• قطر قادت وساطات كبيرة وجهود ضخمة لإنجاح اتفاق الهدنة
• أهدف الكيان الصهيوني في غزة لم تتحقق.. وحكومة نتنياهو مهددة
• “حماس” صمدت في مواجهة آلة الحرب المدعومة بالسلاح الغربي
• أهالي القطاع يلتقطون أنفاسهم بعد الجوع والقتل والتهجير
ليس هناك شك بالفرحة الكبيرة التي اجتاحت عموم البلاد العربية بعد نجاح اتفاق الهدنة في غزة نظراً لما حل بالقطاع المحاصر من شتى أنواع القتل والإجرام وتهجير أهله بعد أكثر من 15 شهراً من العدوان الدموي على الشعب الفلسطيني، الذي دمر القطاع وتسبب بنقص حاد في الغذاء، كما خلفت الحرب الصهيونية المجرمة ورائها أكثر من 50 ألف من الشهداء وأكثر من 100 ألف من الجرحى غالبيتهم من الأطفال والنساء وانهيار كامل للبنية التحتية الأمر الذي جعل القطاع غير صالح لأي صورة من صور الحياة الإنسانية.
• صفقة الهدنة
قادت قطر إضافة إلى مصر وساطات كبيرة وجهود ضخمة إضافة للولايات المتحدة الأميركية التي مارست ضغوطاً خاصة للتوصل لصفقة وقف الحرب في غزة بين الكيان الصهيوني وحركة حماس، لتتوج هذه الجهود بإعلان رئيس مجلس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عن نجاح الوساطة بالتوصل إلى اتفاق الهدنة بين الاحتلال وحركة حماس.
وجاء بعد هذا الإعلان القطري مصادقة حكومة الاحتلال على الهدنة وشروطها لتجاوز جميع المعوقات التي كادت أن تودي باتفاق الهدنة وتفشله.
• الأسرى الصهاينة
تقدّر حكومة الاحتلال أن 251 أسيراً تم احتجازهم في عملية 7 أكتوبر 2023، تم إطلاق سراح 116 أسيراً محتجزين في قطاع غزة، بعد اتفاق هدنة لمدة أسبوع في نوفمبر الماضي أدى إلى الإفراج عن 81 أسيراً من النساء والأطفال المحتجزين لدى حماس، مقابل سجناء من النساء والمراهقين الفلسطينيين بسجون الاحتلال، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
أما خارج إطار صفقة، فتم إطلاق سراح 24 مواطناً أجنبياً، لا يحملون الجنسية دولة الاحتلال، كما تم إطلاق سراح أو إنقاذ 11 أسيراً بينهم أميركيان.
وقالت سلطة الاحتلال، إنها استعادت جثث 30 رهينة من قطاع غزة خلال الأشهر الماضية، وهو ما يعني ووفقاً لأحدث الأرقام، أن هناك 71 أسيراً ما زالوا على قيد الحياة في قطاع غزة، فيما تشير أنباء إلى مقتل 64 أسيراً على الأقل.
رغم ذلك، لم يتضح بعد عدد الأسرى الذين لقوا حتفهم في الاحتجاز، وأعمار وأجناس وجنسيات من بقي في غزة.
أما إعلام الاحتلال، فأفاد بأن 109 أسرى لا يزالوا متواجدين حالياً لدى حركة حماس في غزة، وفقاً لصحيفة “يديعوت أحرونوت”.
وأضاف أن 73 منهم على قيد الحياة، بينما ترجح مصادر أجنبية أن عدد الأحياء أقل، لكن لا يقل عن 50 أسيراً.
• الشروط والتفاصيل
انقسم اتفاق الهدنة إلى مراحل ثلاث:
● المرحلة الأولى
تمتد هذه المرحلة من الاتفاق إلى 42 يوماً، تفرج “حماس” خلالها عن 33 من أسرى الاحتلال مقابل إفراج الاحتلال عن أكثر من 1890 أسيراً فلسطينياً لديه، حيث بدأت مع أول أيام الهدنة 19 يناير، وسيكون غالبية الأسرى الفلسطينيين من النساء (في الدفعة الأولى، سيتم الإفراج عن 95 سجيناً فلسطينياً، بينهم 10 مراهقين، مقابل إطلاق سراح ثلاث رهائن مدنيات)، كما ينص الاتفاق على وقف إطلاق نار شامل وانسحاب قوات الاحتلال من المناطق المأهولة في غزة.
● المرحلة الثانية
تبدأ المفاوضات بشأن مرحلة ثانية من الاتفاق بحلول اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى، على أن تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين ووقف إطلاق النار بشكل دائم والانسحاب الكامل لجنود الاحتلال، وتبلغ مدتها 42 يوماً، وتم الاتفاق على أن يطبق فيها إعلان عودة الهدوء المستدام، الذي يشمل الوقف الدائم للعمليات العسكرية والأنشطة العدائية، واستئناف عمليات تبادل المحتجزين والأسرى بين الجانبين، بما في ذلك جميع الرجال الأحياء المتبقين، مقابل عدد يتفق عليه من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، إضافة إلى ذلك تنسحب قوات الاحتلال بالكامل خارج قطاع غزة.
● المرحلة الثالثة
تبلغ مدتها 42 يوماً وتم الاتفاق على أن يطبق فيها تبادل جثامين ورفات الموتى الموجودة لدى الطرفين بعد الوصول لهم والتعرف عليهم، وبدء تنفيذ خطة إعادة إعمار قطاع غزة على مدى 3 إلى 5 سنوات، ويشمل ذلك المنازل والمباني المدنية والبنية التحتية، إضافة إلى تعويض كافة المتضررين، بإشراف عدد من الدول والمنظمات الراعية للاتفاق، بالإضافة إلى فتح جميع المعابر والسماح بحرية حركة الأشخاص والبضائع.
• الوساطة القطرية
لعبت الدوحة دوراً مباشراً في إتمام وإنجاح إقامة هذه الهدنة عبر شهور طويلة ومتعبة من الاجتماعات والضغوط التي مورست لتحقيق اختراقات وصلت لعقد الهدنة.
وحملت الوساطة القطرية تحديات كبيرة للدوحة بداية بما تحملته سمعة البلاد وكذلك حتى العلاقات مع واشنطن التي كانت على المحك، مع احتمالية أن تُحمل واشنطن قطر مسؤولية فشل المفاوضات ما يفقد قطر أهميتها كمفاوض بالنسبة للأمريكيين.
استندت قطر في وساطتها إلى جملة من المحددات على رأسها أنها الأكثر خبرة في ملفات المنطقة، مستفيدة من المراحل العديدة التي مرت بها للوصول إلى ما هي عليه حالياً نتيجة النجاحات والإخفاقات في ظل رؤية حكومية ترغب بلعب دور أكثر قوة في المنطقة.
تكتيك المفاوضات كان ذكياً في الدوحة، حيث دارت النقاشات بين وفود منفصلة من الاحتلال و”حماس” في غرفاً مختلفة في قطر، حينها سهّل المسؤولون القطريون والمصريون الاتصال غير المباشر بين الطرفين ليتم الموضوع بعد شهور طويلة من الانتظار.
• الدور الأمريكي
صرّح الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، إن اتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال وحماس “لا بد” من الانتهاء منه قبل موعد تنصيبه يوم الإثنين 20 يناير، مؤكداً أن مشاركته كانت حاسمة في المفاوضات، ليتهم بذات الوقت الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بأنه لم يفعل شيئاً.
تقاطع المعلومات والتقارير الخاصة يؤكد أن شراكة المبعوثين الأمريكيين بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وستيف ويتكوف، ممثل الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب بالتعاون مع رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إضافة إلى الجهود المصرية، هو ما دفع الصفقة للأمام حيث كان المندوبان الأمريكيان حاسمين في النهاية في دفع نتنياهو للقبول بالصفقة والتوصل لاتفاق، في حين تكلفت الدوحة بإقناع الفلسطينيين.
• البعد الإسرائيلي والانعكاسات الداخلية
أعلن رئيس حكومة الاحتلال، نتنياهو، قبل يوم من بدء سريان الهدنة، أنه: “لن يبدأ اتفاق غزة إلا بعد الحصول على أسماء الأسرى الذين سيفرج عنهم في أول أيام الهدنة”، موضحًا أن “حماس لم تسلم قائمة الرهائن، والاتفاق لن يمضي قدماً” (أتى هذا التصريح قبل أن تكشف حركة حماس عن أسماء الثلاث نساء المفرج عنهم مؤكدة أن التأخير كانت نتيجة أسباب فنية).
لكن نتنياهو أشار أنهم “مصممون على إتمام أهداف الحرب بإعادة المختطفين وتدمير حماس”، وتعهد نتنياهو “باستكمال تنفيذ أهداف الحرب كافة”، مؤكداً أن الرئيسين بايدن وترامب منحاه “دعماً كاملاً” في ذلك.
ليضيف ليلة تطبيق قرار وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن، أن المرحلة الأولى من الاتفاق “هي وقف مؤقت لإطلاق النار”، وشدد أن لإسرائيل “الحق في العودة للقتال إذا تطلب الأمر ذلك”، بمباركة أمريكية مشيرًا في ذات الوقت إلى أن الرئيس المنتخب ترامب “تعهد بالإفراج عن كافة الأسلحة التي علقت في عهد بايدن”.
اللافت أن نتنياهو ركز على محور فيلادلفيا والمنطقة العازلة في غلاف غزة، وقال إن الجيش الإسرائيلي “سيزيد من وجوده فيهما”، نافياً التقارير التي تتحدث عن خروج الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا. وبيَن أن حركة حماس “غيرت موقفها بسبب نجاحنا بعزلها في المعركة”، وقال” “حققنا إنجازات وقمنا بتغيير الصورة في الشرق الأوسط كله وحماس أصبحت وحيدة”.
ليوجه حديثه للداخل الإسرائيلي معتبرًا أن المعركة “لم تنته بعد” وهذا وقت يتطلب الوحدة، وأضاف: “نوضح للعالم بأسره أنه حين يلتحم الشعب الإسرائيلي فلا قوة تكسره”.
بدوره، تعهد زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، بدعم رئيس الوزراء نتنياهو وتوفير “شبكة أمان له” قبل أن يعلن وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير عن استقالته من الحكومة مع حزبه عقب الموافقة على وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة.
ونشر لابيد، زعيم حزب “هناك مستقبل”، على موقع إكس: “أقول لبنيامين نتنياهو، لا تخف أو ترهَب، ستحصل على شبكة الأمان التي تحتاجها لإبرام صفقة الرهائن، هذا أكثر أهمية من أي خلاف حدث بيننا على الإطلاق”.
أما وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش، فأكد من جهته التزام نتنياهو بالسيطرة على قطاع غزة بشكل تدريجي وإبقائها “غير صالحة للسكن”، في ظل خروج مظاهرات وفق بيان لشرطة الاحتلال التي قامت باعتقال ثلاثة متظاهرين بتهمة الإخلال بالنظام العام وإتلاف سيارات كانت تسير على مقربة من تظاهرة معارضة لصفقة الرهائن في القدس، الأربعاء الماضي، ما يعكس حالة الانقسام في الداخل الإسرائيلي.
• كواليس وتعقيدات المفاوضات
لم يكن الوصول إلى النتيجة الحالية بسيطاً لذلك استغرقت هذا الوقت الطويل بدءاً من مفاوضات غير مباشرة عرقلتها قلة الثقة المتبادلة بين مفاوضي الاحتلال ومفاوضي حركة حماس.
أراد الفلسطينيون إنهاء الحرب بشكل كامل قبل إطلاق سراح الرهائن، وهو ما رفضه الجانب الصهيوني، ليتم التوصل إلى وقف إطلاق النار الذي سيوقف الحرب فعلياً أثناء تنفيذه.
لكن التعقيد الفعلي في النظرة المستقبلية وإذا كانت الحرب قد انتهت أم ماذا نظرًا إلى أن أحد الأهداف الرئيسية للاحتلال في الحرب هو تدمير القدرات العسكرية والحكومية لحركة حماس، حيث أضر الاحتلال بقوة الحركة بشكل بالغ، لكن “حماس” لا تزال تتمتع ببعض القدرة على العمل وإعادة تجميع صفوفها.
يضاف لذلك غموض أسماء الرهائن الأحياء أو الذين لقوا حتفهم، أو ما إذا كانت “حماس” تعرف مكان كل أولئك الذين ما زالوا في عداد المفقودين.
أما مطالبات “حماس” بالإفراج عن بعض السجناء الذين يقول الاحتلال إنه لن يطلق سراحهم، تضيف تعقيدًا آخر للملف خصوصًا أن التقارير تشير أن المطلوب يشمل أولئك الذين شاركوا في هجمات السابع من أكتوبر 2023.
بذلك فإن الاختراق جاء على الرغم من سلسلة من التحديات في اللحظة الأخيرة، بما في ذلك مطالبة الاحتلال بتوضيح أسماء السجناء الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم ومحاولة “حماس” القصيرة لإعادة التفاوض على ضوابط الحدود، ليتوصل الطرفان إلى تسوية، بعد مزيج كبير من الضغوط الدولية والإقليمية.
الانتشار العملياتي والعسكري للاحتلال في أرض غزة هو نقطة مفصلية حددت نجاح الهدنة ووقف الحرب من عدمه وهل سيوافق الاحتلال على الانسحاب من المنطقة العازلة بحلول تاريخ معين، أو ما إذا كان وجودها هناك سوف يكون مفتوحاً إلى أجل غير مسمى.
والتجارب السابقة تشير بوضوح إلى أن أي وقف لإطلاق النار هش.. وتم اختراق الاتفاقيات بسبب المناوشات، ثم انهارت في نهاية المطاف، لذلك فإن الجدول الزمني وتعقيد وقف إطلاق النار هذا يعني أنه – بحسب رأي الخبراء- حتى أدنى حادث قد يتحول إلى تهديد كبير.
• تسلسل الأحداث قبل الهدنة
– البداية كانت في 7 أكتوبر 2023، حينها شنّ مئات من المسلحين تقودهم “حماس” هجوماً غير مسبوق على جنوبي الأراضي المحتلة، مقتحمين السياج الحدودي ومستهدفين تجمّعات سُكانية ومراكز شرطة، وقواعد عسكرية. ولقي نحو 1200 شخص مصرعهم فيما اختُطف أكثر من 250 آخرين واقتيدوا إلى غزة، كما أطلقت “حماس” آلاف الصواريخ على الأراضي المحتلة، هذا الهجوم أدى إلى ردّ صهيوني جويّ سريع.
– رد الاحتلال جاء في 27 أكتوبر 2023، من بدء اجتياح غزة برياً، مع تدمير ممنهج لقطاع غزة مع نقص شديد في الغذاء، وسيخلّف أكثر من 50 ألف شهيد – معظمهم من المدنيين.
– 21 نوفمبر 2023، طرفا الصراع يتفقان على وقف إطلاق النار لمدة أربعة أيام، وهذا بدوره يؤدي إلى إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة للاحتلال و200 سجين فلسطيني.
– 1 ديسمبر 2023، استئناف القتال بعد هدنة صمدت سبعة أيام.
– 29 فبراير 2024، مقتل أكثر من 100 فلسطيني في وقت كانوا يتدافعون على شاحنات تحمل مساعدات، وفقاً لوزارة الصحة في القطاع.
– 18 مارس 2024، حذر تقرير مؤيَّد من الأمم المتحدة من مجاعة وشيكة في غزة، التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهي شبكة دولية تحظى بالاحترام، تقول إن 1.1 مليون إنسان -نصف عدد الغزيين- يعانون “انعداماً كارثياً للأمن الغذائي”.
– 2 أبريل 2024، غارة إسرائيلية تقتل سبعة من العاملين في مجال المساعدات الإنسانية، ما دفع المطبخ المركزي العالمي، وهو مؤسسة خيرية دولية، إلى وقف عملياته في غزة، حينها نتنياهو يعترف بأن قوات إسرائيلية ضربتْ “أبرياء”.
– 2 يوليو 2024، تصرّح الأمم المتحدة أن 250 ألف فلسطيني جنوبي قطاع غزة تأثروا بأوامر الإخلاء التي أصدرها جيش الاحتلال.
– 13 يوليو 2024، الاحتلال يعلن مقتل محمد الضيف، القيادي العسكري لدى حماس، في غارة جوية ووزارة الصحة التابعة لحماس في غزة تقول إن الضربة الإسرائيلية خلّفت أكثر من 90 قتيلاً.
– 17 أكتوبر 2024، الاحتلال يقول إن يحيى السنوار، قائد حماس، قُتل بأيدي جنود إسرائيليين في جنوب غزة، ونتنياهو علّق أن ذلك “بداية النهاية” للحرب.
– 21 نوفمبر 2024، قضاة في المحكمة الجنائية الدولية يصدرون مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، إلى جانب القائد العسكري لحماس محمد الضيف.
– 2 ديسمبر 2024، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ينذر بعواقب وخيمة وبـ”جحيم شامل” ما لم يُطلَق سراح الرهائن في غزة قبل عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير 2025.
– 15 يناير 2025، الاحتلال وحماس يتفقان على صفقة لوقف لإطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، بحسب ما أعلن رئيس الوزراء القطري في أعقاب المحادثات في الدوحة.
• الانعكاسات والنتائج
تختلف الآراء بين انتصار غزة وتصريحات نتنياهو وحكومته عن تحقيق أهدافهم ولو بشكل جزئي، ولكن قراءة الموضوع تحتاج تفكيكًا متداخلًا.
الحرب بداية لم تنجح في إنهاء حركة حماس أو تهجير الفلسطينيين من القطاع ما أفشل خطة نتنياهو المؤمن بأساطير خاصة وفق أيديولوجية اليمين المتطرف في تل أبيب.
كما يمكن القول أن “حماس” تأخرت في الهدنة بعد شهور طويلة سقط فيها عشرات الآلاف من الشهداء، وقد عرضت ذات شروط الهدنة قبلًا وفقا لما أعلنته إدارة بايدن ولكن (يبدو أن تهديدات ترامب أدت دورها في كلا الطرفين)
وتجدر الإشارة إلى أن صفقة إطلاق سراح الرهائن كانت مطروحة على الطاولة منذ عام كامل، بحسب التقارير الإسرائيلية، لكن نتنياهو أفشلها مراراً وتكراراً للحفاظ على حكومته وتحالفاتها.
وترى كواليس السياسة في الكيان، أن صفقة الرهائن تقدم فرصة لإعادة تشكيل الحكم في غزة، ولكنها تتطلب تحولاً جذرياً في استراتيجية إسرائيل، لتعطي الأولوية للاستقرار على المدى الطويل على إدامة النظام السياسي الفلسطيني المجزأ، لكن عدم رغبة إسرائيل في تبني مثل هذا البديل، ترى فيه أصوات إسرائيلية أنه بدافع من المقاومة الإيديولوجية وليس الاعتبارات العملية.
استقالة الوزير بن غفير عقب نجاح اتفاق وقف اطلاق النار، تعيد للأذهان دعوة بن غفير، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش للانضمام إليه في إبلاغ نتنياهو بأنه إذا وقع رئيس الوزراء على صفقة إطلاق سراح الرهائن، فسوف ينسحب كل منهما من الحكومة، وحينها اعترف بن غفير: “خلال العام الماضي، نجحنا من خلال قوتنا السياسية في منع هذه الصفقة من المرور، مراراً وتكراراً”.. وبعدها بدأت أصوات معارضة في الداخل الإسرائيلي بأن عودة جميع الرهائن وإنهاء الحرب ليست سوى الخطوة الأولى على الطريق الطويل نحو تعافي إسرائيل من جرائم نتنياهو وعصابته”، وننوه أن (سموتريتش عقد صفقة مع نتنياهو واستمر في الحكومة الصهيونية)
المؤكد أن فرض الهدنة يسقط ذريعة الشرعية التي ادعاها نتنياهو حيث تساوى الطرفان أمام المجتمع الدولي وليس وفق تصريحات نتنياهو السابقة أن حماس وأهل غزة يجب أن يبادوا، خصوصًا مع ما كشفته وسائل إعلام إسرائيلية عن سجناء وصفتهم بأنهم “شخصيات ثقيلة” تطالب حماس بالإفراج عنهم في المرحلتين الثانية والثالثة، مؤكدة أن من الشخصيات الثقيلة التي لن يُفرج عنهم في المرحلة الأولى بينما تصر حماس بأنها ستنجح في الإفراج عنهم خلال المرحلتين الثانية والثالثة، هم؛ عباس السيد وإبراهيم حامد وعبدالله البرغوثي وحسن سلامة.
وجرى ترحيل التفاوض بشأن هؤلاء السجناء إلى المرحلة الثانية، حيث ستتضمن تلك المراحل الحديث عن رهائن إسرائيليين من الجنود والضباط والرجال، و”حماس” ستطالب بالكثير مقابلهم كما تتوقع وسائل الإعلام الإسرائيلية وهو ما سيؤثر على بقاء حكومة نتنياهو نفسها وهو المهدد بتحقيقات قضائية تلاحقه بالسجن لولا حصانته الحكومية، ناهيك عن التغير الضمني المحتمل في الموقف الأمريكي – الذي يحمله قدوم ترامب أساسًا – من دور إسرائيل وتصرفاتها في ظل ترتيب أوراق المنطقة ككل.
This post has already been read 131 times!