والعناوين المتعلقة بعمليات الاندماج والاستحواذ وبيع حصص من مستثمر استراتيجي إلى آخر وغير ذلك الكثير.
تعتبر عمليات الدمج منطقية في الكويت والخليج في الوقت الحالي ناحية حاجة السوق ومتغيراته من جهة ونجاح عمليات الدمج السابقة من ناحية أخرى. حين شهدنا استحواذ بيت التمويل الكويتي على البنك السعودي للاستثمار في أول عملية استحواذ من قِبل بنك كويتي على حصة مؤثرة في بنك سعودي، ومن المتوقع أن عملية الاستحواذ ستخلق قيمة مالية مباشرة للكيان المصرفي الجديد، وبالتالي قدرة أكبر على تمويل المشاريع، وقدرة أكبر على المنافسة.. وفتح الباب على عمليات دمج داخل الكويت نفسها.
كانت البنوك الكويتية تتحدث عن التوسعات الخارجية اللازمة لاستمرار النمو، بخاصة في ظل محدودية السوق الرئيسة التي تعمل بها، حيث المنافسة الشديدة بين عشرة بنوك على حصة مصرفية ليست بالكبيرة، حيث أن الاقتصاد الكويتي يعتمد بنسبة تتجاوز 80 ٪ على إيرادات النفط، وهناك محدودية لزيادة أعداد السكان في ظل فوائض سيولة كبيرة لدى تلك البنوك تحتاج إلى توظيفها.
ذلك كله انعكس على سعي بعض البنوك الكويتية إلى الاندماج من أجل الاستمرار في المنافسة الضخمة التي تؤثر بشكل كبير في البنوك الأصغر حجماً.
تجدر الإشارة أن المنافسة الشديدة بين البنوك تزامنت مع تذبذب أداء الاقتصاد الذي يعتمد على النفط، الذي تنعكس أسعاره على فائض الموازنة والحساب الجاري، وعلى المشاريع الحكومية التي تعتبر المحرك الرئيس للنشاط الاقتصادي.
إيجابيات وسلبيات الاندماج
مع انطلاق عمليات الاندماج في السوق الكويتي والتساؤلات التي فرضها اندماج “بوبيان” مع “الخليج”، درس صانعو سياسة البنوك الكويتية الأخرى والأفرع الأجنبية العاملة في السوق المحلي، نماذج عمل غير تقليدية شبيهة بالتي يعدونها في اختبارات الضغط، على أن تحاكي التحديات المستجدة التي ستطرأ عليهم من نشاط حركة الاندماجات محلياً وآليات مواجهة ذلك تشغيلياً، وأبرزها فجوة الحجم.
يحمل أي اندماج تداخلاً مزدوجاً بين الفرصة والخطر، بالتحديد المصارف الصغيرة التي سيضطر مسؤولوها لبناء إستراتيجيات عمل استثنائية، تمكنهم من مناورة بين أكبر كيانات عملاقة في القطاع مع التغير المحتمل في الحصص السوقية فالجميع سينافس الجميع للمحافظة على النمو والحصص السوقية.
هذا ويشجع كثير من المختصين عملية اندماج جديد تخلق كياناً رئيسياً ثالثاً؛ على اعتبار أن قطاعاً متعدد الأقطاب سيكون مفيداً للجميع، (البنوك المنافسة والعملاء والاقتصاد)، مقارنة ببيئة عمل متجمدة بقطبين فقط، حيث تتضاءل وقتها فرص الاحتكار، ما يعني أن البنوك الصغيرة ومتوسطة الحجم والكبيرة ستستفيد من وجود كيان مصرفي رئيسي ثالث، كونه سيشجعهم على تبني التوسع بتحركات متسارعة قائمة على الابتكار.
البعد المتعلق بالبنوك الصغيرة والمتوسطة
إن نجاح اندماج “بوبيان” و”الخليج” يتوقع أن يشكّل أصولاً مشتركة بقيمة تقارب 16 مليار دينار ستكون هناك 3 كيانات مصرفية رئيسية، من أصل 8 بنوك، تتضمن بجواره بيت التمويل الكويتي “بيتك” الذي تجاوز حجم أصوله بعد الاندماج مع “الأهلي المتحد” 38 مليار دينار، وبنك الكويت الوطني الذي بلغ إجمالي أصوله بنهاية العام الماضي 37.66 مليار دينار، ما يعني أن أصول الكيانات الثلاثة تقارب 90 مليار.
وإذا نظرنا إلى إجمالي موجودات القطاع المصرفي (يقارب 120 ملياراً) تشكل أصول البنوك الثلاثة نحو 75 ٪ من إجمالي موجودات القطاع، ما يعني أن فارق الحجم الشاسع سيكون أحد العوامل الرئيسية التي ستحفز 5 بنوك صغيرة ومتوسطة للبحث عن حلول غير تقليدية للمنافسة.
غالباً، فإن البنوك الصغيرة والمتوسطة، تركز على خدمة العملاء، وقد يكون لديها منتجات وخدمات أقل من التي تكبرها حجماً، حيث عادة تقدم خدمات أكثر تخصيصاً، لتكون أكثر استعداداً للعمل مع العملاء الذين لديهم مواقف مالية خاصة لمتوسطي الدخل ومحدوديه؛ سواء أفراد أو شركات. لذلك تضطر البنوك الصغيرة والمتوسطة أثناء ذلك لتقديم رسوم أقل وأسعار فائدة أفضل على الودائع من الكبيرة، وكذلك في الإقراض، وإن كان ذلك يقلل هامش ربحيتها لكنه يساعدها أقله في جذب عملاء جدد، أو المحافظة على قاعدة العملاء.
وعليه، من بين الخطط للبنوك الصغيرة والمتوسطة؛ النمو عبر التواجد بالأسواق الخارجية أو التوسع، سعياً لإيجاد فرصة إستراتيجية أوسع للنمو والتوسع بعيداً عن تحديات السوق المحلية وتعقيداته المرتقبة بعد كل تلك التطورات.
ومن الخطط الموازية بناء ذخيرة وفيرة من رأس المال لتخفيف الصدمات، ما يتطلب زيادة رأس المال بما يسمح لها بالنمو عضوياً ومن ثم المنافسة المدعومة رأسمالياً، وبالتالي تفادي الصدام في جبهتي التهام البنوك الكبرى لحصصها، والعمل على تعويض تأثر إيراداتها بسبب البيئة التشغيلية الضعيفة أصلاً.
ننبه أن اندماج (بوبيان – الخليج) سيقلل أعداد أفرع الكيانات المندمجة في المناطق السكنية، فبدلاً من واحد لكل منهما حالياً سيكون عليهما الإبقاء على فرع واحد، ما يزيد فرص حضور البنوك الصغيرة والمتوسطة في هذه المناطق التي تعد مراكز منافسة مهمة على العملاء الكويتيين وأيضاً يشكل هذا الانسحاب الاختياري فرصة دخول للبنوك غير المتواجدة في بعض المناطق.
الخاتمة
إن سعي الكيانات المصرفية للمنافسة المأمونة في بيئة اقتصادية دائمة التغير ومحدودة التشغيل نسبياً، خصوصاً إذا استمرت عجلة المشاريع التنموية على وتيرتها المتباطئة، يفرض على مسؤوليها أن يستمروا في الابتكار وتكييف نماذج أعمالهم، لمواجهة مخاطر المنافسة الوجودية التي ستفرض نفسها بالمرحلة المقبلة، ليس مع البنوك الصغيرة والمتوسطة فحسب؛ بل مع الكيانات الثلاثة الكبرى ذاتها التي ستعمل بشكل منفصل، ما يتوقع معه اشتعال المنافسة مصرفياً الفترة المقبلة بأدوات غير تقليدية، أخذاً بالاعتبار أن حجم البنك يمنحه قوة وتأثيراً كبيرين في السوق.
وسيمنح الاندماج فرص تقليل التكلفة التشغيلية لأعلى حد ممكن، والتركيز على الابتكار الرقمي لاستقطاب شرائح العملاء كثيفة العدد. مع زيادة وتيرة التحالفات الخارجية مع الكيانات الإقليمية بما يضمن حصصاً تمويلية مناسبة خارج السوق المحلي. كما سيكون انتشار نموذج الاندماج بين بقية البنوك أحد أدوات الدفاع عن وجودها والتوسع مستقبلاً.
This post has already been read 267 times!