• الهجوم يحمل رسالة مباشرة لإيران بهدف تخويفها وثنيها عن دعم الحوثيين
• ترامب يحذر التصعيد خوفاً من التورط في صراع طويل بالشرق الأوسط
أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليمات يوم السبت الماضي بشن عمليات عسكرية “حاسمة وقوية” ضد جماعة الحوثيين في اليمن، حيث قام الجيش الأمريكي بتنفيذ الضربة في خطوة أعادت خلط الأوراق في جنوب الجزيرة العربية والبحر الأحمر، وتفتح الباب أمام معالجة ملف الحوثيين أمريكياً فيما يبدو.
وتوجهت الضربات الجوية الأمريكية على الأراضي اليمنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، حيث تم تنفيذ غارات جديدة على محافظة صعدة، معقل الحوثيين الرئيسي، كما تم تنفيذ ضربات على محافظة مأرب في الشمال الشرقي من البلاد، تقع جزئياً تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
تفاصيل الهجوم الأمريكي
استهدفت الهجمات أنظمة الرادار والدفاعات الجوية والصواريخ والطائرات المسيرة التابعة للحوثيين، بهدف إعادة فتح الممرات البحرية الدولية في البحر الأحمر.
واستخدمت الضربات طائرات من حاملة الطائرات “هاري ترومان” في البحر الأحمر، بالإضافة إلى طائرات هجومية ومسيرات انطلقت من قواعد إقليمية.
المبررات الأمريكية للضربة
قدّم الرئيس الأمريكي تبريرات عامة للقيام بضرب جماعة الحوثيين في اليمن، حيث اتهم البيان الرسمي من البيت الأبيض الجماعة بتنفيذ “هجمات إرهابية وعمليات قرصنة ضد السفن والطائرات الأمريكية في المنطقة”.
أما عن المحركات للهجوم الأمريكي، فقد أشار الرئيس ترامب إلى أن السفن التجارية الأمريكية لم تستطع الإبحار بأمان عبر الممرات المائية الحيوية في قناة السويس والبحر الأحمر وخليج عدن لأكثر من عام، موضحًا بشكل مباشر أن السفينة الحربية الأمريكية الأخيرة التي حاولت عبور البحر الأحمر تعرضت لأكثر من 12 هجومًا من قبل الحوثيين قبل أربعة أشهر.
ليوضح ترامب أن “الحوثيين تسببوا في شل حركة الشحن في أحد أهم الممرات المائية العالمية، مما أثر سلباً على التجارة الدولية وانتهاك مبدأ حرية الملاحة الذي تعتمد عليه الاقتصادات العالمية”.
أما توقيت الضربة جاء بعد إعلان الحوثيين عن استعدادهم لاستئناف العمليات العسكرية ضد السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر اعتبارا من يوم الثلاثاء، بعد تعليقهم السابق لعمليات استهداف السفن في البحر الأحمر بعد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين الكيان الإسرائيلي وحركة “حماس”، في 19 يناير الماضي. وبعد محاولة إسقاط مقاتلة أمريكية من طراز F-16.
وأفادت التقارير أن أحد القادة الحوثيين البارزين كان مستهدفًا في الضربات الأخيرة.
الرسالة الأمريكية
البيان الرسمي بعث برسالة واضحة أن هناك عهد جديد في التعامل مع الملف الحوثي ضمن استراتيجية التعامل مع الأذرع الإيرانية في المنطقة، حيث وصف ترامب رد إدارة سلفه جو بايدن على تهديدات الحوثيين بأنه “ضعيف بشكل مثير للشفقة”، بشكل سمح للحوثيين بمواصلة هجماتهم دون رادع.. لذلك فواشنطن لن تتهاون في الرد على هجمات الحوثيين، حتى باستخدام قوة ساحقة وقاتلة لتحقيق أهداف الولايات المتحدة. (أعاد ترامب تصنيف الحوثيين كـ”منظمة إرهابية أجنبية”، التصنيف الذي ألغته إدارة بايدن سابقًا).
وأكد الرئيس ترامب، أن القوات الأمريكية بدأت فعليًا في تنفيذ هجمات جوية مكثفة على قواعد الحوثيين وقادتهم ودفاعاتهم الصاروخية، بهدف حماية السفن الأمريكية والأصول الجوية والبحرية، واستعادة حرية الملاحة في المنطقة.
لوم إيران في تمويل ودعم الحوثيين كان واضحًا في بيان ترامب، حيث أشار أنهم استخدموا صواريخ لاستهداف الطائرات الأمريكية وقوات الحلفاء، مما تسبب في خسائر اقتصادية تقدر بمليارات الدولارات وتعريض الأرواح البريئة للخطر.
ثم أرسل تحذيرا صارما إلى الحوثيين قال فيه: “لقد انتهى وقتكم، ويجب أن تتوقف هجماتكم بدء من اليوم. إذا لم تفعلوا ذلك، فسنلقي عليكم الجحيم بشكل غير مسبوق”.. ثم طالب طهران بإيقاف دعم الإرهابيين الحوثيين فوريًا.
نتائج الضربة والرد الحوثي
أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أن الضربات الأميركية أسفرت عن مقتل 31 شخصاً على الأقل وإصابة 101 آخرين في اليمن.
وأصدرت الجماعة بيان موقف بعد الغارات الأمريكية الجديدة على اليمن، أكد فيه الناطق باسم الحركة، أن الغارات الأمريكية على اليمن هي “عدوان سافر” على دولة مستقلة. معتبراً أن “العدوان على اليمن تشجيع لكيان العدو الإسرائيلي لمواصلة حصاره الجائر على غزة”، مشددًا على أن “ما يدعيه الرئيس الأمريكي من خطر يهدد الملاحة الدولية في مضيق باب المندب غير صحيح وفيه تضليل للرأي العام الدولي”.
ليبرر بيان الجماعة أن “الحظر البحري المعلن من قبل اليمن إسنادا لغزة يقتصر فقط على الملاحة الإسرائيلية حتى يتم إدخال المساعدات الإنسانية لأهالي غزة”، في عزف مباشر على وتر الأزمة في غزة.
سيناريوهات المشهد بعد الضربة
أكد مسؤولون أمريكيون أن الضربات قد تستمر لعدة أسابيع، وبشكل متصاعد حسب ردود أفعال الحوثيين، الذين أعلنوا أنهم سيردون على الضربات الأمريكية عبر تكثيف هجماتهم على السفن والمصالح الأمريكية.
وتشير التقارير إلى وجود جملة من الأهداف الأمريكية المحتملة للرد الحوثي على رأسها القواعد الأمريكية في دول المنطقة.
أمريكيًا يتم النقاش حاليًا حول تصعيد الحملة العسكرية لإضعاف سيطرة الحوثيين على شمال اليمن، لكن التقارير تشير إلى تردد ترامب في هذا المسار؛ حيث يخشى الرئيس الأمريكي من التورط في صراع طويل بالشرق الأوسط، بالتوازي مع الضغط الإسرائيلي والأمريكي لتوجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية، ما يعني التخوف من فتح جبهات متعددة.
التقاطعات وتعقيدات المشهد
تحمل الضربات رسالة مباشرة لإيران، بهدف تخويفها وثنيها عن دعم الحوثيين، حيث تدفع إسرائيل بشكل مباشر لضرب إيران، مع ضغط نتنياهو على ترامب لاستغلال ضعف الدفاعات الجوية الإيرانية بعد الضربات الإسرائيلية السابقة.
إلى ذلك تجدر الإشارة أن جماعة الحوثيين هاجمت أكثر من 100 سفينة تجارية وحربية منذ أكتوبر 2023، وهو ما انعكس على حركة التجارة الدولية في تحويل مسارات الشحن عبر رأس الرجاء الصالح.
وللتذكير فهدنة غزة لم تثن الحوثيين عن الهجمات في البحر الأحمر، حيث استأنف الحوثيون الهجمات بعد فرض إسرائيل حصاراً على غزة.
وتبقى الأنظار متوجهة نحو التصعيد الإقليمي المحتمل الذي يحمله أي رد حوثي أو إيراني على تلك الضربات بعد أن تراجعت التهديدات الإقليمية بعد الضربات الإسرائيلية لإيران، في ظل الغموض حول قدرة الضربات الأمريكية على ردع الجماعة.
This post has already been read 192 times!