• تلبي التوجه الدستوري لتنظيم محاكمة الوزراء عن جرائم تقع منهم في تأدية أعمال وظائفهم
• وزارة العدل رفضت مقترحات الإلغاء: المحكمة ليست تمييزاً لشخوص الوزراء
تلبية للتوجه الدستوري بإصدار قانون خاص يحدد الجرائم التي تقع من الوزراء في تأدية أعمال وظائفهم ويبين إجراءات اتهامهم ومحاكمتهم والجهة المختصة بهذه المحاكمة، ورغبة في استكمال القوانين الأساسية في البلاد، وحتى تتحدد المسؤولية الجزائية لمجموعة الوزراء الذين استودعوا أمانة المسؤولية واعتلى كل منهم قمة الهرم الوظيفي في موقعه، كانت الحاجة إلى تأسيس محكمة مختصة لنظر ما يقع من الوزراء من أفعال أو جرائم عادية وما يترتب على أعمالهم من مسؤولية مدنية.
ولما فوض الدستور، القانون في تنظيم محاكمة الوزراء عن جرائم تقع منهم في تأدية أعمال وظائفهم، وناط الدستور بالقانون تحديد هذه الجرائم، ووضع إجراءات خاصة بهم في مجال التحقيق والاتهام والمحاكمة والجهة المختصة بنظر هذه المحاكمة، وذلك ليس تمييزاً لشخوصهم، ولكن لطبيعة ما يشغلونه من مناصب وزارية، فهم يمثلون السلطة التنفيذية، ويأتون على رأس الأجهزة التنفيذية والإدارية في الدولة.
وعليه عمل المشرع على إيجاد قانون تسري أحكامه على كل وزیر عضوا في مجلس الوزراء في شأن ما يقع منه من جرائم حتى ولو ترك الوزير وظيفته بعد وقوع الجريمة لأي سبب، سواء بصورة نهائية أو بتوليه مهام وزارة أخرى أو كان وقت وقوع الجريمة وزیرا بالإنابة فيها.
• صدور القانون
صدر القانون رقم 88 لسنة 1995 بشأن محاكمة الوزراء امتثالا لأمر المشرع الدستوري، الذي نص في المادة 132 من الدستور على أن «يحدد قانون خاص الجرائم التي تقع من الوزراء في تأدية أعمال وظائفهم، ويبين إجراءات اتهامهم ومحاكمتهم والجهة المختصة بهذه المحاكمة، وذلك دون إخلال بتطبيق القوانين الأخرى بشأن ما يقع منهم من أفعال أو جرائم عادية وما يترتب على أعمالهم من مسئولية مدنية».
وتسري أحكام القانون على كل وزير عضوا في مجلس الوزراء في شأن ما يقع منه من جرائم حتى ولو ترك الوزير وظيفته بعد وقوع الجريمة لأي سبب، سواء بصورة نهائية أو بتوليه مهام وزارة أخرى أو كان وقت وقوع الجريمة وزيرا بالإنابة فيها.
• إجراءات المحاكمة
تشكل لجنة تحقيق من ثلاثة من المستشارين الكويتيين بمحكمة الاستئناف، تختارهم الجمعية العامة للمحكمة لمدة سنتين، وتختص هذه اللجنة دون غيرها، بفحص البلاغات التي تقدم مكتوبة وموقعة إلى النائب العام وحده، ويجب إحالة البلاغ إلى اللجنة، في خلال يومين على الأكثر.
تتولى اللجنة بصفة سرية، بحث مدى جدية البلاغ، ويجب عليها فور وصول البلاغ إليها، وإخطار الوزير ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الأمة بذلك.
تخطر اللجنة النائب العام كتابة بالموعد المحدد لبدء التحقيق قبل وقت كاف وعليه أو من ينيبه من المحامين العامين الكويتيين أن يحضر جلسات التحقيق، وله أن يبدي ما يراه من طلبات.
ويجب لصحة الأمر الصادر بالقبض على الوزير أو بحبسه احتياطيا أو بتفتيش شخصه أو مسكنه أو بمنعه من السفر أو بأي إجراء تحفظي آخر، أن يكون صادرا من اللجنة مجتمعة حتى ولو باشر التحقيق واحد أو أكثر من أعضائها.
ويجب رفع الحصانة النيابية قبل اتخاذ أي إجراء جزائي ضد الوزير، ويعتبر الوزير في إجازة حتمية بمرتب كامل من تاريخ إبلاغه بقرار المحكمة بالموافقة على طلب لجنة التحقيق بذلك وعلى اللجنة إخطار الوزير كتابة بقرار المحكمة خلال 48 ساعة من يوم صدوره على الأكثر، ولا تنتهي الإجازة إلا بصدور الحكم في الدعوى باتاً أو بصدور أمر بحفظها أو انقضائها لأي سبب قبل صدور الحكم فيها.
على اللجنة بعد تمام التحقيق، إذا تبين لها أن هناك جريمة، وأن الأدلة كافية، أن تعد قرار الاتهام وقائمة بأدلة الثبوت بالنسبة للوزير وأي فاعلين آخرين وشركاء، وأن تأمر بإحالة القضية إلى محكمة خاصة تشكل من 5 مستشارين كويتيين بمحكمة الاستئناف دون غيرهم، تختارهم الجمعية العامة للمحكمة لمدة سنتين، كما تختار اثنين آخرين كعضوين احتياطيين لإكمال تشكيل المحكمة في حالة غياب أحد الأعضاء الأصليين.
أما إذا أسفر التحقيق عن عدم وجود جريمة أو أن الوقائع المنسوبة للوزير لا صحة لها أو أن الأدلة عليها غير كافية، أمرت بحفظ التحقيق بقرار مسبب.
وفي جميع الأحوال، يجب إخطار النائب العام فوراً بنتيجة التصرف، وموافاته بصورة من الأوراق والتحقيقات التي تمت.
وعلى النائب العام، إعلان الوزير بصورة من قرار الاتهام وقائمة أدلة الثبوت قبل بدء المحاكمة بعشرة أيام على الأقل، وإعلان شهود الإثبات بالجلسة المحددة أو إعلانه بأمر الحفظ بحسب الأحوال.
كما يجب إخطار رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الأمة بصورة من قرار الاتهام وقائمة الأدلة الثبوت أو الأمر الصادر من اللجنة في خلال 48 ساعة من يوم صدوره.
وتنعقد المحكمة، بمقر محكمة الاستئناف، ويحدد رئيسها موعد بدء المحاكمة على أن يكون ذلك خلال 30 يوماً على الأكثر، من تاريخ وصول الأوراق إليه.
ويباشر النائب العام أو من يرى الاستعانة به من أعضاء النيابة العامة مهمة الادعاء أمام المحكمة.
وتتولى إدارة كتاب محكمة الاستئناف، القيام بأعمال إدارة كتاب هذه المحكمة، وإذا قررت المحكمة نظر الدعوى في جلسة سرية، فلا يسري ذلك على المتهم ومحاميه، وإذا لم يوكل المتهم محامياً، ندبت المحكمة له محام للدفاع عنه.
وتكون الأحكام الصادرة من المحكمة المشكلة غير قابلة للطعن فيها إلا بطريق التمييز، ومع ذلك، إذا صدر الحكم غيابياً، فتجوز المعارضة فيه أمام المحكمة ذاتها بالإجراءات المعتادة المنصوص عليها في قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية.
• مطالبات بالإلغاء
خلال مسيرة محكمة الوزراء، تقدم نواب باقتراحات نيابية سواء بإلغاء المحكمة بالكلية أو بتعديلات على قانونها، معللين ذلك بأن تمييز فئة بعينها في جانب المحاكمات يعد تمييزاً يخالف المساواة التي نص عليها الدستور.
واستند مقدمو الاقتراحات إلى عدم جواز اختصاص فئة بعينها بإجراءات جزائية وقضائية خاصة، وأن الوظيفة العامة تعتبر خدمة وطنية ويجب ألا يكون هناك تمييز للعاملين فيها عن غيرهم بتشريع محاكمة جزائية خاصة وصياغة قانون خاص يتضمن إجـراءات استثنائية لمحاكمتهم.
ونص أحد المقترحات المقدمة على أن تشكل لجنة بمرسوم من مجلس الوزراء تتولى متابعة المطالبات المالية التي تضم أياً من الوزراء السابقين أو الحاليين والمشتركين معهم، وإجراءات استردادها بالدول المختلفة، على أن توافي مجلس الأمة ومجلس الوزراء بتقرير دوري كل ثلاثة أشهر بنتائج استرداد الأموال.
في حين أجمع عدد من الخبراء الدستوريين أن المقترح النيابي بإلغاء قانون محكمة الوزراء يخالف نصوص الدستور، مؤكدين أن مبدأ سمو الدستور على التشريعات يقتضي وجوب احترام المشرع وضرورة
تقيُّد التشريعات بالنصوص الدستورية وعدم مخالفتها وإلا اتسمت بعدم الدستورية.
ولفت الخبراء إلى أن القانون يساوي بين الوزراء وغيرهم في الجرائم والتجاوزات، لكن هناك جرائم مرتبطة بالوظيفة العامة التي يشغلها كل وزير.
وأوضحوا أن محكمة الوزراء تضمن سرعة الفصل في القضايا التي لا تحتمل التأخير، وقد بين القانون إجراءات اتهام الوزراء وطريقة محاكمتهم والجهة المختصة بهذه المحاكمة، وذلك من دون إخلال بتطبيق القوانين الأخرى بشأن ما يقع منهم من أفعال أو جرائم عادية وما يترتب على أعمالهم من مسؤولية مدنية.
إلا أن وزارة العدل رفضت تلك المقترحات لإلغاء المحكمة منعاً للشكاوى الكيدية وتفادياً لبطء الإجراءات، مضيفة في معرض رفضها للاقتراحات أن المحكمة ليست تمييزاً لشخوص الوزراء، ولكن لطبيعة ما يشغلونه من مناصب وزارية.
• أول وآخر حكم
لأول مرة في الكويت، قررت محكمة الوزراء يوم الثلاثاء 13 أبريل 2021، حبس رئيس الوزراء السابق الشيخ جابر المبارك الصباح احتياطياً على ذمة التحقيقات معه في شبهات “فساد” جرت قبل سنوات في صندوق مالي تابع للجيش عرف إعلامياً بـ”صندوق الجيش”، ليكون أول رئيس وزراء كويتي، سواء في المنصب أو خارجه، يُحبس احتياطيا على ذمة قضية.
بينما صدر آخر حكم بتاريخ 21 نوفمبر 2023، عندما قضت محكمة الوزراء بحبس الوزير السابق مبارك العرو وآخرين 7 سنوات مع الشغل والنفاذ عن تهمة الحصول على منفعة من خلال توقيع عقد مع شركة.
This post has already been read 230 times!