أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن تنحيه عن سباق الرئاسة الأمريكية المقبل أمام دونالد ترامب، في نوفمبر تشرين ثاني المقبل، مع دعمه نائبته، كامالا هاريس، في تمثيل الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية.
واعتبر الرئيس بايدن، في تغريدات على منصة “إكس” أنه رغم عزمه السابق على الترشح لولاية أخرى، يعتقد أنه من مصلحة حزبه وبلده أن يتنحى ويركز فقط على أداء مهامه الرئاسية خلال الفترة المتبقية من ولايته. ليعلن بايدن: “أقدم دعمي وتأييدي الكاملين لهاريس لتكون مرشحة حزبنا”، كما طالب أنصاره بالتبرع لحملة هاريس.
محركات قرار بايدن
يعتبر قرار بايدن مفاجئاً في توقيته رغم أن السياق كان يؤكد وبقوة احتمالية تنحيه، وهو قرار غير مسبوق يقوم به رئيس أمريكي منذ عقود، بل إنه يغاير حتى تنحي الرئيس جونسون عام 1968 بعد تراجع شعبيته نتيجة حرب فيتنام، حيث تنحى قبل خوض الترشيحات أساساً في حين تمسك بايدن بداية بالترشح وظل بايدن يقاوم الضغوط، ويرفض الانسحاب، ويدافع عن حقه في الترشح باعتباره الأكثر قدرة على هزيمة ترامب كما فعل في العام 2020، ليعلن زلزاله الانتخابي قبل مؤتمر الحزب الديمقراطي المنتظر في شهر أغسطس آب المقبل، ويتنحى عن الترشح ويدعم كامالا هاريس.
شبكة “CNN” أكدت بنقلها عن مسؤول كبير في البيت الأبيض، أن قرار بايدن بالانسحاب من الانتخابات لم يكن له علاقة بأي مشاكل صحية.. في حين قال زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس النواب الأميركي حكيم جيفريز: “نريد العمل للفوز بالرئاسة واستعادة الأغلبية في المجلس”.
تلك التقاطعات تؤكد مدى الحرج الذي وقع فيه الحزب الديمقراطي الذي بدت قياداته تستشعر الخطر بخسارة الانتخابات لا سيما بعد المناظرة الرئاسية مع بايدن، التي تسببت بارتفاع حدة الأصوات المطالبة بانسحاب بايدن.
وخلال الأيام الماضية، تصاعدت هذه الدعوات لتشمل عشرات المشرعين الديمقراطيين، وعدداً من كبار الساسة في الحزب الديمقراطي، وجمعاً من الصحفيين وكتاب أعمدة الرأي، ثم جاءت محاولة الاغتيال لتعزز فرص واحتمالات نجاح ترامب ما استدعى رفع الضغط الديمقراطي على بايدن لعدم الترشح.
مستشار حملة بايدن قال، إنه “لم يكن مُتشبثاً” أي الرئيس بايدن، لكنه كان يدرس جميع البيانات الواردة وأصبح مقتنعاً بأنه سيبعد احتمالية الفوز، وسيكون مصدر إلهاء وتعقيد لهزيمة منافسه دونالد ترامب.
ماذا بعد انسحاب بايدن؟
أكد المرشح الجمهوري دونالد ترامب لشبكة “CNN” في أول تصريح له بعد إعلان منافسه الانسحاب، أنه يعتقد أن “هزيمة كامالا هاريس ستكون أسهل من هزيمة بايدن”.
كما ذكرت شبكة “ABC” عن مصدر مطلع أن كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي بدأت بالفعل حملتها الرئاسية وأجرت عدة اتصالات لجمع التبرعات، لتؤكد صحيفة “نيويورك تايمز”، أن حملة الديمقراطيين للرئاسة تلقت تبرعات تتجاوز 30 مليون دولار اليوم بعد انسحاب بايدن.
مشهد ما بعد انسحاب بايدن – الفرص والتحديات
يمنح انسحاب بايدن من الترشح للانتخابات، حزبه الديمقراطي فرصة لاستعادة بعض الألق والحيوية في حملتهم الانتخابية المتراجعة في الفترة الماضية.
ورغم أن الحزب الديمقراطي لم يحسم قراره حتى الآن بشأن مرشحه لخلافة بايدن، فإن ترشيح هاريس بات مرجحاً بعد دعم بايدن لها، ومع محدودية الفترة الزمنية الباقية للانتخابات، كما أن وجودها في دائرة القرار والأضواء منذ سنوات يجعل فرصها داخل حزبها الديمقراطي أكثر من غيرها من الخيارات الأخرى.
ويحمل انسحاب بايدن فرصة لترامب وفي ذات الوقت مأزقًا، وهذا يفسر مسارعة ترامب إلى التأكيد على أن هزيمة هاريس ستكون أسهل عليه من هزيمة بايدن، ويكمن التحدي أمام ترامب وحملته أنه سيفقد أهم ورقة بنى عليها حملته الانتخابية وهي عدم أهلية بايدن وضعف قدراته الإدراكية.
لكن اختيار كامالا هاريس يحمل ضغوطًا وتحديات من جهة وفرص محتملة من جهة أخرى، حيث يُرجح أن تواجه هاريس ذات الأصل الإفريقي الآسيوي، صعوبات داخل حزبها نفسه مع عدم وجود إجماع على ترشيحها حتى الآن. (مؤتمر الحزب العام في شهر أغسطس آب المقبل).
تُنتقد هاريس بالأداء الضعيف فترة توليها نيابة الرئيس دون نسيان تاريخها المرتبط بقضايا التميز العنصري والجنسي (النوع) وهي قضايا حساسة بالنسبة للشارع الأمريكي حاليًا.
لكن تملك هاريس بعض نقاط التفوق على ترامب، فهي أصغر عمرًا من ترامب بـ 20 عاماً، وتتعادل معه في أحدث استطلاعات الرأي بحصول كل منهما على تأييد 44% من الناخبين، في حين تقدم ترامب على بايدن بواقع 43% مقابل 41% في الاستطلاع نفسه.
ومع انسحاب بايدن من سباق الرئاسة، بدأت أصوات جديدة -ديمقراطية وجمهورية- بمطالبة بايدن بالاستقالة من الرئاسة نفسها، ونقل موقع “أكسيوس” الإخباري الأميركي، أن الحزب الجمهوري يعمل على جمع أدلة تدعم حجته التي تزعم أن أي تراجع للرئيس الأميركي جو بايدن عن الترشح للرئاسة لا يكفي، بل إنه لم يعد “لائقا عقليا” لإدارة البلاد في الشهور الستة التي تسبق الانتخابات في نوفمبر تشرين الثاني المقبل.
كما أشار الموقع الإخباري إلى أن المرشح لعضوية مجلس الشيوخ في ولاية أوهايو، بيرني مورينو، أصدر بيانًا دعا فيه بايدن رسميًا إلى الاستقالة من الرئاسة لأن وجوده المستمر في غرفة العمليات يمثل تهديدا للأمن القومي الأميركي.
This post has already been read 88 times!