• الاحتلال يصعّد بغارة جوية تستهدف قادة حماس في قلب الدوحة
• انتهاك السيادة القطرية يثير غضباً خليجياً وعربياً ودولياً
• فشل محاولة اغتيال قيادات حماس رغم الخسائر البشرية في الدوحة
• تحرك قانوني قطري: ملاحقة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية
شهدت العاصمة القطرية الدوحة حدثاً استثنائياً يُعد انتهاكاً صارخاً للسيادة الوطنية، حيث شنت إسرائيل ضربة جوية استهدفت مقراً سكنياً يقطنه قادة سياسيون من حركة حماس، التي تُعد ضيفاً رسمياً في قطر منذ 2012، هذه الضربة، التي أسفرت عن مقتل ستة أشخاص حسبما ذكرت عدة مصادر، لم تكن مجرد عملية عسكرية، بل محاولة واضحة لتقويض جهود السلام التي تقودها قطر كوسيط رئيسي في النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، يأتي هذا التقرير ليكشف الأبعاد السياسية والأمنية لهذه الضربة، مع التركيز على صمود قطر وقدرتها على التعامل مع الوضع.

تفاصيل الضربة
أعلن الجيش الإسرائيلي، بالتعاون مع جهاز الشاباك، عن تنفيذ “غارة دقيقة” باستخدام 15 طائرة مقاتلة أسقطت 10 قذائف على مجمع سكني بالدوحة، الاستهداف كان ضد قادة حماس الذين كانوا يجتمعون لمناقشة اقتراح وقف إطلاق النار المدعوم من الولايات المتحدة، الذي يتضمن إطلاق سراح الرهائن مقابل إفراج عن فلسطينيين، وفقاً لحماس، فشلت المحاولة في اغتيال القيادة العليا، لكنها أودت بحياة خمسة من أعضاء الحركة، بما في ذلك مدير مكتب الحية جهاد لبد، بالإضافة إلى الضابط القطري. أكدت وزارة الداخلية القطرية أن الوضع تحت السيطرة، مع عمل فرق متخصصة في الموقع، وأن الضربة أصابت مدنيين أيضاً، مما يعكس عدم الدقة المزعومة للعملية.

الأبعاد السياسية والأمنية
تمثل هذه الضربة انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي، حيث اعتبرتها قطر “عدواناً سافراً” و”إرهاب دولة”، كما وصفها رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مؤتمر صحفي، أبعادها السياسية تكشف عن محاولة إسرائيلية لتوسيع نطاق حربها إلى الدول الخليجية، مما يهدد الاستقرار الإقليمي، قطر، كوسيط رئيسي استضافت مكتب حماس بناءً على طلب أمريكي، ونجحت في تسهيل إطلاق سراح عشرات الرهائن منذ أكتوبر 2023، مما يجعلها هدفاً لإسرائيل التي ترى في دورها تهديداً لسياساتها العدوانية.

أمنياً، أثارت الضربة مخاوف حول سلامة قاعدة العديد الجوية الأمريكية في قطر، التي تضم آلاف الجنود، خاصة بعد هجمات إيرانية سابقة عليها في يونيو 2025، الضربة لم تُبلغ عنها الولايات المتحدة مسبقاً بشكل كافٍ، كما نفت قطر تلقي إشعاراً، مما يعكس غياب التنسيق ويضعف الثقة في التحالفات الغربية.
دولياً، أثارت إدانات واسعة: الأمم المتحدة وصفتها بانتهاك للسيادة، والسعودية والإمارات أدانتا “العدوان الغاشم”، بينما حذرت ماليزيا من “ازدراء إسرائيل للدبلوماسية”، حتى الولايات المتحدة، عبر الرئيس ترامب، أعربت عن “عدم الرضا”، مشيرة إلى أنها “لا تخدم أهداف إسرائيل أو أمريكا”.
هذه الأبعاد تكشف عن استراتيجية إسرائيلية لفرض واقع جديد، لكنها في الواقع تعزز عزلة تل أبيب وتؤكد دور قطر كقوة استقرار إقليمي.
صمود قطر وقدراتها
أمام هذا التحدي، أظهرت قطر رد فعل حازماً يعكس قوتها الدبلوماسية والأمنية. أولاً، أكد الشيخ محمد بن عبد الرحمن أن قطر “لن تتهاون مع أي عمل يستهدف أمنها وسيادتها”، وشكلت فريقاً قانونياً لمحاسبة إسرائيل أمام المحاكم الدولية، بما في ذلك محكمة العدل الدولية، لانتهاكها اتفاقيات جنيف والقانون الدولي. ثانياً، أعلنت قطر استمرار المفاوضات رغم الضربة، ويحافظ على مصداقيتها العالمية، هذا النهج يعزز من تحالفاتها مع الولايات المتحدة، التي تعهدت بتعزيز الاتفاق الدفاعي مع قطر، ومع دول الخليج التي أبدت تضامناً كاملاً عبر مجلس التعاون الخليجي.
أمنياً، عززت قطر دفاعاتها الجوية، مستفيدة من خبرتها في صد الهجمات الإيرانية السابقة، وأجرت تحقيقات عاجلة لتقييم الأضرار.
سياسياً، دعت إلى “رد إقليمي موحد”، مما يفتح الباب لتعزيز الوحدة العربية والإسلامية ضد الانتهاكات الإسرائيلية، هذا التعامل المتوازن يحول الضربة من كارثة إلى فرصة لتعزيز مكانة قطر كقائد دبلوماسي، حيث أشادت الأمم المتحدة بدورها “الإيجابي في تحقيق وقف إطلاق النار وإطلاق الرهائن”.
الضربة الصهيونية على قطر ليست مجرد حدث عابر، بل محاولة لزعزعة الاستقرار الإقليمي، لكنها فشلت في كسر إرادة الدوحة. بفضل سياستها الحكيمة، أثبتت قطر أنها قادرة على مواجهة التحديات، محافظة على دورها في السلام وتعزيز تحالفاتها، هذا الصمود يرسل رسالة قوية: قطر ليست هدفاً سهلاً، بل شريك أساسي في بناء عالم أكثر عدلاً.

This post has already been read 452 times!

